طريق الهجرة وخصيصة المكان
الأحد - 08 سبتمبر 2024
Sun - 08 Sep 2024
تحل في هذا الشهر المبارك ربيع الأنوار ذكرى المولد النبوي والهجرة المباركة من مكة المكرمة إلى يثرب التي تحول اسمها بعد الهجرة إلى المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم، وهي ذكرى طيبة ألف المسلمون في أصقاع الأرض الاحتفاء بها، تخليدا وتمجيدا لسيرة النبي المصطفى سيدنا محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي الذي بعثه الله رحمة للعالمين.
في هذه الذكرى كان مبتدأ الهجرة النبوية من مكة بعد أن فقد النبي الكريم في وقت واحد السند والمؤانس بوفاة حبه الخالد الحبابة خديجة بنت خويلد وعمه أبي طالب بن عبد المطلب، فكان لذلك أبلغ الأثر النفسي على نبينا الأكرم حتى سمي ذلك العام بعام الحزن.
في ذلك العام أذن الله لنبيه بالهجرة إلى يثرب حيث أنصاره الذين هيأهم الله من قبل مئتي عام بوصول تبع الحميري إلى يثرب وإيمانه بدعوة النبي المرتقب، وبقاء بعض أصحابه بها ليكونوا السند والمعين حال ظهوره، والذين تسلسلت ذريتهم ليكونوا الأوس والخزرج بعد ذلك. ثم كانت المشيئة الإلهية بأن يتزوج جده هاشم من سلمى النجارية الخزرجية ليولد منها جده عبد المطلب، وتشاء المشيئة أن يستودع الله بها والده عبد الله بن عبد المطلب الذي دفن بها، وكل ذلك كان بمثابة التهيئة لهجرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليصل إلى أرض وقوم ليست غريبة عنه، بل وفيها بضعة منه، ولله الحكمة البالغة.
جاءت رحلة الهجرة المباركة في أشد الأوقات صعوبة، حيث تخلى كفار قريش عن قيم المروءة بحصارهم الجائر على بني هاشم وأبناء عمومتهم الأقربين بني المطلب، ثم قرارهم بانتداب عديد من فرسانهم لقتل النبي الكريم، غير أن حفظ الله كان أكبر من تدبيرهم، فكان خروج النبي من بين يديهم محفوظا، ثم هجرته وصاحبه أبي بكر بتخطيط محكم من دليلهما عبد الله بن أريقط إلى المدينة التي اختارها الله له.
استغرقت الرحلة ثمانية أيام، سلك فيها النبي طريقا مخالفا للطريق المتوقع، حيث اتجه جنوبا إلى جبل ثور، ثم غربا ليحاذي الساحل، وبعدها توجها شمالا إلى مدينة يثرب، عبر طريق وثقها أصحاب السير والتاريخ وأهل الحديث بمعالم مكانية محددة. وهو طريق جدير بنا اليوم أن نحييه تاريخيا، ونستفيد منه سياحيا على أقل تقدير.
أشير إلى أن عديدا من المهتمين المعاصرين قد أخذوا في تقصي معالم المسار الذي سلكه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق، وكل له اجتهاده ورأيه، غير أني كمؤرخ أميل إلى تتبع فريق أثر المسحي، لكونهم فريقا متنوع الاختصاصات العلمية أولا، ولاهتمامهم باستقصاء الطريق جغرافيا، ورصدهم للإحداثيات بشكل منهجي، ثم لاستقصائهم العلمي بتسيير عديد من الرحلات النوعية بمشاركة عدد من الباحثين التاريخيين والمهتمين والمعنيين، ومراجعتهم الدائمة لمختلف ما وصلوا إليه، حتى كان استقرارهم على رؤية جغرافية تاريخية لطريق الهجرة، ورصدهم تجربتهم كافة في كتاب مهم بعنوان "طريق الهجرة النبوية: الترتيب الزماني والمكاني لأحداث ومعالم المسار". على أن المعول عليه أن يصدر رأي علمي قاطع من دارة الملك عبد العزيز، وهي الجهة المعنية بتوثيق مسار الطريق ومعالمه، وهو ما ناديت به في مقال سابق عبر هذه الصحيفة، وأرجو أن يتم ذلك قريبا.
أخيرا فمهم أن تستفيد وزارة السياحة من خصيصة المكان فتعمل على تهيئة الطريق وتنميته وفق ما يجب، ليكون معلما سياحيا تنجذب إليه كل النفوس التواقة لتتبع سيرة المصطفى، وحتما فسيكون لذلك مردوده التنموي والاقتصادي على طبيعة المكان ومن فيه، فهل إلى ذلك سبيل؟
في هذه الذكرى كان مبتدأ الهجرة النبوية من مكة بعد أن فقد النبي الكريم في وقت واحد السند والمؤانس بوفاة حبه الخالد الحبابة خديجة بنت خويلد وعمه أبي طالب بن عبد المطلب، فكان لذلك أبلغ الأثر النفسي على نبينا الأكرم حتى سمي ذلك العام بعام الحزن.
في ذلك العام أذن الله لنبيه بالهجرة إلى يثرب حيث أنصاره الذين هيأهم الله من قبل مئتي عام بوصول تبع الحميري إلى يثرب وإيمانه بدعوة النبي المرتقب، وبقاء بعض أصحابه بها ليكونوا السند والمعين حال ظهوره، والذين تسلسلت ذريتهم ليكونوا الأوس والخزرج بعد ذلك. ثم كانت المشيئة الإلهية بأن يتزوج جده هاشم من سلمى النجارية الخزرجية ليولد منها جده عبد المطلب، وتشاء المشيئة أن يستودع الله بها والده عبد الله بن عبد المطلب الذي دفن بها، وكل ذلك كان بمثابة التهيئة لهجرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليصل إلى أرض وقوم ليست غريبة عنه، بل وفيها بضعة منه، ولله الحكمة البالغة.
جاءت رحلة الهجرة المباركة في أشد الأوقات صعوبة، حيث تخلى كفار قريش عن قيم المروءة بحصارهم الجائر على بني هاشم وأبناء عمومتهم الأقربين بني المطلب، ثم قرارهم بانتداب عديد من فرسانهم لقتل النبي الكريم، غير أن حفظ الله كان أكبر من تدبيرهم، فكان خروج النبي من بين يديهم محفوظا، ثم هجرته وصاحبه أبي بكر بتخطيط محكم من دليلهما عبد الله بن أريقط إلى المدينة التي اختارها الله له.
استغرقت الرحلة ثمانية أيام، سلك فيها النبي طريقا مخالفا للطريق المتوقع، حيث اتجه جنوبا إلى جبل ثور، ثم غربا ليحاذي الساحل، وبعدها توجها شمالا إلى مدينة يثرب، عبر طريق وثقها أصحاب السير والتاريخ وأهل الحديث بمعالم مكانية محددة. وهو طريق جدير بنا اليوم أن نحييه تاريخيا، ونستفيد منه سياحيا على أقل تقدير.
أشير إلى أن عديدا من المهتمين المعاصرين قد أخذوا في تقصي معالم المسار الذي سلكه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق، وكل له اجتهاده ورأيه، غير أني كمؤرخ أميل إلى تتبع فريق أثر المسحي، لكونهم فريقا متنوع الاختصاصات العلمية أولا، ولاهتمامهم باستقصاء الطريق جغرافيا، ورصدهم للإحداثيات بشكل منهجي، ثم لاستقصائهم العلمي بتسيير عديد من الرحلات النوعية بمشاركة عدد من الباحثين التاريخيين والمهتمين والمعنيين، ومراجعتهم الدائمة لمختلف ما وصلوا إليه، حتى كان استقرارهم على رؤية جغرافية تاريخية لطريق الهجرة، ورصدهم تجربتهم كافة في كتاب مهم بعنوان "طريق الهجرة النبوية: الترتيب الزماني والمكاني لأحداث ومعالم المسار". على أن المعول عليه أن يصدر رأي علمي قاطع من دارة الملك عبد العزيز، وهي الجهة المعنية بتوثيق مسار الطريق ومعالمه، وهو ما ناديت به في مقال سابق عبر هذه الصحيفة، وأرجو أن يتم ذلك قريبا.
أخيرا فمهم أن تستفيد وزارة السياحة من خصيصة المكان فتعمل على تهيئة الطريق وتنميته وفق ما يجب، ليكون معلما سياحيا تنجذب إليه كل النفوس التواقة لتتبع سيرة المصطفى، وحتما فسيكون لذلك مردوده التنموي والاقتصادي على طبيعة المكان ومن فيه، فهل إلى ذلك سبيل؟