وسائل التواصل في القطاعات الحكومية.. بين الشكل والمضمون؟
الأربعاء - 13 أغسطس 2025
Wed - 13 Aug 2025
لا شك أن الاعلام الجديد بوسائله المتعددة وسماته المميزة يعد أداة قوية وفعالة للتواصل ونشر المعلومات، ويتيح للمستخدمين فرصة أكبر للتفاعل والمشاركة في العملية الإعلامية، بالإضافة إلى أنه يتيح لصناع المحتوى إرسال الرسائل الإعلامية والمحتويات بطرق متعددة وقصيرة وسريعة وسهلة الوصول إلى المتلقي.
فيمكن لجملة قصيرة أو صورة معبرة أن تغني عن تقرير صحفي كامل، وتقوم بالدور نفسه، بل وقد يكون وقعها أكبر وأقوى على المجتمع وعلى المتلقي، فضلا عن التفاعلية التي تتيح للمستخدمين التفاعل مع المحتوى والمشاركة في النقاشات والتعليقات من خلال الوسائط، والنصوص والصور والصوت والفيديو، وكذلك سرعة النشر التي تتم دون الحاجة إلى انتظار الطباعة أو البث.
وبما أن الجهات الحكومية والقطاعات الرسمية والخدمية هي جزء من المجتمع، فقد اتجهت إلى الاعتماد على استخدام منصات التواصل الاجتماعي في نشر الأنظمة والقرارات والقوانين واللوائح، إلى جانب استغلال هذه الوسائل في بث رسائلها التوعوية والتوجيهية، حتى أصبحت جزءا أساسيا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات، وباتت هذه الوسائل هي المصدر الرئيس للغالبية العظمى.
ويبدو أن القطاعات الحكومية تمكنت من استغلال وتطويع وسائل التواصل الاجتماعي والاستفادة منها (إعلاميا) في بث رسائلها بطرق مختلفة، وخاصة أن معظم تلك القطاعات تستعين بالمتخصصين في صناعة المحتوى الإعلامي بهدف الوصول إلى صياغة أفضل للرسائل باستخدام لغة قوية وبسيطة ومباشرة وبعبارات سهلة وصور معبرة، وبما يتلاءم مع الجمهور المستهدف ويتوافق مع نوعية الخدمات المقدمة من كل قطاع سواء الخدمات الأمنية أو الصحية أو الخدمات البلدية والبيئية، ونشر البيانات الإيضاحية، وغيرها من الخدمات التي تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بمختلف القضايا والمجالات وتعمل على رفع درجة الالتزام بالقرارات.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن العديد من القطاعات لا تزال لم تصل إلى المستوى المأمول ولم تحقق الهدف المنشود من رسائلها التي تبثها، بل ويمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية في بعض الأحيان، حيث تعمد معظم تلك الجهات إلى التركيز على الشكل والتصاميم البصرية والألوان الجذابة والانفوغرافيك وما إلى ذلك، وربما تتسابق العديد من القطاعات في هذه التصاميم على مواقعها الالكترونية، مع إغفال بعض العناصر الجوهرية المهمة مثل المصداقية والجدية والالتزام، فإذا كانت الرسائل التوعوية تحتوي على معلومات غير دقيقة، أو لا تتميز بالقدر الكافي من الشفافية والوضوح أو أنها تحمل طابعا إلزاميا، كل ذلك قد يؤدي إلى التشويش وتقليل الثقة والشعور بالضغط أو الإجبار، مما قد يؤدي إلى ردود فعل سلبية.
إضافة إلى أنه من المهم جدا أن يصاحب تلك الرسائل عمل جاد وميداني على أرض الواقع، وهو الأمر الذي لم تتمكن معظم القطاعات من تطبيقه فعليا، فمن غير المعقول أن يتم إرسال رسائل توعوية أو تحذيرية ولا يكون هناك عمل مصاحب لها ومتوافق معها على أرض الواقع، وفي كثير من الأحيان نشاهد رسائل تحذيرية تصدر من بعض القطاعات وتحذر من عدم الالتزام بالقرارات الصادرة وتؤكد تطبيق غرامات على المخالفين، ومع ذلك لا نجد أي تطبيق لتلك الغرامات على أرض الواقع، مما يفقد تلك الرسائل مصداقيتها، فتجد المخالفات مستمرة وكأن شيئا لم يكن، رغم أن الرسائل تتميز بتصاميم بصرية جذابة، وذلك ما يجعل تلك الرسائل رغم تصميمها الملفت وشكلها الجذاب ولكنها لا تخدم الهدف الأساسي المتمثل في نقل المعلومات أو توصيل الرسالة بفعالية، فهي في الواقع ليس إلا عبارة عن دعاية إعلامية فقط!! وقديما قالت العرب: قول بلا عمل كشجرة بلا ثمر.
ولا شك أن القطاعات الحكومية تحرص على ضرورة تطبيق القرارات الصادرة عنها، وتحقيق أعلى مستوى من الالتزام، ضمن سعيها لتحقيق التنمية المستدامة وإدراكا بأهمية العمل المؤسسي المنظم في تحقيق الأهداف الوطنية وأهمية الالتزام بالقرارات الحكومية التي تعتبر بمثابة خطط عمل وبرامج تنفيذية تهدف إلى تحقيق أهداف محددة في مختلف المجالات، مثل التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وتعزيز ثقة المواطنين بالجهات الحكومية، ويعكس جدية هذه الجهات في تنفيذ مهامها ومسؤولياتها.
لذلك، من المهم أن تتبع القطاعات الحكومية بعض المبادئ عند بث الرسائل التوعوية، كالدقة والموضوعية والمصداقية والاحترام وتبني استراتيجيات فعالة لإدارة هذه الوسائل والتفاعل وتوفير قنوات اتصال مباشرة وسريعة، والأهم من كل ذلك هو أن تكون تلك الرسائل مصحوبة بعمل حقيقي على أرض الواقع يؤكد الجدية في تطبيق السياسات والقرارات الحكومية، لتحقق تعزيز المشاركة المجتمعية وتحسين الصورة العامة وتجنب المخاطر المحتملة.