ياسر عمر سندي

ثلاثية الاستدامة وركائز الرؤية

الأربعاء - 30 أكتوبر 2024

Wed - 30 Oct 2024

يقال في المثل الشعبي الخليجي اللي "ما له أول ما له تالي"؛ وإذا تحدثنا عن الاستدامة نجد أنها فلسفة أزلية قديمة وعصرية حديثة، والتي من خصائصها الامتداد الزمني الذي يعطيها العراقة المتجذرة والديمومة المستمرة؛ وتعني لغويا طلب الدوام على الشيء واستمراره، وعلميا تعني كيفية إبقاء نظم الحياة في حالة تنوع وإنتاج مستمرين مع المحافظة على الموارد الطبيعية.

وبالتتبع التاريخي للبدايات البشرية واختلاف العصور الزمنية يبرز الإنسان كمحور للحضارة بسعيه لتلبية احتياجاته الأساسية التي تبقيه على قيد الحياة، محاولا إيجاد المأوى والمأكل والمشرب والملبس ليوفر بيئته التي يتكيف معها ويبحث عن رزقه فيها بفكرة المقايضة البسيطة إلى أن استحدث أسلوب العملات للبيع والشراء، ومن ثم ظهور الأسواق المحلية والعالمية ونشوء الاقتصاد.

ثلاثية الاستدامة في أساسها؛ هم البشر الذين يمثلون المجتمع، والبيئة هي الحاضنة لهم، ومحركهم هو الاقتصاد المحوكم (ESG) Environment Society Governance؛ فالاختلاف بين الماضي والحاضر يكمن في الثقافة والوعي؛ حاليا أصبح متناميا أكثر من السابق، حيث كانت فكرة الاستهلاك والإهلاك طاغية قديما بتبني السلوك الأناني بأن أنتفع وأتلف دون التفكير في الآخرين؛ أما الفلسفة الحديثة تنادي بالتشاركية لتحقيق الاستمرارية.

والتي تبنتها الأمم المتحدة بـ17 هدفا تغطي الاحتياجات البشرية المتنوعة، مثل مكافحة الفقر والقضاء على الجوع وتوفير الصحة والرفاهية وأحقية التعليم للجميع والمساواة بين الجنسين، وتفعيل مبدأ العدالة وتوفير المياه الصالحة وإمداد الطاقة النظيفة وتنمية الاقتصاد والصناعة الابتكارية واستحداث المدن والمجتمعات الذكية وتدوير المنتجات وأسلوب استهلاكها، ومراقبة معدلات المناخ المتزايدة وحفظ الحياة البحرية وما فوق اليابسة وأهمية دور المؤسسات المجتمعية وأهمية عقد الشراكات والتحالفات.

جميع ما ذكر يدعم العيش على كوكب الأرض بتفعيل خطط تنموية دائمة يتم إسقاطها كأسلوب عمل مراقب على جميع الدول ومنظماتها الربحية والخدمية الخاصة والحكومية، للتحقق من مدى امتثالها للمعايير الموضوعة من منظمة عالمية تصدر تقارير المبادرات (GRI) Global Reporting Initiative.

انطلقت المملكة في صياغة رؤيتها الطموحة 2030 من خلال سؤال ماذا بعد النفط؟

هذا السؤال الاستراتيجي يعكس الاهتمام على مداومة الرخاء والاستقرار من الآن إلى المستقبل، من خلال ثلاث مرتكزات للرؤية، وهي بناء المجتمع الحيوي واستمرارية الاقتصاد المزدهر واستشراف الوطن الطموح لتتناغم مع ثلاثية فلسفة الاستدامة السابق ذكرها المجتمع والاقتصاد والبيئة.

فالمملكة تسعى جاهدة لتوفير الرفاهية والازدهار للمواطنين، وربط الماضي بالحاضر لتنمية شعور الاعتزاز الوطني، مع ضمان صحة المجتمع بتكامل واستدامة وإيمان يؤمن بروح التسامح الإسلامي لتقبل الآخرين لتحقيق الاقتصاد المزدهر مستمرا ينعم به الجميع بطريقة متساوية وعادلة، والاستثمار بتعليم الأجيال تحت راية وطن يلتزم بالكفاءة والمسؤولية والمساءلة، لتعزيز مبدأ الشفافية وزيادة الأداء الحكومي والخاص لنحقق رؤية مستدامة ومتوائمة مع العالم بمشيئة الله تعالى.

Yos123Omar@