محمد إدريس

المطاعم.. ما وراء الأبواب المغلقة

الثلاثاء - 26 أغسطس 2025

Tue - 26 Aug 2025

المطاعم اليوم ليست مجرد طاولات وأطباق، بل صارت ركنا أساسيا في حياة الناس، لكن خلف هذه الصورة البراقة، ثمة تفاصيل صغيرة قد تحدد الفرق بين وجبة شهية وذكرى سيئة.
ما يحدث خلف الأبواب المعدنية لا يراه الزبون: أوانٍ تغسل على عجل، أدوات تنتقل من مهمة إلى أخرى دون تعقيم، وخضار تختلط باللحوم في اللحظة ذاتها، هذه التفاصيل هي التي تصنع الفارق الحقيقي، وهي التي قد تفسر كثيرا من حالات التسمم الغذائي.
والمفارقة أن المستهلك غالبا ما يكتفي بما يراه أمامه: صالة نظيفة، كراسي مرتبة، وإضاءة أنيقة، بينما يظن أن هذه الواجهة تكفي لتمنحه الطمأنينة. غير أن الحقيقة أن هذه المظاهر ليست ضمانا للسلامة، بل مجرد غطاء قد يخفي وراءه ممارسات غير صحية.
من جهة أخرى، لا بد أن نُقر أن ثقافة التهاون عند بعض المستهلكين تشجع على استمرار هذه الممارسات؛ فحين نتجاوز عن خطأ صغير أو نتساهل في شكوى مشروعة، فإننا نرسل رسالة ضمنية مفادها أن الأمر لا يستحق الاهتمام، ليصبح الإهمال عادة لا استثناء.
صحيح أن الجهات الرقابية تقوم بدورها في متابعة المطاعم، لكن لا يمكن للرقابة أن ترافق كل طبق حتى يصل إلى الطاولة. المسؤولية هنا مشتركة: صاحب المطعم الذي يحترم عمله، والعامل الذي يؤدي واجبه بضمير، والمستهلك الذي يطالب بحقه ولا يقبل التهاون.
ثقافة المجتمع نفسها تحتاج أن تتطور؛ فالتغاضي عن التفاصيل الصغيرة يجعل الخطأ أمرا عاديا، بينما الوقوف عندها مبكرا يمنع مشكلات أكبر. هذه ليست مسؤولية قانونية فحسب، بل ثقافة سلوك يومي يجب أن يتبناها الجميع.
نقطة تحت السطر:
النظافة الحقيقية لا تُعرض في الواجهة، بل تُمارس في الخفاء.