أبوبكر أحمد ولي

الكوتشنج: التحول نحو بيئة مدرسية ملهمة وفعالة

الأحد - 31 أغسطس 2025

Sun - 31 Aug 2025



المدرسة هي أحد المكونات الأساسية في المنظومة التعليمية. تهدف إلى تحقيق سياسة ورؤية وأهداف التعليم من خلال قيادة مدرسية فعالة ومعلمين متخصصين. تقوم المدرسة بتنفيذ عمليات التعليم والتعلم وفق برامج تعليمية منظمة. مما يسهم في تطوير مهارات الطلبة التعليمية والاجتماعية، وتعزيز قدرتهم على التفكير النقدي والإبداعي، في بيئة داعمة ومحفزة للتعلم. والمقصود بالقيادة المدرسية الفعالة هنا: هي التي تمتلك الكفايات اللازمة لتحقيق الأهداف التعليمية المرجوة بكفاءة وفعالية بما يفوق التوقعات. ومن أهم الكفيات التي يجب أن تمتلكها القيادة المدرسية الفعالة على سبيل المثال لا الحصر مهارات التحسين والتطوير ومهارة التواصل الفعال والذكاء العاطفي والمجتمعي والتخطيط والمراقبة والقياس ورصد الفجوات وأضيف هنا «الكوتشنج» لكونه من مهارات التحسين والتطوير الأساسية الداعم للقيادة المدرسية لتحسين الإجراءات وردم الفجوات في الأداء بهدف تحسين نواتج التعلم.

والكوتشنج هو عملية التوجيه والتطوير الشخصي لتحسين مستوى أداء فرق العمل بهدف تحسين مستوى الكفايات العملية وتوجيهها نحو التنمية المستدامة لتحقيق رؤية وأهداف المؤسسة التعليمية. تنفذ هذه الإجراءات وفق استراتيجية شاملة، وثقافة مؤسسية. وقبل أن ننطلق في تفكيرنا المكتوب، أذكر بأن الاستراتيجية هي الأساليب التي تتخذها المدرسة لاستثمار مواردها لقيادة العمليات التعليمية والإدارية لإنجاز الأهداف التعليمية المرجوة في كل مرحلة دراسية.

وللتركيز أكثر على عنوان هذا المقال، أحتاج الإجابة عن السؤال التالي: «هل الكوتشنج ثقافة أم أداة أم مهارة؟!» الكوتشنج كثقافة يندرج ضمن ثقافة المدرسة المتعلمة الداعمة للتعلم المستمر وتبادل الخبرات والبحث والتطوير ضمن الممارسات اليومية أو الدورية، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مجتمعات التعلم المهنية واللقاءات والندوات التخصصية التي تنفذها المدرسة ضمن خطتها لتبادل المعرفة وبنائها وتوفيرها وتطبيقها. أما الكوتشنج كأداة فيعتبر ضمن أدوات التحسين والتطوير طويل الأمد، ويدرج ضمن الممكنات القيادية لرفع مستوى كفاءة وفعالية وجودة العمليات التعليمية. كما يعتبر الكوتشنج مهارة من مهارات القيادة التحويلية المحفزة بالتواصل الفعال والذكاء العاطفي والمجتمعي. وقد أشار بيتر دراكر إلى أهمية الكوتشنج في تطوير القادة والموظفين، ويرى أن الكوتشنج يساعد في تعزيز نقاط القوة، وتحفيز التفكير الاستراتيجي، وتحقيق الأهداف. وقال جولدن سميث، أحد أشهر المدربين التنفيذيين في العالم، فيما معناه أنه - أي الكوتشنج - يسهم في تحسين الأداء من خلال التركيز على تغيير الممارسات غير الفعالة واكتساب ممارسات جديدة تساعد على النجاح.

لا شك أن كثيرا من القيادات المدرسية ينفذ عمليات الكوتشنج ضمن بعض المواقف التعليمية المدرسية لعلاج بعض المشكلات الطارئة ضمن إجراءات اليوم الدراسي. إلا أن الكوتشنج بمفهومه العام كما يذكر في أدبيات الإدارة لم يعد يقتصر على إلقاء بعض التوجيهات وتنفيذ بعض البرامج لعلاج المشكلات الطارئة، بل أصبح أداة تطويرية تدعم القيادات المدرسية للتهيئة والتمكين ورفع مستوى الدافعية لدى المعلمين والموظفين للإنجاز الأفضل. وترتكز عملية تطبيق الكوتشنج لضمان فعالية الجلسات وتحقيق نتائج عالية على عدة مبادئ منها: بناء الأهداف وتحديد معايير النجاح، والتواصل الفعال ويشمل تقديم التغذية الراجعة البناءة، وبناء الثقة والاحترام المتبادل، والتعلم المستمر، والتكيف والمرونة، والتحفيز والاحتفال.

الكوتشنج من مهارات القرن الحادي والعشرين التي تندرج ضمن مهارات القيادة والتواصل الفعال والتكيف مع متغيرات بيئة العمل. بالكوتشنج - بعد توفيق الله - نستطيع التغلب على التحديات وبناء القدرات الشخصية والمهنية وفق احتياجات كل معلم أو موظف بطريقة سهلة وغير مكلفة وذات جودة.

ونظرا لما سبق ولأهمية الكوتشنج في بناء بيئة عمل إيجابية وتعزيز التعاون والتكامل، وتحفيز روح المبادرة والابتكار. ونظرا لفعاليته في قيادة الأداء وتوجيهه نحو تحقيق رؤية وأهداف المدرسة، أرى أنه يستحق الاهتمام به ليكون جزءا من الخطة التطويرية للمدرسة عبر تقديم برامج تدريبية متخصصة تركز على إكساب القيادة المدرسية والمشرف المقيم والمعلمين والإداريين تقنيات الكوتشنج الفعالة، مثل الاستماع الجيد، وطرح الأسئلة، والقياس واقتناص فرص التحسين، وتقديم التغذية الراجعة. علما أن الكوتشنج ليس تعليما مباشرا، بل تحفيز للتعلم.