عبدالمعين عيد الأغا

الاختلاف حول أهمية فحص "مقاومة الإنسولين" 

الأربعاء - 13 نوفمبر 2024

Wed - 13 Nov 2024

تابعت في منصة (X) وجهات واختلاف الرأي حول مدى أهمية وجدوى فحص مقاومة الإنسولين (HOMA-IR)، إذ رأى بعض الأطباء ضرورة إجرائه على المرضى، بينما ذهب البعض الآخر إلى عدم جدواه طالما هناك بعض الأعراض التي تظهر على المريض ويمكن تشخيصها وتحديدها بمقاومة الإنسولين.

قبل أن أدلي برأيي وأتطرق لموضوع الفحص ومدى جدواه من عدمه أشير إلى أن مقاومة الإنسولين تحدث عندما لا تستجيب الخلايا في العضلات والدهون والكبد بشكل جيد للإنسولين، ولا يمكنها بسهولة امتصاص الجلوكوز من الدم، ونتيجة لذلك ينتج البنكرياس المزيد من الإنسولين لمساعدة الجلوكوز في دخول الخلايا، وطالما أن البنكرياس يستطيع إنتاج ما يكفي من الإنسولين للتغلب على استجابة الخلايا الضعيفة للإنسولين، فإن مستويات الجلوكوز في الدم ستبقى في النطاق الصحي.

والأشخاص الذين لديهم عوامل خطر وراثية، أو عوامل تتعلق بنمط الحياة هم أكثر عرضة لتطوير مقاومة الإنسولين والتي  تشمل زيادة الوزن أو السمنة، الحياة  الخاملة (عدم ممارسة أي نشاط رياضي)، الأشخاص الذين يعانون من متلازمة التمثيل الغذائي، وعادات النوم السيئة وتناول الكثير من الوجبات السريعة، وأيضا الحالات التي تشكو من تراكم الكثير من دهون البطن، فذلك يمثل مشكلة لأنه يعني أن لدى الفرد المزيد من الدهون الحشوية، وهي نوع من "الدهون النشطة" حول الأعضاء التي يمكنها إطلاق الأحماض الدهنية والهرمونات والسيتوكينات المسببة للالتهابات في الدورة الدموية، التي ارتبطت بمقاومة الإنسولين، ومن العلامات الظاهرة أن الشخص يمر في مرحلة مقاومة الإنسولين هو ظهور الشواك الأسود وهو  اضطراب يصيب الجلد ليظهر عليه خط دائري باللون الغامق القريب من اللون الأسود أو البني الداكن ويكون سميك الملمس، ويظهر عادة في الرقبة أو تحت الإبطين، وهي حالة ليس لها علاقة بقلة النظافة أو ضيق ياقة القمصان.

ويجب الأخذ في الاعتبار من كل ما سبق أن مقاومة الإنسولين قد تشير إلى "مقدمات السكري" النمط الثاني، وهي مرحلة تحدث عادة عند الأشخاص الذين لديهم بعض مقاومة للإنسولين أو الذين لا تنتج خلايا بيتا في البنكرياس لديهم ما يكفي من الإنسولين للحفاظ على نسبة الجلوكوز في الدم في المعدل الطبيعي، كما تعني الإصابة بمقدمات السكري أن مستويات الجلوكوز في الدم أعلى من الطبيعي، ولكنها ليست مرتفعة بما يكفي لتشخيص الإصابة بمرض السكري. 

ونأتي إلى سؤال مهم: كيف يمكن تصحيح وتفادي مرحلة مقاومة الإنسولين؟
لا شك أن هناك بعض الأمور المرتبطة بنمط الحياة الصحي التي تمنع الإصابة بمقاومة الإنسولين أو تسهم في عكسها لدى المصابين، أهمها إنقاص الوزن وتناول الأكل الصحي وتجنب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية جدا من الدهون والسعرات، وممارسة الرياضة لكونها تساعد في تقليل دهون الجسم، مما يجعل الخلايا أقل مقاومة للإنسولين، ومن خلال بناء العضلات يصبح الجسم قادرا على استخدام الإنسولين بكفاءة أكبر.

وعادة يستخدم الأطباء اختبارات الدم لمعرفة ما إذا كان الفرد مصابا بمقدمات السكري أم لا، وذلك عبر اختبار جلوكوز الصيام واختبار السكر التراكمي الذي يعكس وضع السكر التراكمي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وبذلك يتم وضع الخطة العلاجية للشخص في حال ظهور النتائج.

من وجهة نظري المتواضعة إن إتباع النمط الصحي في مرحلة ظهور زيادة الوزن أو السمنة المفرطة يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة مرحلة مقاومة الإنسولين، ولكن كل ذلك لا يقلل من أهمية فحص مقاومة الإنسولين بل أؤكد على أهميته في تأكيد وجود مقاومة للإنسولين، فبعض الأعراض ومنها الشواك الأسود قد لا يكون كافيا بصورته الظاهرة على الجلد لتحديد الإصابة بمقاومة الإنسولين، كما أن الفحص يساعد الأطباء في وضع الخطة المقننة للعلاج.

الخلاصة: فحص "مقاومة الإنسولين" مهم لتأكيد دقة التشخيص والإصابة بوجوده، حتى لو ظهرت على الشخص بعض المؤشرات لمقاومة الإنسولين مثل زيادة محيط الخصر، وظهور "الشواك الأسود"، واختلال نسبة سكر الدم في التحليل، وتجاوز مستوى الدهون الثلاثية، ففحص مقاومة الإنسولين يساعد الطبيب على وضع الخطة العلاجية اللازمة التي تشمل النظام الغذائي والدواء والرياضة، بجانب متابعة الحالة، منعا لوصولها إلى مرحلة متقدمة من المرض.