كيف يهدد المشهور الساذج قيمك الراسخة؟
الخميس - 12 سبتمبر 2024
Thu - 12 Sep 2024
في هذا العصر الذي يغلب عليه تسطيح المعاني وتغليب المظاهر، أصبحت الشهرة الوسيلة الأسهل والأسرع للوصول إلى عقول الناس وتوجيه قيمهم.
لم يعد "النجم" هو من يملك فكرا ناضجا أو معرفة حقيقية، بل تحول إلى من يتقن جذب الانتباه، لا بعمق ما يقدمه، بل ببريق صورته الزائفة.
وهنا يكمن الخطر الحقيقي؛ فنحن نرى كيف يتمكن هؤلاء المشاهير من التأثير على الناس وتشكيل قيمهم دون أن يقدموا أي إضافة معرفية تذكر، مما يؤدي إلى تفكيك القيم الراسخة في المجتمع وتآكلها تحت وطأة هذا التأثير السطحي.
السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: لماذا نسمح لهؤلاء الأشخاص السطحيين بأن يكونوا مرجعا لمعاييرنا؟ كيف لنا، نحن الذين نمتلك عمقا فكريا وثقافيا، أن ننجر خلف بريق زائف لا يقدم سوى مظاهر خادعة؟
المشكلة تتجلى في تلك الثقة الزائفة التي يعرض بها المشاهير آراءهم، متحدثين عن الصواب والخطأ، واضعين قواعد لما يجب أن يكون عليه الرجال والنساء، وكأنهم يملكون مفاتيح الحكمة المطلقة، لكن لو تأملنا في حقيقة شخصياتهم، لوجدنا أنهم يفتقرون إلى أي تعليم جاد أو نضج فكري حقيقي، وما يعرضونه ليس إلا نتاج تجارب شخصية ضيقة، غالبا ما تكون مليئة بالأخطاء والجهل.
ومع ذلك يستمر هؤلاء المشاهير في الحديث عن العلاقات الإنسانية وكأنهم علماء نفس واجتماع، بينما هم في الواقع ضحايا لجهلهم الشخصي وضيق رؤيتهم، والأسوأ من ذلك أن المتلقي البسيط يتعامل مع كلامهم وكأنه حقيقة علمية، متناسيا أنهم لا يملكون إلا القليل من الفهم في تلك المجالات، مما يؤدي إلى انتشار أفكار مشوهة وغير متزنة تشوه الحقائق وتضعف القيم الفكرية.
وهنا علينا أن نتوقف لنسأل: كيف نسمح لأنفسنا بأن نتأثر بأشخاص أقل منا فكرا وثقافة؟ لا بد أن ندرك أهمية اختيار مصادر المعرفة بعناية، وأن نكون حذرين في اختيار من نتابع، ليس كل مشهور يستحق أن يكون قدوة أو مصدر إلهام، فالشهرة وحدها ليست دليلا على النجاح أو الحكمة، والاعتماد عليها في تقييم الأشخاص هو تدمير للذات الفكرية وسحبنا نحو هاوية السطحية.
علينا أن نرفع من معاييرنا الفكرية، وأن نرتقي بأنفسنا إلى مستوى النضج الذي لا يسمح لنا بالانجرار خلف المشاهير السطحيين، مهما كان بريقهم أو عدد متابعيهم، المثقف الحقيقي يبحث دائما عن النماذج التي ترفع من قيمته الفكرية، وتدعوه للتفكير النقدي والبحث العميق، وليس تلك التي تسحبه إلى الوراء.
في الختام، التحرر من سطوة المشاهير ليس مسألة عدم متابعتهم فقط، بل يتطلب بناء جدار فكري متين يحمي عقولنا من تأثيرهم الفارغ من التغلغل في أعماقنا.
في نهاية الأمر نحن وحدنا المسؤولون عن معاييرنا وعمن نسمح لهم بالتأثير في حياتنا.
الشهرة الخاوية مهما بدت براقة تظل مجرد قشرة فارغة، تفتقر إلى الجوهر الذي يصنع الإنسان ويميزه.
AbdullahAlhadia@
لم يعد "النجم" هو من يملك فكرا ناضجا أو معرفة حقيقية، بل تحول إلى من يتقن جذب الانتباه، لا بعمق ما يقدمه، بل ببريق صورته الزائفة.
وهنا يكمن الخطر الحقيقي؛ فنحن نرى كيف يتمكن هؤلاء المشاهير من التأثير على الناس وتشكيل قيمهم دون أن يقدموا أي إضافة معرفية تذكر، مما يؤدي إلى تفكيك القيم الراسخة في المجتمع وتآكلها تحت وطأة هذا التأثير السطحي.
السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: لماذا نسمح لهؤلاء الأشخاص السطحيين بأن يكونوا مرجعا لمعاييرنا؟ كيف لنا، نحن الذين نمتلك عمقا فكريا وثقافيا، أن ننجر خلف بريق زائف لا يقدم سوى مظاهر خادعة؟
المشكلة تتجلى في تلك الثقة الزائفة التي يعرض بها المشاهير آراءهم، متحدثين عن الصواب والخطأ، واضعين قواعد لما يجب أن يكون عليه الرجال والنساء، وكأنهم يملكون مفاتيح الحكمة المطلقة، لكن لو تأملنا في حقيقة شخصياتهم، لوجدنا أنهم يفتقرون إلى أي تعليم جاد أو نضج فكري حقيقي، وما يعرضونه ليس إلا نتاج تجارب شخصية ضيقة، غالبا ما تكون مليئة بالأخطاء والجهل.
ومع ذلك يستمر هؤلاء المشاهير في الحديث عن العلاقات الإنسانية وكأنهم علماء نفس واجتماع، بينما هم في الواقع ضحايا لجهلهم الشخصي وضيق رؤيتهم، والأسوأ من ذلك أن المتلقي البسيط يتعامل مع كلامهم وكأنه حقيقة علمية، متناسيا أنهم لا يملكون إلا القليل من الفهم في تلك المجالات، مما يؤدي إلى انتشار أفكار مشوهة وغير متزنة تشوه الحقائق وتضعف القيم الفكرية.
وهنا علينا أن نتوقف لنسأل: كيف نسمح لأنفسنا بأن نتأثر بأشخاص أقل منا فكرا وثقافة؟ لا بد أن ندرك أهمية اختيار مصادر المعرفة بعناية، وأن نكون حذرين في اختيار من نتابع، ليس كل مشهور يستحق أن يكون قدوة أو مصدر إلهام، فالشهرة وحدها ليست دليلا على النجاح أو الحكمة، والاعتماد عليها في تقييم الأشخاص هو تدمير للذات الفكرية وسحبنا نحو هاوية السطحية.
علينا أن نرفع من معاييرنا الفكرية، وأن نرتقي بأنفسنا إلى مستوى النضج الذي لا يسمح لنا بالانجرار خلف المشاهير السطحيين، مهما كان بريقهم أو عدد متابعيهم، المثقف الحقيقي يبحث دائما عن النماذج التي ترفع من قيمته الفكرية، وتدعوه للتفكير النقدي والبحث العميق، وليس تلك التي تسحبه إلى الوراء.
في الختام، التحرر من سطوة المشاهير ليس مسألة عدم متابعتهم فقط، بل يتطلب بناء جدار فكري متين يحمي عقولنا من تأثيرهم الفارغ من التغلغل في أعماقنا.
في نهاية الأمر نحن وحدنا المسؤولون عن معاييرنا وعمن نسمح لهم بالتأثير في حياتنا.
الشهرة الخاوية مهما بدت براقة تظل مجرد قشرة فارغة، تفتقر إلى الجوهر الذي يصنع الإنسان ويميزه.
AbdullahAlhadia@