وليد سعد الشهري

الاستدامة الذكية: حين تتنفس المدينة بوعي

الأحد - 24 أغسطس 2025

Sun - 24 Aug 2025



هل يمكن للمدينة أن تتنفس؟ نعم... المدن تتنفس، من خلال هوائها، وشوارعها، وأنظمتها، ومواردها.

لكن السؤال الأهم: هل تتنفس بوعي؟ أم أنها تختنق بلا أن تشعر؟

في عالم يعاني من تغير مناخي متسارع، ونمو حضري غير متوازن، أصبحت الاستدامة ضرورة لا ترفا.

لكن في المدن الذكية، لم تعد الاستدامة مجرد مبادئ بيئية... بل نظم رقمية ذكية تقيس وتراقب وتعالج.

الاستدامة الذكية هي تلك التي تدار بالمعلومة، وتبنى على التوقع، وتفعل عبر التكنولوجيا، لتجعل المدينة أكثر كفاءة، وأكثر لطفا مع بيئتها وسكانها.

ما الذي يجعل الاستدامة «ذكية»؟

أولا: القياس في الزمن الحقيقي: حساسات جودة الهواء، وعدادات استهلاك المياه، وأجهزة مراقبة التلوث الضوضائي... كلها تمكننا من معرفة الوضع البيئي لحظة بلحظة، واتخاذ القرار فورا.

ثانيا: النماذج التنبؤية: بواسطة الذكاء الاصطناعي، يمكن للمدينة أن تتنبأ بمستوى التلوث خلال أيام أو أسابيع، أو بكثافة استخدام الكهرباء في فصل الصيف، وتخطط مسبقا.

ثالثا: تكامل الأنظمة: تعمل المدن الذكية على ربط قطاع الطاقة، والمياه، والنقل، والإسكان، والتعليم، لتقليل الهدر وتحقيق أقصى استفادة من كل مورد.

رابعا: السلوك المجتمعي: الاستدامة لا تفرض، بل تمارس. ومن خلال تطبيقات الهواتف الذكية، ولوحات التوعية الرقمية، يمكن إشراك المواطن في تقليل البصمة البيئية، خطوة بخطوة.

في السعودية، تعد الاستدامة محورا رئيسيا في رؤية 2030، ومن أبرز تجلياتها:

- مبادرة السعودية الخضراء التي تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة.

- مشروع ذا لاين في نيوم، كأول مدينة دون سيارات أو انبعاثات.

- استخدام الطاقة الشمسية والمياه المعاد تدويرها في عدد من الأحياء والمجمعات.

ماذا لو لم نتحرك الآن؟

المدن التي لا تستثمر في الاستدامة الذكية ستدفع الثمن لاحقا... من ارتفاع الكلف التشغيلية، إلى تدهور الصحة العامة، إلى التراجع الاقتصادي.

لكن في المقابل، المدن التي تستثمر في الاستدامة الذكية، تصبح:

- أكثر جاذبية للاستثمار.

- أكثر صحة ورفاهية لسكانها.

- أكثر قدرة على الصمود في وجه التحديات.

أيها القائد الحضري، المدينة ليست فقط ما نبنيه فوق الأرض، بل كيف نحمي ما تحتها، وما حولها، وما فيها من حياة. اسأل:

- هل لدينا اليوم مؤشر لحظي لانبعاثات الكربون في مدينتنا؟

- هل تدار الطاقة والنفايات والمياه بذكاء؟

- وهل نخطط لمدينة تتنفس بوعي... وتعيش بأمل؟

في ظل رؤية السعودية 2030، نحن لا نبني المستقبل فقط، بل نضمن أن يكون مستداما، صحيا، وإنسانيا... ومتنفسا للحياة.