كفاءة الطاقة في قلب المضخات والمراوح
الثلاثاء - 12 أغسطس 2025
Tue - 12 Aug 2025
قد نستسهل الإجراءات التشغيلية للمضخات في المصانع ولكن لا ننتبه بأن تكلفة الكهرباء وحدها تمثل ما يقارب 96% من إجمالي تكاليف تشغيل المحرك الكهربائي على مدار عمره الافتراضي. هذه المعلومة الاقتصادية الصادمة تسلط الضوء على الأهمية القصوى لترشيد استهلاك الطاقة في القطاع الصناعي، وتحويل الممارسات التشغيلية من مجرد روتين إلى استراتيجية مدروسة لتحقيق وفورات مالية هائلة. وفي هذا السياق تبرز المضخات والمراوح كأحد أبرز المعدات التي يمكن من خلالها تحقيق هذه الوفورات.
نحن كبشر نميل لعمل التدابير والاحتياطات، حيث يتم غالبا تصميم أنظمة الضخ والدفع الهوائي بقدرات تفوق الحاجة الفعلية، كنوع من الاحتياط لضمان تلبية الطلب. لكن هذه الممارسة، رغم أنها تبدو منطقية، تؤدي إلى إهدار كبير للطاقة. من جهة أخرى، هناك أمثلة شائعة على ذلك مثل استخدام صمامات الخنق (throttling valves) للتحكم في تدفق المضخات. هذه الصمامات تعمل كفرامل، حيث تزيد من مقاومة النظام لتقليل التدفق المطلوب، مما يجبر المضخة على العمل بقوة أكبر لضخ كمية أقل من السوائل. وكما لا يخفى عليك عزيزي القارئ، فإن هذا الإجراء، رغم بساطته، يستهلك كمية هائلة من الطاقة دون فائدة حقيقية. الحل الأكثر كفاءة هو استخدام محركات ذات تردد متغير (VFDs) لتقليل سرعة المضخة نفسها، مما يقلل من استهلاك الطاقة بشكل كبير.
تعد إعادة تدوير السوائل (recirculation) في المضخات مثالا آخر على الممارسات غير الفعالة. يحدث هذا عندما يتم توجيه جزء من السائل المطرود من المضخة مباشرة إلى خزان الشفط، وغالبا ما يكون ذلك لحماية المضخة من التلف عند انخفاض التدفق. على الرغم من أن هذا يحمي المعدات، إلا أنه يمثل إهدارا للطاقة، حيث يتم بذل جهد لضخ سائل لا يصل إلى وجهته النهائية. يمكن حل هذه المشكلة باستخدام صمامات تحكم أوتوماتيكية تفتح فقط عند الضرورة القصوى، مما يحقق التوازن بين حماية المعدات وكفاءة الطاقة.
وبالنسبة للمراوح، فإن استخدام المخمدات (dampers) لتقليل تدفق الهواء هو ممارسة شائعة ولكنها غير فعالة بالقدر نفسه. الحل الأمثل هنا أيضا هو استخدام محركات ذات تردد متغير (VFDs)، خاصة في الأحمال المنخفضة، حيث يمكن أن تصل نسبة التوفير في الطاقة إلى أكثر من 50% مقارنة بالمخمدات. كما أن تحسين كفاءة المحركات الكهربائية نفسها، من خلال استخدام محركات عالية الكفاءة (premium motors) أو (high-efficiency motors)، يساهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الطاقة على المدى الطويل.
إن تبني هذه الممارسات لا يتطلب دائما استثمارات ضخمة. فبجانب الحلول التكنولوجية مثل VFDs، يمكن تحقيق وفورات كبيرة، من خلال تغييرات بسيطة في الإجراءات التشغيلية. على سبيل المثال، يمكن إعادة برمجة أنظمة التحكم لتشغيل العدد الأدنى من المضخات أو المراوح لتلبية الطلب الفعلي، وإيقاف المعدات غير الضرورية. هذه التغييرات، التي غالبا ما تكون مجانية أو منخفضة التكلفة، يمكن أن تحقق عوائد سريعة وملحوظة.
إن الطريق نحو كفاءة الطاقة يكمن في فهم تفاصيل الأنظمة الصناعية. من خلال التركيز على المعدات الدوارة مثل المضخات والمراوح، يمكن للصناعات أن تفتح أبوابا جديدة للوفورات المالية، وتعزز قدرتها التنافسية، وتساهم بفعالية في مستقبل أكثر استدامة.