لماذا العقوبات وحدها لا تجعل الإنسان أفضل؟
الأربعاء - 11 سبتمبر 2024
Wed - 11 Sep 2024
ما هو الفارق بين المجتمع المتحضر وبين الهمجي؟ الفارق يكمن بوجود قوانين وأنظمة بالمجتمع المتحضر يفترض أنها قائمة على المثاليات العليا تضبط وتنظم كل نواحي الحياة ويكون المجتمع متوافقا على الالتزام بها، لأنها تحقق المصلحة العامة والخاصة، لكن بسبب غياب الوعي الذاتي وبالتالي الانضباط الذاتي بالقيم الأخلاقية السلوكية للتحضر يتصرف البعض كهمج بالمجتمعات المتحضرة، وهذا ما يجعل المجتمعات المتحضرة تفرض عقوبات على السلوكيات المتجاوزة على حدود وحقوق الفرد والجماعة، لكن العقوبات بحد ذاتها لا تكسبهم المثاليات السلوكية والفضائل إنما تجعلهم غالبا يحاولون أن تكون تجاوزاتهم بالمرة التالية أكثر خفاء وخبثا لكي لا يمكن ضبطهم ومعاقبتهم بتهمة مخالفة القوانين والأنظمة.
ولهذا منظومة العقوبات لا تجعل بحد ذاتها الجناة والمجرمين يمتنعون عن تكرار ما استجلب عليهم العقوبة، لأن منظومات العقوبات بكل أنواعها ما زالت غالبا مفتقرة إلى جانب إكساب المعاقبين المعرفة النفسية الأخلاقية السلوكية الرشيدة، وتنمية وعيهم بها وتدريبهم عبر العقوبات البديلة على ضبط أنفسهم ذاتيا على مثالياتها، فالإنسان لا يتغير لمجرد تعرضه للعقاب إنما يتغير عند إكسابه نمطا بديلا عن النمط الخاطئ وتوليد الرغبة لديه للأخذ بالنمط البديل الصائب بوازع ذاتي، وتدريبه على ضبط نفسه ذاتيا عن الخطأ الذي وقع فيه.
الدولة من مهامها وضع القوانين والأنظمة والمعاقبة على تجاوزها، لكن حصل للشعوب ما حصل للآباء مع المدارس وأدى لأجيال بلا تربية حقيقية؛ فالآباء يفترضون أن المدارس تقوم بالتربية الأخلاقية لأبنائهم لمجرد أنها تفرض قوانين صارمة تتعلق بالسلوك النظامي، ولهذا أهمل الآباء واجب التربية الأخلاقية السلوكية لأبنائهم، بينما الحقيقة أن المدارس هي مجرد مؤسسات تدريب علمي مهني على سوق العمل، وما زالت لم تتطور لدور المربي للحكمة الفكرية الأخلاقية السلوكية لدى النشء.
والشعوب أيضا بالمثل افترضت أنه لمجرد وجود قوانين حكومية تعاقب على الجرائم فما عاد للمؤسسات الاجتماعية والثقافية دور بنشر وتنمية وتكريس ثقافة الانضباط الأخلاقي السلوكي الذاتي على المثاليات العليا بالمجتمع كما يقول المثل الشعبي "من لم يربيه أهله تربيه الحكومة - أي بالعقوبات القانونية" ومجرد التحذير من الوقوع بالأخطاء والخطايا والتهديد بالعقوبات الدنيوية والأخروية سواء بصيغة مواعظ دينية أو لوائح نظامية بحد ذاته لا يولد بوصلة أخلاقية وضميرا أخلاقيا سلوكيا لدى الفرد، فما يولد ويكرس الجوهر والضمير الأخلاقي لدى الإنسان هو الثقافة والمعرفة الأخلاقية السلوكية النفسية الفكرية الروحية "الحكمة" بكل أشكال نشرها المباشرة كالكتب والمناهج الدراسية، وغير المباشرة كالمنتجات الفنية بخاصة التمثيلية التي بات لها بعالم اليوم الأثر الأكبر في صياغة الثقافة العالمية المعاصرة، لدرجة صارت أقوى من الثقافة الدينية والثقافة العلمية والطبية والفكرية، وهذا سبب الانحطاط الحالي بالثقافة العالمية، وذلك ليس لأن الأصل بالمنتجات الفنية أن لها أثرا فاسدا مفسدا، فهي يمكن أن يكون لها أعظم الأثر بترقية نوعية الوعي الفردي والجماعي بشكل لا يمكن فعله حتى عبر الكتب والمواعظ، لكونها تخاطب كل حواس الإنسان الإدراكية الواعية واللاواعية، لكن الفقر الثقافي والمعرفي والأخلاقي للعاملين بهذا المجال هو سبب انحطاطه.
مما يساعد على التصدي لهذا الأثر ما فعلته بعض بلدان شرق آسيا مثل الصين وكوريا الجنوبية من منع تجسيد المواضيع التي تعتبر مفسدة أخلاقيا كالشذوذ والإباحية وتحويل السفاحين والمختلين لمشاهير عبر صنع الأفلام والمسلسلات عن سيرهم، والتي باتت تشكل غالب مواضيع مواد الترفيه الغربية، وأدت لنشر انحرافاتها الخطيرة عالميا، وهذا تلقائيا رفع من مستوى المحتوى الآسيوي لأنه أجبر العاملين بهذا المجال على البحث عن مواضيع أفضل وأعمق وأكثر إبداعا.
ولهذا منظومة العقوبات لا تجعل بحد ذاتها الجناة والمجرمين يمتنعون عن تكرار ما استجلب عليهم العقوبة، لأن منظومات العقوبات بكل أنواعها ما زالت غالبا مفتقرة إلى جانب إكساب المعاقبين المعرفة النفسية الأخلاقية السلوكية الرشيدة، وتنمية وعيهم بها وتدريبهم عبر العقوبات البديلة على ضبط أنفسهم ذاتيا على مثالياتها، فالإنسان لا يتغير لمجرد تعرضه للعقاب إنما يتغير عند إكسابه نمطا بديلا عن النمط الخاطئ وتوليد الرغبة لديه للأخذ بالنمط البديل الصائب بوازع ذاتي، وتدريبه على ضبط نفسه ذاتيا عن الخطأ الذي وقع فيه.
الدولة من مهامها وضع القوانين والأنظمة والمعاقبة على تجاوزها، لكن حصل للشعوب ما حصل للآباء مع المدارس وأدى لأجيال بلا تربية حقيقية؛ فالآباء يفترضون أن المدارس تقوم بالتربية الأخلاقية لأبنائهم لمجرد أنها تفرض قوانين صارمة تتعلق بالسلوك النظامي، ولهذا أهمل الآباء واجب التربية الأخلاقية السلوكية لأبنائهم، بينما الحقيقة أن المدارس هي مجرد مؤسسات تدريب علمي مهني على سوق العمل، وما زالت لم تتطور لدور المربي للحكمة الفكرية الأخلاقية السلوكية لدى النشء.
والشعوب أيضا بالمثل افترضت أنه لمجرد وجود قوانين حكومية تعاقب على الجرائم فما عاد للمؤسسات الاجتماعية والثقافية دور بنشر وتنمية وتكريس ثقافة الانضباط الأخلاقي السلوكي الذاتي على المثاليات العليا بالمجتمع كما يقول المثل الشعبي "من لم يربيه أهله تربيه الحكومة - أي بالعقوبات القانونية" ومجرد التحذير من الوقوع بالأخطاء والخطايا والتهديد بالعقوبات الدنيوية والأخروية سواء بصيغة مواعظ دينية أو لوائح نظامية بحد ذاته لا يولد بوصلة أخلاقية وضميرا أخلاقيا سلوكيا لدى الفرد، فما يولد ويكرس الجوهر والضمير الأخلاقي لدى الإنسان هو الثقافة والمعرفة الأخلاقية السلوكية النفسية الفكرية الروحية "الحكمة" بكل أشكال نشرها المباشرة كالكتب والمناهج الدراسية، وغير المباشرة كالمنتجات الفنية بخاصة التمثيلية التي بات لها بعالم اليوم الأثر الأكبر في صياغة الثقافة العالمية المعاصرة، لدرجة صارت أقوى من الثقافة الدينية والثقافة العلمية والطبية والفكرية، وهذا سبب الانحطاط الحالي بالثقافة العالمية، وذلك ليس لأن الأصل بالمنتجات الفنية أن لها أثرا فاسدا مفسدا، فهي يمكن أن يكون لها أعظم الأثر بترقية نوعية الوعي الفردي والجماعي بشكل لا يمكن فعله حتى عبر الكتب والمواعظ، لكونها تخاطب كل حواس الإنسان الإدراكية الواعية واللاواعية، لكن الفقر الثقافي والمعرفي والأخلاقي للعاملين بهذا المجال هو سبب انحطاطه.
مما يساعد على التصدي لهذا الأثر ما فعلته بعض بلدان شرق آسيا مثل الصين وكوريا الجنوبية من منع تجسيد المواضيع التي تعتبر مفسدة أخلاقيا كالشذوذ والإباحية وتحويل السفاحين والمختلين لمشاهير عبر صنع الأفلام والمسلسلات عن سيرهم، والتي باتت تشكل غالب مواضيع مواد الترفيه الغربية، وأدت لنشر انحرافاتها الخطيرة عالميا، وهذا تلقائيا رفع من مستوى المحتوى الآسيوي لأنه أجبر العاملين بهذا المجال على البحث عن مواضيع أفضل وأعمق وأكثر إبداعا.