حنان درويش عابد

الغضب والحقد في السلوك البشري! العودة للإنسانية من جديد!

الثلاثاء - 26 نوفمبر 2024

Tue - 26 Nov 2024

يخلط كثير من الناس بين مفهومي "الغضب" و"الحقد"، وتقع كثير من المغالطات السلوكية على طريق فهم الفارق الشاسع بين ممارسة سلوك "الغضب" وهو سلوك إنساني طبيعي ومنطقي يتوافق تماما مع الطبيعة البشرية، ويعبر عن حالة أخلاقية في كثير من حالاته، وبين سلوك "الحقد" الذي يعبر عن انحدار كامل في الوعي الفكري والإنساني، ويمثل حالة انتكاس سلوكية ونفسية تقدم الكثير من الثغرات التي توصل الإنسان إلى صناعة صراعات مزمنة تعيق مسيرة الصحة النفسية للفرد وللمجتمع.

الغاضب يمارس حالة سلوكية منطقية ناتجة عن وقوع أزمة ضاغطة عليه كأن يقع عليه اعتداء من نوع ما على كرامته أو على خصوصيته أو حقوقه، وهذه الممارسة منطقية في حدودها المعقولة التي لا تخرج الأمور عن السيطرة ولا تتسبب بوقوع إشكالات أكبر من الحاصلة، وهذا الغضب عندما يكون آنيا وقتيا مؤقتا فهو مقبول أخلاقيا وإنسانيا، ولكن الانتقال من حالة الغضب سلوكيا إلى حالة التأصيل الفكري للحقد ينقل الإنسان من سلوك مقبول إلى سلوك سيبدأ بسببه مرحلة شاذة في علاقته بالأفراد.

إن افتراض ضرورة تحول الغضب إلى حقد هو افتراض غير سوي على المستوى الفكري.

بينما يقبل المجتمع من الغاضب أن يمارس هذا السلوك، فعلى الغاضب أن يفهم بأن حق "الغضب" إذاً هو حق لكل فرد، فهو إذاً يمارس حقا للجميع، والمجتمعات عبر الأزمان كلها لم تقبل بسلوك الغضب المتزن إلا لأنه حالة تعبير نفسي مقبولة، وفي الوقت نفسه لم تشرع المجتمعات عبر موروثها الديني سلوك "الحقد"، ولم تعتبره سلوكا منطقيا، وهذا يعني أن الإنسان يغضب كغيره في حالة سلوك جمعي غير مرفوض، ونقل هذا السلوك إلى مستوى التأسيس لعداوة يعتبر نقلة غير أخلاقية.

إننا قد نغضب، ولكننا يجب أن نغضب من المواقف، ومن السلوك، ومن التوجهات غير السديدة في علاقات الآخرين بنا، لكن تحويلنا الغضب إلى غضب تجاه الأفراد أنفسهم لا شك أنه يجب أن ينقلنا إلى حالة غير صحية في المجتمع، ويؤسس لمجتمع متنافر، يتعاطى سلوكيا وفق منهجيات فاسدة منطقا وعقلا، مطلقين وفق هذه النظرة غير السديدة مجموعة لا تنتهي من الصراعات التي لا داعي لها، والتي لن توصل أحدا من المتصارعين إلى بر الأمان، فكم علينا أن ندرك أن "الحقد" يأكل القلب كنيران لا تنطفئ، وأن أشد المتضررين من ممارسة سلوك الحقد هو الحاقد نفسه، بينما الطرف الآخر يعيش بقلب خالٍ من الألم والوجع، وينجح في حياته، تاركا الحاقد وراءه بخطوات كثيرة!

hananabid10@