أطفالنا في عالم روبلكس: حين تتشكل السلوكيات داخل العوالم الافتراضية
الخميس - 14 أغسطس 2025
Thu - 14 Aug 2025
في عالم رقمي واسع، يفتح الطفل جهازه اللوحي ويغوص في شوارع وأبنية ملونة، يتحدث مع لاعبين من مختلف البلدان، ويبني ويهدم ويعيد البناء كما يشاء. روبلكس بالنسبة له ليست مجرد لعبة، بل مجتمع كامل، له قوانينه غير المكتوبة ولغته الخاصة وأبطاله وأشراره.
لكن هذا المجتمع الافتراضي، مع كل إغراءاته، قادر على تشكيل سلوكيات قد ترافق الطفل طويلا بعد أن يغلق الشاشة.الأبحاث تشير إلى أن أكثر من 40% من مستخدمي روبلكس هم أطفال تحت سن 13 عاما، وأن 65% من الأطفال بين 8 و12 عاما تعرضوا لتواصل مع غرباء أثناء اللعب.
هذه البيئة، التي تمزج بين المغامرة والمنافسة والتفاعل الاجتماعي، تمنح الطفل فرصا لتطوير مهارات التعاون والإبداع، لكنها في الوقت نفسه قد تغرس فيه أنماطا سلوكية جديدة، بعضها إيجابي، وبعضها يثير القلق.من أبرز السلوكيات المكتسبة التي لاحظها المتخصصون:
- التقليد الفوري: تقمص حركات أو عبارات اللاعبين الآخرين، حتى وإن كانت غير مناسبة.
- الانسحاب الاجتماعي: تفضيل قضاء الوقت في اللعب على حساب التفاعل الواقعي مع الأصدقاء أو العائلة.
- الخوف المفرط: وهو سلوك يتشكل حين يتعرض الطفل داخل اللعبة لمواقف تهديد أو مطاردة متكررة، فيبدأ دماغه بالتعامل مع أي موقف جديد في الحياة وكأنه معركة يجب الهروب منها.
- النزعة التنافسية الحادة: السعي للفوز بأي ثمن، حتى على حساب التعاون أو الاحترام.
السر يكمن في الموازنة: تحديد أوقات اللعب، ومناقشة التجارب التي يمر بها الطفل، وتعليمه كيف يميز بين ما هو مجرد سيناريو افتراضي وما هو موقف واقعي يحتاج لتصرف مختلف.
في النهاية، روبلكس والعوالم المشابهة ليست أعداء الطفولة، لكنها أيضا ليست بلا أثر. أطفالنا يحتاجون من يمسك بيدهم وهم يعبرون هذا الجسر بين الواقع والخيال، حتى لا تتحول السلوكيات التي اكتسبوها في اللعبة إلى سمات ثابتة تحد من قدرتهم على التكيف والنمو بثقة وأمان.وفي لحظة يختلط فيها الواقع بالخيال، يقف الطفل أمام شاشة اللعبة، لكنه ينظر بعدها إلى الحياة بعينين جديدتين، يدرك أن الخطوة التالية في الحياة الحقيقية ليست لعبة يمكن إعادتها عند الفشل، بل مغامرة يتعلم فيها كيف يكون شجاعا رغم الخوف، كيف يقف رغم الانكسار، وكيف يختار أن يكون أفضل نسخة من نفسه في كل يوم.