الأسرة والأبناء "السكريين" ومخاطر المستقبل
الأربعاء - 11 سبتمبر 2024
Wed - 11 Sep 2024
تعتقد بعض الأسر التي لديها أطفال مصابون بداء "السكري" أن التعامل العلاجي والصحي معهم يتوقف على مرحلتهم الآنية فقط دون أي اعتبار للمستقبل، وهذا الأمر غير صحيح نهائيا، وخصوصا إذا أدركنا أن داء السكري يعد من الأمراض المرتبطة بمضاعفات خطرة التي لا يحمد عقباها.
ما دعاني إلى كتابة هذه المقدمة هو ما ألمسه في عيادتي عند تشخيص ومتابعة بعض الأطفال السكريين، فالواقع أن هناك نوعين من أهالي مرضى السكري، الأول وهم كثرة - ولله الحمد - وهي الفئة الحريصة جدا على صحة أطفالها المصابين، بمعنى أنها لا تسمح أن تتجاوز معدلات سكرهم النسبة المطلوبة نهائيا، فقد تحرص على متابعة وإجراء التحليل عدة مرات عبر الأجهزة التقليدية أو حساسات التقنيات المتخصصة للتحكم في المرض وإدارته بالشكل المطلوب، فالهدف هنا هو المحافظة على نسبة السكر وخصوصا التراكمي إلى معدل 7% أو أقل، بالإضافة إلى جعل الوقت في النطاق "70%" والمقصود بذلك النسبة المئوية للوقت الذي تكون فيه مستويات السكر في الدم في النطاق المستهدف، وهذا الحرص من أجل مستقبلهم وضمان سلامة صحتهم بعيدا عن المضاعفات الخطرة، فعندما يكبر هؤلاء الأطفال سيدركون كيف كان أهاليهم يحرصون في صغرهم على صحتهم ومتابعتهم حتى لا يتعرضون لأي مضاعفات مرتبطة بمرضهم أو يصلوا لتلك المرحلة.
أما الفئة الثانية من أهالي مرضى السكري وهي قلة ولله الحمد التي لا تحرص كثيرا على صحة أبنائها المصابين، فكثيرا ما نرصد عند تشخيصهم ومتابعة قراءات وأرقام نسبة سكر الدم على مدى الشهور السابقة نجد أنها كانت خيالية وقد سجلت بين 300-400، والسبب عدم الاهتمام بنمط حياتهم ومتابعة صحتهم كما ينبغي، وبالعكس فقد تسهم الأسرة في رفع سكرهم كثيرا من خلال توفير وجبات غير صحية وجعلهم يأكلون ما يشاؤون وما لذ وطاب، وقد تكون تلك الأطعمة مضرة جدا على صحتهم، وقد يصل الأمر بهم إلى حد عدم الاهتمام بإجراء التحليل اليومي لمعرفة وضع السكر لديهم أو يكتفون بإجرائه مرة واحدة دون أي متابعة لاحقة، فيما نجد أن السكر التراكمي وصل إلى 10% أو 13% وهذا الأمر مفجع وغير مبشر بالخير، فلو استمر هذا الحال على مدى الأيام والسنين فقد تكون هذه المجموعة عرضة - لا سمح الله - للمضاعفات التي سيتم شرحها بالتفصيل والتي قد تحدث في المستقبل عند عدم التحكم بداء السكري في الصغر.
والواقع أن هناك أعضاء حيوية في الجسم تتأثر بداء السكري في حال ترك المرض دون اهتمام ورعاية وتحكم، ونبدأ من الأعلى إلى أسفل، فالبداية من العينين، فإذا ظل مستوى الجلوكوز في الدم مرتفعا فمع مرور الوقت فقد يسبب تلف الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة في الشبكية، بجانب إمكانية الإصابة بالماء الأزرق (الجلوكوما) والماء الأبيض (الكتاركت)، ونأتي إلى الفم إذ تزداد الالتهابات الفطرية في الفم وتسوس الأسنان، ونزولا إلى القلب نجد أن مرض السكري يضاعف من فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين وعدم انتظام ضربات القلب، أما بالنسبة للكبد فإن مرض السكري يزيد من خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني، وهي حالة تتراكم فيها الدهون الزائدة في الكبد، بينما الكليتان أيضا تتأثران بداء السكري، فالكلى محملة بملايين الأوعية الدموية الدقيقة التي تعمل كمرشحات لإزالة الفضلات من الدم، وعند الإصابة بمرض السكري وارتفاع السكر بالدم فإن الأوعية الدموية والأعصاب تتأثر مع مرور الوقت، بالإضافة إلى أن تصفية كميات كبيرة من الجلوكوز تشكل عبئا على الكلى، وبعد عدة سنوات يبدأ البروتين المفيد بالخروج مع البول، وفي الحالات المتأخرة يمكن أن يصل إلى مرحلة الفشل الكلوي، كما قد يعاني العديد من مرضى السكري أيضا من ارتفاع ضغط الدم الذي يمكن أن يتسبب أيضا في تلف الكلى، وقد يصاب مرضى السكري غير المتحكمين بمرضهم بالأقدام السكرية وفيها قد تتطور المشاكل البسيطة وتسبب مضاعفات خطيرة، فمشكلة القدم السكرية تحدث غالبا عند تلف أعصاب القدمين وهو ما يعرف بـ(اعتلال الأعصاب السكري).
الخلاصة: مسؤولية متابعة والتحكم في سكري الأطفال منذ المرحلة المبكرة تقع على عاتق الأسرة والوالدين تحديدا مهما اكتسب الطفل المصاب خبرة وإلماما بمرضه، وذلك لحمايتهم ووقايتهم من المضاعفات الخطرة التي قد تترتب في مستقبلهم، إلى أن يكبروا ويصبحوا قادرين على الاعتماد على النفس وتحمل مهام متابعة المرض والسيطرة عليه وتفادي مضاعفاته، فمن أكبر الأخطاء الجسيمة عدم اهتمام بعض الأسر بأطفالهم السكريين مما يضاعف خطورة وسهولة تعرضهم للمضاعفات لاحقا (لا سمح الله).
ما دعاني إلى كتابة هذه المقدمة هو ما ألمسه في عيادتي عند تشخيص ومتابعة بعض الأطفال السكريين، فالواقع أن هناك نوعين من أهالي مرضى السكري، الأول وهم كثرة - ولله الحمد - وهي الفئة الحريصة جدا على صحة أطفالها المصابين، بمعنى أنها لا تسمح أن تتجاوز معدلات سكرهم النسبة المطلوبة نهائيا، فقد تحرص على متابعة وإجراء التحليل عدة مرات عبر الأجهزة التقليدية أو حساسات التقنيات المتخصصة للتحكم في المرض وإدارته بالشكل المطلوب، فالهدف هنا هو المحافظة على نسبة السكر وخصوصا التراكمي إلى معدل 7% أو أقل، بالإضافة إلى جعل الوقت في النطاق "70%" والمقصود بذلك النسبة المئوية للوقت الذي تكون فيه مستويات السكر في الدم في النطاق المستهدف، وهذا الحرص من أجل مستقبلهم وضمان سلامة صحتهم بعيدا عن المضاعفات الخطرة، فعندما يكبر هؤلاء الأطفال سيدركون كيف كان أهاليهم يحرصون في صغرهم على صحتهم ومتابعتهم حتى لا يتعرضون لأي مضاعفات مرتبطة بمرضهم أو يصلوا لتلك المرحلة.
أما الفئة الثانية من أهالي مرضى السكري وهي قلة ولله الحمد التي لا تحرص كثيرا على صحة أبنائها المصابين، فكثيرا ما نرصد عند تشخيصهم ومتابعة قراءات وأرقام نسبة سكر الدم على مدى الشهور السابقة نجد أنها كانت خيالية وقد سجلت بين 300-400، والسبب عدم الاهتمام بنمط حياتهم ومتابعة صحتهم كما ينبغي، وبالعكس فقد تسهم الأسرة في رفع سكرهم كثيرا من خلال توفير وجبات غير صحية وجعلهم يأكلون ما يشاؤون وما لذ وطاب، وقد تكون تلك الأطعمة مضرة جدا على صحتهم، وقد يصل الأمر بهم إلى حد عدم الاهتمام بإجراء التحليل اليومي لمعرفة وضع السكر لديهم أو يكتفون بإجرائه مرة واحدة دون أي متابعة لاحقة، فيما نجد أن السكر التراكمي وصل إلى 10% أو 13% وهذا الأمر مفجع وغير مبشر بالخير، فلو استمر هذا الحال على مدى الأيام والسنين فقد تكون هذه المجموعة عرضة - لا سمح الله - للمضاعفات التي سيتم شرحها بالتفصيل والتي قد تحدث في المستقبل عند عدم التحكم بداء السكري في الصغر.
والواقع أن هناك أعضاء حيوية في الجسم تتأثر بداء السكري في حال ترك المرض دون اهتمام ورعاية وتحكم، ونبدأ من الأعلى إلى أسفل، فالبداية من العينين، فإذا ظل مستوى الجلوكوز في الدم مرتفعا فمع مرور الوقت فقد يسبب تلف الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة في الشبكية، بجانب إمكانية الإصابة بالماء الأزرق (الجلوكوما) والماء الأبيض (الكتاركت)، ونأتي إلى الفم إذ تزداد الالتهابات الفطرية في الفم وتسوس الأسنان، ونزولا إلى القلب نجد أن مرض السكري يضاعف من فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين وعدم انتظام ضربات القلب، أما بالنسبة للكبد فإن مرض السكري يزيد من خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني، وهي حالة تتراكم فيها الدهون الزائدة في الكبد، بينما الكليتان أيضا تتأثران بداء السكري، فالكلى محملة بملايين الأوعية الدموية الدقيقة التي تعمل كمرشحات لإزالة الفضلات من الدم، وعند الإصابة بمرض السكري وارتفاع السكر بالدم فإن الأوعية الدموية والأعصاب تتأثر مع مرور الوقت، بالإضافة إلى أن تصفية كميات كبيرة من الجلوكوز تشكل عبئا على الكلى، وبعد عدة سنوات يبدأ البروتين المفيد بالخروج مع البول، وفي الحالات المتأخرة يمكن أن يصل إلى مرحلة الفشل الكلوي، كما قد يعاني العديد من مرضى السكري أيضا من ارتفاع ضغط الدم الذي يمكن أن يتسبب أيضا في تلف الكلى، وقد يصاب مرضى السكري غير المتحكمين بمرضهم بالأقدام السكرية وفيها قد تتطور المشاكل البسيطة وتسبب مضاعفات خطيرة، فمشكلة القدم السكرية تحدث غالبا عند تلف أعصاب القدمين وهو ما يعرف بـ(اعتلال الأعصاب السكري).
الخلاصة: مسؤولية متابعة والتحكم في سكري الأطفال منذ المرحلة المبكرة تقع على عاتق الأسرة والوالدين تحديدا مهما اكتسب الطفل المصاب خبرة وإلماما بمرضه، وذلك لحمايتهم ووقايتهم من المضاعفات الخطرة التي قد تترتب في مستقبلهم، إلى أن يكبروا ويصبحوا قادرين على الاعتماد على النفس وتحمل مهام متابعة المرض والسيطرة عليه وتفادي مضاعفاته، فمن أكبر الأخطاء الجسيمة عدم اهتمام بعض الأسر بأطفالهم السكريين مما يضاعف خطورة وسهولة تعرضهم للمضاعفات لاحقا (لا سمح الله).