المصالح السياسية بين عقل القوة والمنفعة
السبت - 25 يناير 2025
Sat - 25 Jan 2025
علمنا التاريخ أن ثمة استراتيجيات متنوعة يمكن أن تحكم أطر التعامل السياسي بين الدول والشعوب بوجه عام، وتفاوتت تلك الأطر بين منهج القوة والمنفعة، على أن الرابح من امتلك القدرة على التوازن بينهما في إطار قيمي أخلاقي، وقلما كان ذلك في التاريخ.
أشير إلى أن معيار القوة في التعامل مع الآخر كان هو الطاغي تاريخيا، ابتداء بسلوك قابيل مع أخيه هابيل، ومرورا بطالوت وجالوت، وقصص ذي القرنين، والاسكندر المقدوني، وتاريخ الصراع بين الروم والفرس، ونشوء الدولة العربية الإسلامية، وغزو المغول، وصولا إلى بلوغ أقصى فرط القوة ابتداء بعصر نابليون، ثم الحرب العالمية الأولى والثانية، وليس انتهاء بما رأيناه وعشناه من فرط قوة طاغية مارسها الجيش الإسرائيلي ضد مجاميع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وللأسف فهذا النهج هو المسيطر بشكل عام على طبيعة السياق الأمريكي، إذ تملك الولايات المتحدة قوة بالغة على الصعيد العسكري والاقتصادي تفوق غيرها من الدول الكبرى بمراحل، وهو ما يجعل قادته يشعرون بالتفوق، الذي يكون تأثيره ناعما تارة وخشنا تارة أخرى، وذلك بحسب السياق السياسي وطبيعة الإدارة الحاكمة في البيت الأبيض.
على أنها اليوم تبدو أكثر خشونة، وربما رعونة من ذي قبل، لكنها أكثر مصداقية من غيرها، إذ لا ينتمي الرئيس دونالد ترامب إلى المؤسسة السياسية، وبالتالي لم يتعلم شيئا من دهائها السياسي وخبثها الناعم، ولذلك نجده مباشرا في سلوكه، واضحا في تعامله، وهي قيمة إيجابية بمباشرتها للحدث، وسلبية في الوقت نفسه بقراراتها العشوائية التي يكتنفها غرور القوة. وما أصعب أن يدير دفة البيت الأبيض وبالتالي يدير جانبا من العالم شخصية بهذا السلوك الانفعالي، والأخطر حين تتمركز حول ذاتها، وتعتقد بأنها الوحيدة القادرة على التغيير، لكونها الأكثر قوة، والأكثر فهما ووعيا، وهنا يكمن الإشكال الذي يتخوف منه العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
في هذا السياق فقد لفت نظري شخصية ابنه بارون البالغ من العمر 18 عاما، فحين توجه إليه والده بالشكر في حفل التنصيب، وقف مزهوا تملؤه كل ملامح الثقة المكتنزة بغرور القوة، مقلدا والده في نمط حركاته وطبيعة سلوكه، وهو أمر يشي بالقلق وبخاصة لو استمع إليه والده وساهم في تشكيل جانب من قراراته، وليس ذلك ببعيد عن شخصية الرئيس ترامب المتمركزة حول ذاتها، ولا سيما أن ابنه كان له دور كبير في نجاحه الانتخابي بين جيل الألفية.
أخيرا، لقد أثبت التاريخ أن القوة مهما بلغت لا تصنع استقرارا وثباتا، وأن نتائجها سلبية على المدى المتوسط والبعيد، والشواهد متعددة، إذ كل الدول التي جعلت القوة سبيلها سرعان ما انهارت ثم تلاشت وأصبحت خبرا يروى دون أي أثر؛ وفي المقابل فقد أثبت التاريخ أن التعامل بيسر وتوسط، وتغليب المنفعة المتوازنة بين الطرفين هو الأجدى والأنفع، وأن تلك الدول قد حققت الاستقرار والثبات لذاتها بأقل التكاليف وأبسط الخسائر، مع استمرار أثرها الإيجابي في مختلف البقاع التي تواجدت فيه، وبين مختلف الشعوب التي وصلتها، والشواهد على ذلك عديدة. فهل من فاهم فيدرك؟
أشير إلى أن معيار القوة في التعامل مع الآخر كان هو الطاغي تاريخيا، ابتداء بسلوك قابيل مع أخيه هابيل، ومرورا بطالوت وجالوت، وقصص ذي القرنين، والاسكندر المقدوني، وتاريخ الصراع بين الروم والفرس، ونشوء الدولة العربية الإسلامية، وغزو المغول، وصولا إلى بلوغ أقصى فرط القوة ابتداء بعصر نابليون، ثم الحرب العالمية الأولى والثانية، وليس انتهاء بما رأيناه وعشناه من فرط قوة طاغية مارسها الجيش الإسرائيلي ضد مجاميع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وللأسف فهذا النهج هو المسيطر بشكل عام على طبيعة السياق الأمريكي، إذ تملك الولايات المتحدة قوة بالغة على الصعيد العسكري والاقتصادي تفوق غيرها من الدول الكبرى بمراحل، وهو ما يجعل قادته يشعرون بالتفوق، الذي يكون تأثيره ناعما تارة وخشنا تارة أخرى، وذلك بحسب السياق السياسي وطبيعة الإدارة الحاكمة في البيت الأبيض.
على أنها اليوم تبدو أكثر خشونة، وربما رعونة من ذي قبل، لكنها أكثر مصداقية من غيرها، إذ لا ينتمي الرئيس دونالد ترامب إلى المؤسسة السياسية، وبالتالي لم يتعلم شيئا من دهائها السياسي وخبثها الناعم، ولذلك نجده مباشرا في سلوكه، واضحا في تعامله، وهي قيمة إيجابية بمباشرتها للحدث، وسلبية في الوقت نفسه بقراراتها العشوائية التي يكتنفها غرور القوة. وما أصعب أن يدير دفة البيت الأبيض وبالتالي يدير جانبا من العالم شخصية بهذا السلوك الانفعالي، والأخطر حين تتمركز حول ذاتها، وتعتقد بأنها الوحيدة القادرة على التغيير، لكونها الأكثر قوة، والأكثر فهما ووعيا، وهنا يكمن الإشكال الذي يتخوف منه العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
في هذا السياق فقد لفت نظري شخصية ابنه بارون البالغ من العمر 18 عاما، فحين توجه إليه والده بالشكر في حفل التنصيب، وقف مزهوا تملؤه كل ملامح الثقة المكتنزة بغرور القوة، مقلدا والده في نمط حركاته وطبيعة سلوكه، وهو أمر يشي بالقلق وبخاصة لو استمع إليه والده وساهم في تشكيل جانب من قراراته، وليس ذلك ببعيد عن شخصية الرئيس ترامب المتمركزة حول ذاتها، ولا سيما أن ابنه كان له دور كبير في نجاحه الانتخابي بين جيل الألفية.
أخيرا، لقد أثبت التاريخ أن القوة مهما بلغت لا تصنع استقرارا وثباتا، وأن نتائجها سلبية على المدى المتوسط والبعيد، والشواهد متعددة، إذ كل الدول التي جعلت القوة سبيلها سرعان ما انهارت ثم تلاشت وأصبحت خبرا يروى دون أي أثر؛ وفي المقابل فقد أثبت التاريخ أن التعامل بيسر وتوسط، وتغليب المنفعة المتوازنة بين الطرفين هو الأجدى والأنفع، وأن تلك الدول قد حققت الاستقرار والثبات لذاتها بأقل التكاليف وأبسط الخسائر، مع استمرار أثرها الإيجابي في مختلف البقاع التي تواجدت فيه، وبين مختلف الشعوب التي وصلتها، والشواهد على ذلك عديدة. فهل من فاهم فيدرك؟