مازن عبدالله اليحيى

اتفاقية مونتريال 1999: توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي

الاثنين - 09 ديسمبر 2024

Mon - 09 Dec 2024

في عالم يشهد نموا متسارعا في حركة النقل الجوي، أصبح من الضروري وجود إطار قانوني دولي ينظم العلاقة بين شركات الطيران والمسافرين.

وفي هذا السياق جاءت اتفاقية مونتريال لعام 1999م والمنضمة إليها المملكة العربية السعودية لتشكل نقلة نوعية في مجال تنظيم المسؤولية القانونية للطيران المدني، وتحديث الإطار السابق الذي وضعته اتفاقية وارسو لعام 1929.

ما هي اتفاقية مونتريال؟
اتفاقية مونتريال التي اعتمدت في 28 مايو 1999م ودخلت حيز التنفيذ في 4 نوفمبر 2003، تهدف إلى توحيد قواعد المسؤولية القانونية لشركات الطيران الدولية فيما يتعلق بالأضرار التي تلحق بالمسافرين أو الأمتعة أو البضائع أو التأخير. وهي اتفاقية متعددة الأطراف أُبرمت تحت إشراف منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO).

تشمل الاتفاقية حاليا أكثر من 130 دولة موقّعة، مما يجعلها أحد أهم الأطر القانونية في صناعة الطيران المدني.

أبرز أهداف الاتفاقية:
1- حماية حقوق المسافرين:
- ضمان تعويض عادل للمسافرين في حالات الوفاة، الإصابة، أو فقدان الأمتعة.
- تبسيط إجراءات المطالبة بالتعويض عبر آلية قانونية واضحة.

2- تعزيز كفاءة صناعة النقل الجوي:
- تقليل النزاعات القضائية المتعلقة بالتعويضات بفضل وجود قواعد موحدة.
- رفع مستوى التزام شركات الطيران بمعايير السلامة والخدمة.

3. تحديث الأنظمة السابقة:
- معالجة أوجه القصور في اتفاقية وارسو 1929 وبروتوكولاتها الإضافية.

أبرز أحكام الاتفاقية:
1- المسؤولية عن الأضرار التي تلحق بالمسافرين:
تحدد الاتفاقية أن شركات الطيران مسؤولة عن الأضرار الناجمة عن الوفاة أو الإصابة الجسدية للمسافرين، بشرط أن تكون الحادثة قد وقعت أثناء الرحلة أو أثناء عمليات الصعود والنزول من الطائرة.

2- تعويض الأمتعة المفقودة أو المتضررة:
- يتحمل الناقل الجوي مسؤولية الأضرار الناجمة عن فقدان أو تلف الأمتعة المسجلة.
- سقف التعويض محدد بـ1,288 وحدة حقوق سحب خاصة (SDR)، ما يعادل حوالي 1,600 دولار أمريكي، مع إمكانية رفعه إذا صرّح المسافر مسبقا بقيمة أعلى.

3- التأخير:
تفرض الاتفاقية مسؤولية على شركات الطيران عن الأضرار الناجمة عن تأخير المسافرين أو الأمتعة، مع استثناء الحالات التي تُثبت فيها الشركة اتخاذها جميع التدابير الممكنة لتجنب الضرر.

مزايا اتفاقية مونتريال:
- توحيد القوانين: وضعت الاتفاقية معايير موحدة للتعامل مع المسافرين والبضائع على مستوى عالمي.

- رفع سقف التعويضات: مقارنة باتفاقية وارسو، زادت مونتريال من حقوق المسافرين، حيث ألغت السقف المالي للتعويض في حالات الوفاة أو الإصابة.
- تعزيز الرقابة الدولية: وضعت الاتفاقية آليات لمراجعة التعويضات دوريا بما يتناسب مع التضخم الاقتصادي.

تحديات تطبيق الاتفاقية:
على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها الاتفاقية، لا تزال هناك تحديات تواجه تطبيقها، من أبرزها:
1- عدم انضمام بعض الدول: مما يخلق تفاوتا في تطبيق القواعد القانونية بين الرحلات الدولية.
2- الاختلاف في تفسير الأحكام: حيث تختلف المحاكم الوطنية في تفسير بعض بنود الاتفاقية.
3- الوعي المحدود بالحقوق: يعاني العديد من المسافرين من نقص المعرفة بحقوقهم بموجب الاتفاقية.

أهمية الاتفاقية لصناعة الطيران اليوم
مع تزايد حركة النقل الجوي والتحديات التي تواجهها شركات الطيران، تمثل اتفاقية مونتريال دعامة أساسية لضمان حقوق المسافرين وخلق بيئة تنظيمية مستقرة.

وقد أثبتت الاتفاقية أهميتها خلال الأزمات مثل جائحة كوفيد-19، حيث سلطت الضوء على أهمية وجود أطر قانونية واضحة لحماية حقوق المسافرين وتعويضهم.

الخلاصة، تعتبر اتفاقية مونتريال 1999م نموذجا ناجحا للتعاون الدولي في صناعة الطيران المدني.

ومن خلال تعزيز حقوق المسافرين وتحسين معايير المسؤولية القانونية، تساهم الاتفاقية في تحقيق التوازن بين مصالح شركات الطيران وحقوق المسافرين، مما يعزز الثقة في النقل الجوي العالمي.