عن المثنى والثلاث والرباع
الثلاثاء - 01 أكتوبر 2024
Tue - 01 Oct 2024
أحلام بعض الرجال ومعسول الأماني.. هكذا اختار الزميل الكاتب صالح المسلم أن يجذب القراء في مقاله المعنون: "تزوجوا مثنى وثلاث ورباع" المنشور في صحيفة المدينة حديثا، حينما راح يحوم حول الحمى ويغلف الكلمات بأمنيات مغرية للكثيرين، ومع ذلك، بعيدا عن الطرح الذي يعكس وجهة نظر أحادية.. ويصور التعدد على أنه الحل السحري لمشاكل المجتمع، أود أن أستعرض جانبا آخر من هذا الموضوع المعقد، حيث تتعدد الأسباب والمبررات، لكنها تظل مفتوحة للنقاش العميق حول تداعيات التعدد على بنية الأسرة والمجتمع بشكل عام.
نحن ندرك أن التعدد في الشريعة الإسلامية يهدف إلى تحقيق غايات اجتماعية نبيلة مثل: العناية بالأيتام ورعاية الأرامل، والحد من الفساد الأخلاقي بشرط العدل بين الزوجات.. وإن تعذر العدل فيكون الاكتفاء بواحدة هو الخيار الأفضل.
لكن يجب ألا نغفل أن أساس بناء الأسرة هو الشراكة والاحترام والدعم بين الزوجين... إلا أن التعدد في عصرنا الحالي.. قد يخل بهذا التوازن لأنه يقيد شعور المرأة بالأمان ويخلق مشاعر التهميش والغيرة، لذلك من الصعب اعتبار التعدد حلا فعالا لمشكلات الرجال، بل يتطلب إعادة نظر شاملة تركز على مصلحة الأسرة.
أما عن أسباب قرار التعدد؟ ربما كانت عيوب تحول دون قيام أي من الزوجين بواجباتهما كالعجز الجنسي أو العقم، أو بسبب عدم التوافق أو الرغبة في زيادة النسل، ولكن لا ينبغي أن يكون القرار استجابة للتقاليد والأعراف أو نتيجة لضغوط مجتمعية، لذا يصبح من الضروري تغيير المفاهيم السائدة عبر جهود تربوية وثقافية، تعزز الوعي بحقوق الأفراد، والاحترام بين الجنسين.
ينبغي أيضا إدراج مناهج دراسية تناقش مفهوم الأسرة.. وتقدم ورش عمل حول تحديات التعدد، بينما يقوم الإعلام بتعزيز الصور الإيجابية للأسرة المتماسكة... مما يسهم في تقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بعدم التعدد.
إن مناقشة هذه القضية يتطلب وعيا أكبر، حيث تتجاوز الأهداف مجرد زيادة الأرقام السكانية.. لتشمل تأثير التعدد الجوهري على الأسرة والمجتمع.
فلا يمكن استدامة الكيان الأسري، في ظل تفسيرات لبرامج ومستهدفات رؤية 2030 على أنها دعوة صريحة للتعدد! وبينما لا توجد إحصائيات دقيقة حول نسبة التعدد في المملكة، لأن الأفراد قد يتجنبون الإفصاح.. وربما لا تسجل جميع الحالات رسميا، خاصة تلك التي تتم خارج الإطار القانوني.. فإننا نجد أن هناك ارتفاعا في معدلات الطلاق إلى 7.7 حالات لكل 1000 نسمة خلال 2022، مما يعكس التحديات الاجتماعية المرتبطة بالتعدد وأثره على استقرار الأسرة، وقد يؤدي إلى زيادة نسبة الطلاق، فالزوج المعدد أكثر عرضة لتكرار الطلاق أو الانفصال النفسي، خاصة إذا لم يتمكن من الحفاظ على التوازن العاطفي والمالي بين الزوجات.
كما تظهر الأبحاث أن 65% من أطفال الأسر التعددية يواجهون تحديات في النمو النفسي والاجتماعي، والقدرة على التكيف، ويترجم إلى مشكلات سلوكية وتراجع دراسي، وآثار سلبية تمتد إلى مستقبلهم ومستقبل المجتمع بأكمله.
من هذا المنطلق، يمكن للمرأة أو ولي أمرها إضافة شروط في عقد النكاح لتعزيز الحقوق والاحترام المتبادل بشكل يحدد إطار العلاقة ويحفظ للأسرة استدامتها قدر الإمكان.
تعتمد هذه الشروط على قبول الزوج ورضاه عند توقيع العقد، مما يجعلها ملزمة قانونيا في إطار الشريعة الإسلامية.
من بين هذه الشروط يعتبر شرط "لا سابقة ولا لاحقة" من أبرزها، حيث يضمن الحصرية في الزواج. هذا الشرط يعني أن الزوج لم يكن متزوجا بأي امرأة أخرى عند إبرام هذا العقد، و"لا لاحقة" تشير إلى أنه لا يسمح له بالزواج من امرأة أخرى في المستقبل إلا بموافقة الزوجة ورضاها... وفي حال عدم الالتزام بهذا الشرط، يحق للمرأة فسخ العقد بناء على إخلال الزوج بالاتفاق، مما يعد سببا شرعيا لطلب التفريق.
وبالرغم من أن عالمنا العربي لا زال يعتبر العلاقة الزوجية المبنية على الشراكة هي الأساس لبناء استقرار أسري ومجتمع قوي.. إلا أن التعدد يشير بإصبعه إلى الهيمنة الذكورية وحرمان المرأة من الشراكة الحقيقية، فلماذا لا يفكر الرجال في شراكة متساوية ومستدامة مع امرأة واحدة؟ ألا تستحق المرأة أن تكون شريكا كاملا في الحياة، بدلا من أن تكون جزءا من معادلة يسيطر عليها الرجل؟ وبدلا من التركيز على زيادة عدد الزوجات أو الأبناء، يجب أن يركز على بناء أسر قوية ومستقرة، حيث تكون المرأة شريكا متساويا في جميع جوانب الحياة.
ما أود قوله لمعشر النساء هو ضرورة اعتماد المنطق والعقلانية في موضوع القبول بالرجل المعدد، فالرجال ينظرون إلى هذه الأمور كمكسب وخسارة، وعرض وطلب كما في "الشراكة التضامنية" التي ذكرت في المقال.
فكيف يمكن للمرأة أن تثق في الرجل المعدد وهي تعيش على كف "عفريت"؟ كيف ستربي أبناءه وهي مهددة بالترك أو الجحود بدعوى حقه في التغيير؟ كيف يستهان بالميثاق الغليظ لتحقيق المآرب الشخصية، فيتحول التعدد بمفهومه المغلوط إلى فرص سانحة أكثر من كونه تشريعا مشروطا.. وإلى مبرر للاستغلال والتسلط على النساء.. فإن قبلت المرأة بالتعدد كخيار مطروح.. فإنها غالبا ما ستكون الطرف الذي يدفع الثمن الأكبر في مشروع يعتبره الرجال حقا مشروعا.. بينما تعتبره النساء "عوار قلب" وشرا لا بد منه.
ومهما حاول المقال المذكور تجميل فكرة التعدد.. إلا أن السعادة الزوجية الحقيقية تكمن في الإخلاص لامرأة واحدة، بدلا من الانشغال بتعدد الزوجات.
smileofswords@
نحن ندرك أن التعدد في الشريعة الإسلامية يهدف إلى تحقيق غايات اجتماعية نبيلة مثل: العناية بالأيتام ورعاية الأرامل، والحد من الفساد الأخلاقي بشرط العدل بين الزوجات.. وإن تعذر العدل فيكون الاكتفاء بواحدة هو الخيار الأفضل.
لكن يجب ألا نغفل أن أساس بناء الأسرة هو الشراكة والاحترام والدعم بين الزوجين... إلا أن التعدد في عصرنا الحالي.. قد يخل بهذا التوازن لأنه يقيد شعور المرأة بالأمان ويخلق مشاعر التهميش والغيرة، لذلك من الصعب اعتبار التعدد حلا فعالا لمشكلات الرجال، بل يتطلب إعادة نظر شاملة تركز على مصلحة الأسرة.
أما عن أسباب قرار التعدد؟ ربما كانت عيوب تحول دون قيام أي من الزوجين بواجباتهما كالعجز الجنسي أو العقم، أو بسبب عدم التوافق أو الرغبة في زيادة النسل، ولكن لا ينبغي أن يكون القرار استجابة للتقاليد والأعراف أو نتيجة لضغوط مجتمعية، لذا يصبح من الضروري تغيير المفاهيم السائدة عبر جهود تربوية وثقافية، تعزز الوعي بحقوق الأفراد، والاحترام بين الجنسين.
ينبغي أيضا إدراج مناهج دراسية تناقش مفهوم الأسرة.. وتقدم ورش عمل حول تحديات التعدد، بينما يقوم الإعلام بتعزيز الصور الإيجابية للأسرة المتماسكة... مما يسهم في تقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بعدم التعدد.
إن مناقشة هذه القضية يتطلب وعيا أكبر، حيث تتجاوز الأهداف مجرد زيادة الأرقام السكانية.. لتشمل تأثير التعدد الجوهري على الأسرة والمجتمع.
فلا يمكن استدامة الكيان الأسري، في ظل تفسيرات لبرامج ومستهدفات رؤية 2030 على أنها دعوة صريحة للتعدد! وبينما لا توجد إحصائيات دقيقة حول نسبة التعدد في المملكة، لأن الأفراد قد يتجنبون الإفصاح.. وربما لا تسجل جميع الحالات رسميا، خاصة تلك التي تتم خارج الإطار القانوني.. فإننا نجد أن هناك ارتفاعا في معدلات الطلاق إلى 7.7 حالات لكل 1000 نسمة خلال 2022، مما يعكس التحديات الاجتماعية المرتبطة بالتعدد وأثره على استقرار الأسرة، وقد يؤدي إلى زيادة نسبة الطلاق، فالزوج المعدد أكثر عرضة لتكرار الطلاق أو الانفصال النفسي، خاصة إذا لم يتمكن من الحفاظ على التوازن العاطفي والمالي بين الزوجات.
كما تظهر الأبحاث أن 65% من أطفال الأسر التعددية يواجهون تحديات في النمو النفسي والاجتماعي، والقدرة على التكيف، ويترجم إلى مشكلات سلوكية وتراجع دراسي، وآثار سلبية تمتد إلى مستقبلهم ومستقبل المجتمع بأكمله.
من هذا المنطلق، يمكن للمرأة أو ولي أمرها إضافة شروط في عقد النكاح لتعزيز الحقوق والاحترام المتبادل بشكل يحدد إطار العلاقة ويحفظ للأسرة استدامتها قدر الإمكان.
تعتمد هذه الشروط على قبول الزوج ورضاه عند توقيع العقد، مما يجعلها ملزمة قانونيا في إطار الشريعة الإسلامية.
من بين هذه الشروط يعتبر شرط "لا سابقة ولا لاحقة" من أبرزها، حيث يضمن الحصرية في الزواج. هذا الشرط يعني أن الزوج لم يكن متزوجا بأي امرأة أخرى عند إبرام هذا العقد، و"لا لاحقة" تشير إلى أنه لا يسمح له بالزواج من امرأة أخرى في المستقبل إلا بموافقة الزوجة ورضاها... وفي حال عدم الالتزام بهذا الشرط، يحق للمرأة فسخ العقد بناء على إخلال الزوج بالاتفاق، مما يعد سببا شرعيا لطلب التفريق.
وبالرغم من أن عالمنا العربي لا زال يعتبر العلاقة الزوجية المبنية على الشراكة هي الأساس لبناء استقرار أسري ومجتمع قوي.. إلا أن التعدد يشير بإصبعه إلى الهيمنة الذكورية وحرمان المرأة من الشراكة الحقيقية، فلماذا لا يفكر الرجال في شراكة متساوية ومستدامة مع امرأة واحدة؟ ألا تستحق المرأة أن تكون شريكا كاملا في الحياة، بدلا من أن تكون جزءا من معادلة يسيطر عليها الرجل؟ وبدلا من التركيز على زيادة عدد الزوجات أو الأبناء، يجب أن يركز على بناء أسر قوية ومستقرة، حيث تكون المرأة شريكا متساويا في جميع جوانب الحياة.
ما أود قوله لمعشر النساء هو ضرورة اعتماد المنطق والعقلانية في موضوع القبول بالرجل المعدد، فالرجال ينظرون إلى هذه الأمور كمكسب وخسارة، وعرض وطلب كما في "الشراكة التضامنية" التي ذكرت في المقال.
فكيف يمكن للمرأة أن تثق في الرجل المعدد وهي تعيش على كف "عفريت"؟ كيف ستربي أبناءه وهي مهددة بالترك أو الجحود بدعوى حقه في التغيير؟ كيف يستهان بالميثاق الغليظ لتحقيق المآرب الشخصية، فيتحول التعدد بمفهومه المغلوط إلى فرص سانحة أكثر من كونه تشريعا مشروطا.. وإلى مبرر للاستغلال والتسلط على النساء.. فإن قبلت المرأة بالتعدد كخيار مطروح.. فإنها غالبا ما ستكون الطرف الذي يدفع الثمن الأكبر في مشروع يعتبره الرجال حقا مشروعا.. بينما تعتبره النساء "عوار قلب" وشرا لا بد منه.
ومهما حاول المقال المذكور تجميل فكرة التعدد.. إلا أن السعادة الزوجية الحقيقية تكمن في الإخلاص لامرأة واحدة، بدلا من الانشغال بتعدد الزوجات.
smileofswords@