باسم سلامه القليطي

منصة إطلاق الصواريخ

الاثنين - 09 ديسمبر 2024

Mon - 09 Dec 2024

في كتاب: (اعترافات محمود السعدني آخر الظرفاء المتصعلكين) أعجبني كثيرا وصف الأديب الساخر لصديقه الشاعر (كامل الشناوي)، بأنه منصة لإطلاق الصواريخ، لما وجده من اهتمام ورعاية وتشجيع له ولآخرين، يتمتعون بمواهب مختلفة في الفن والصحافة، وكانت النتائج أسماء لامعة في المجالين، وهو مع شهرته المعلومة بالدعم والتشجيع للمواهب الحقيقية، إلا أنه لا يجامل المدعين، ولا يحابي المتطفلين، كمن يطرق فنا دخيلا عليه، ولا ينفع فيه دفع وإطلاق على الإطلاق، قال له شاب: ما رأيك يا أستاذ أأكتب شعرا أم أكتب قصة؟ قال له (كامل الشناوي): اكتب قصة، قال الشاب: لا بد أنك قرأت قصصا لي! فقال (كامل الشناوي): لا، قرأت لك شعرا.

وفي كتاب (أبي شوقي) يقول حسين أحمد شوقي: قال حافظ إبراهيم لأحمد شوقي: أتَعلم يا شوقي أن ابنك يرجى منه؟ عليك أن تتعهده ليصير شاعرا مطبوعا. فأجاب أبي: إني أُفضِّل أن يُعنى هو بالنثر لا بالنظم، لأن الشعر لا يتحمل الوسط، وحسين لن يبلغ فيه القمة.

جميعنا مشاريع صواريخ جاهزة للانطلاق في سماء الإبداع، متى ما اكتشفنا مواهبنا، وعرفنا أهدافنا، وآمنت بنا نفوس صافية، محبة للناس والإبداع، تتقمص دور منصات التشجيع الصادق، وبوصلة الدعم المعنوي، ووقود التحفيز الخارجي، إيمانا منها بأن سماء الإبداع تتسع للجميع، بمختلف مواهبهم، وتفاوت إمكانياتهم.

النَّاسُ للنَّاسِ مِن بَدوٍ وحاضرةٍ
بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ

متى ما نضجت الموهبة، وأوقدت شرارة الإبداع، انطلقت وحلقت، ولم تعد تعنيها كثيرا تلك التبريكات المتلعثمة، ولا الأمنيات المترددة، فالمواهب في بداياتها أكثر حاجة للدعم والتشجيع، لأنها متى ما انطلقت وصلت، الشاعر (محمود درويش) يصف الرثاء بأنه "مديح تأخر عن موعده حياة كاملة".

غدا توفى النفوس ما كسبت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
وإن أساءوا فبئس ما صنعوا

وفي الختام، منصات إطلاق الصواريخ ليست حكرا على الأفراد، بل هناك مؤسسات حكومية وخاصة من مهامها أن تؤدي هذا الدور الهام، باحترافية وشمولية، بعيدا عن المحسوبية المقيتة، والمجاملات الباهتة، ومن تجاربي الخاصة في مجال الكتابة والنشر، لا أجد أمرا إيجابيا أذكره عنها، أما من حيث الأفراد فأذكر منهم: الأستاذ الدكتور عبدالكريم بن صنيتان العمري أول من دعمني وشجعني ووجهني، الكاتب فهد عامر الأحمدي ساندني ونصحني بود وترحاب، الأستاذ الناشر صلاح بادويلان طبع ونشر كتابي الثاني، وكان نبيلا كريما بحق، لمنصات إطلاق الصواريخ هذه، أجزل شكري وأجدد امتناني.