عندما تلتئم تاريخيا
الأربعاء - 04 سبتمبر 2024
Wed - 04 Sep 2024
هل سمعتم بشيء اسمه التخييل التاريخي؟ إنه أسلوب من أساليب السرد الروائي الذي يدمج بين الإبداع الأدبي والحقائق التاريخية، ليمنح القارئ تجربة فريدة تجمع بين الواقع والخيال.
يتيح هذا الأسلوب للكتاب إعادة بناء الماضي عبر قصص خيالية مستوحاة من أحداث وشخصيات حقيقية، مما يخلق تجربة قراءة فريدة تجمع بين الواقع والخيال.. ويجعل الكتابة أداة فعالة لفهم التاريخ من منظور جديد.
وتلعب الروايات التاريخية دورا مهما في تعزيز الانتماء الوطني والفخر بالهوية الثقافية، من خلال إحياء قصص الأبطال الوطنيين والأحداث التاريخية المهمة.
هذا النوع الأدبي يساهم في نشر ثقافات وتاريخ الشعوب على نطاق عالمي، حيث حققت روايات مثل "كل الضوء الذي لا نستطيع رؤيته" لأنطوني دوير و"بقايا النهار" لكازو إيشيغورو جوائز أدبية مرموقة مثل جائزة بوليتزر وجائزة المان بوكر.
الروايات التاريخية تمثل جزءا كبيرا من مبيعات الكتب العالمية، حيث تشكل ما بين 10-15% من مبيعات الروايات في بريطانيا و7-10% في الولايات المتحدة.
أعمال مثل "الحرب والسلم" لليو تولستوي و"ذهب مع الريح" لمارجريت ميتشل تقدم أمثلة على كيفية تأثير هذه الروايات في تصوير حياة وثقافات مختلفة عبر العصور.
ولربط ذلك بفكرة المقال الأساسية ألا وهي التمكين الأدبي الذي تسعى هيئة الأدب والنشر والترجمة لتحقيقه، فقد أطلقت الهيئة حزمة من المبادرات والبرامج التدريبية منها برنامج "أنت" التدريبي.. لتعزيز مهارات الكتابة وتعميق الوعي الثقافي بين المشاركين عبر دعم الكتاب والناشرين والمترجمين.
تم تنفيذه في 3 مدن رئيسية جدة والرياض والدمام.
شملت البرامج التدريبية مواضيع مثل: النقد الأدبي، الفلسفة، النشر، الكتابة الإبداعية، وأدب الأطفال والكبار.. بشكل أتاح التعلم من المتخصصين، والتفاعل مع خبراء هذا المجال.
أما عن فن كتابة الرواية بأسلوب التخييل التاريخي، الذي يعزز قدرة الأفراد على التفكير النقدي، ويساعد في حفظ التراث الثقافي السعودي بطريقة إبداعية، أجد أننا في حقبة تتطلب دعم هذا النوع من الأدب الروائي بشكل أكبر.. دون أن ننتظر استقطاب كتاب من خارج المملكة لتسجيل انطباعاتهم في مذكرات أو روايات قد تحمل وجهات نظر أحادية عن ثقافتنا وتراثنا.
ما نحتفظ به من إرث وتراث حضاري يستحق أن يروى بشكل إبداعي يركز على جوانب غير مستكشفة من التاريخ المحلي.
لأن الرواية التاريخية أكثر جاذبية وقابلية للفهم خاصة من الأجيال الشابة.. فكيف إن دمجت بالإثارة والرومانسية وتمت ترجمتها.. سيأتي القراء حينها من كل أنحاء العالم لزيارة الأماكن التاريخية والمواقع الأثرية التي تروى عنها القصص في السعودية، مما سيساهم في تنمية السياحة الثقافية ويقدم المملكة كوجهة ذات عمق تاريخي وثقافي. Top of FormBottom of Form.
من الواضح أن هناك جهودا مبذولة لتطوير المشهد الثقافي السعودي، لكن من الضروري استدامة الجهد لحصاد الأثر في برامج التدريب الموجه.. ليس فقط عبر التقييمات المعيارية القبلية والبعدية إنما أيضا عبر متابعة المشاركين على مدار فترة زمنية محددة (مثل 6 أشهر إلى سنة)، لرصد تطبيقهم الفعلي للمهارات المكتسبة في مشاريع الروايات القادمة أو إجراء لقاءات دورية (شهرية أو ربع سنوية) مع المشاركين لمناقشة تقدمهم، والتحديات التي يواجهونها.. كل ما سبق يعني استدامة الفعل الثقافي.. بمعنى قياس ما ينجز من ازدهار على المدى الطويل.
ما أقترحه وأرجو أن يجد صداه لدى الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان، هو تأسيس بنك أدبي يحوي المعلومات كافة عن أي كاتب سعودي سبق له النشر في أي مجال أدبي.. ألا يمكن معرفة السابقين وضم الحاليين والمحتملين من الكتاب عبر تكاتف وزارة الإعلام وهيئة الأدب والنشر والثقافة وجمعية كتاب الرأي؟ أليس بالإمكان تأسيس منصة رقمية شاملة تجمع المشتغلين بالقطاع الأدبي كافة للربط بين المخضرم والجديد؟ ألا يمكن تجميع الكتاب لتبادل الأفكار، والتعاون في المشاريع، وتوفير فرص للنقد الأدبي البناء عبر ما يمكن تسميته بالإرشاد الأدبي؟
الهدف هو مشاعة المنتديات النقاشية في إطار منظم، يسمح للكتاب بتبادل الأفكار، والنقد الأدبي، والتفاعل المنتج... والهدف إيجاد أداة لربط الكتاب الجدد مع مرشدين من الكتاب المخضرمين لتقديم النصائح المهنية وتوجيه المسيرة الأدبية.
حق الجديد على المخضرم منحه جزءا من وقته كزكاة علم مأجورة.. من أجل المشاركة في مسيرة الإنجازات الأدبية التي سيفخر بها الوطن، فالكاتب في النهاية حارس للذاكرة الجماعية، يشهد على الحاضر ويعيد صياغة الواقع ليصبح جزءا من المستقبل.
أما عن البرامج التدريبية فيذهب المشارك إليها متوجسا.. مستكشفا.. يأتي بكل أجزائه الإنسانية لينثرها على مرأى ومسمع الحاضرين.. ويكون السر في البيئة التفاعلية التي تجمع المشاركين من خلفيات متنوعة.. وفي المدرب الذي يمتد في الذاكرة كالعروق.. يحمل ما يملك من تجارب وخبرات ليوقظ الشغف.. فيكون الإلهام والبوصلة.. فتتحول "خزعبلات" القصص بين يديه إلى مشاريع روايات مرتقبة في التخييل التاريخي.
شخصيا لم أتخيل مطلقا على مدى حضور 4 برامج في أدب الإثارة والجريمة، ثم الترجمة في مجالات الأدب والفلسفة، بالإضافة للخيال العلمي والتخييل الروائي.. أن هناك أقلاما سعودية مذهلة وواعدة.. تحتاج فقط إلى الدعم والإرشاد لتحلق في عالم الكتابة.
دكتور علي المجنوني كان نموذجا رائعا في المعرفة ونقل المعرفة.. كتب فصولا جديدة في تخييل التاريخ، ليمنح كل شخصية شاركت في البرنامج التدريبي دور البطولة في رواية مرتقبة.. التئمت الحنايا.. لكن من المؤكد أننا نحتاج إلى عمر آخر لنلتئم تاريخيا.
smileofswords@
يتيح هذا الأسلوب للكتاب إعادة بناء الماضي عبر قصص خيالية مستوحاة من أحداث وشخصيات حقيقية، مما يخلق تجربة قراءة فريدة تجمع بين الواقع والخيال.. ويجعل الكتابة أداة فعالة لفهم التاريخ من منظور جديد.
وتلعب الروايات التاريخية دورا مهما في تعزيز الانتماء الوطني والفخر بالهوية الثقافية، من خلال إحياء قصص الأبطال الوطنيين والأحداث التاريخية المهمة.
هذا النوع الأدبي يساهم في نشر ثقافات وتاريخ الشعوب على نطاق عالمي، حيث حققت روايات مثل "كل الضوء الذي لا نستطيع رؤيته" لأنطوني دوير و"بقايا النهار" لكازو إيشيغورو جوائز أدبية مرموقة مثل جائزة بوليتزر وجائزة المان بوكر.
الروايات التاريخية تمثل جزءا كبيرا من مبيعات الكتب العالمية، حيث تشكل ما بين 10-15% من مبيعات الروايات في بريطانيا و7-10% في الولايات المتحدة.
أعمال مثل "الحرب والسلم" لليو تولستوي و"ذهب مع الريح" لمارجريت ميتشل تقدم أمثلة على كيفية تأثير هذه الروايات في تصوير حياة وثقافات مختلفة عبر العصور.
ولربط ذلك بفكرة المقال الأساسية ألا وهي التمكين الأدبي الذي تسعى هيئة الأدب والنشر والترجمة لتحقيقه، فقد أطلقت الهيئة حزمة من المبادرات والبرامج التدريبية منها برنامج "أنت" التدريبي.. لتعزيز مهارات الكتابة وتعميق الوعي الثقافي بين المشاركين عبر دعم الكتاب والناشرين والمترجمين.
تم تنفيذه في 3 مدن رئيسية جدة والرياض والدمام.
شملت البرامج التدريبية مواضيع مثل: النقد الأدبي، الفلسفة، النشر، الكتابة الإبداعية، وأدب الأطفال والكبار.. بشكل أتاح التعلم من المتخصصين، والتفاعل مع خبراء هذا المجال.
أما عن فن كتابة الرواية بأسلوب التخييل التاريخي، الذي يعزز قدرة الأفراد على التفكير النقدي، ويساعد في حفظ التراث الثقافي السعودي بطريقة إبداعية، أجد أننا في حقبة تتطلب دعم هذا النوع من الأدب الروائي بشكل أكبر.. دون أن ننتظر استقطاب كتاب من خارج المملكة لتسجيل انطباعاتهم في مذكرات أو روايات قد تحمل وجهات نظر أحادية عن ثقافتنا وتراثنا.
ما نحتفظ به من إرث وتراث حضاري يستحق أن يروى بشكل إبداعي يركز على جوانب غير مستكشفة من التاريخ المحلي.
لأن الرواية التاريخية أكثر جاذبية وقابلية للفهم خاصة من الأجيال الشابة.. فكيف إن دمجت بالإثارة والرومانسية وتمت ترجمتها.. سيأتي القراء حينها من كل أنحاء العالم لزيارة الأماكن التاريخية والمواقع الأثرية التي تروى عنها القصص في السعودية، مما سيساهم في تنمية السياحة الثقافية ويقدم المملكة كوجهة ذات عمق تاريخي وثقافي. Top of FormBottom of Form.
من الواضح أن هناك جهودا مبذولة لتطوير المشهد الثقافي السعودي، لكن من الضروري استدامة الجهد لحصاد الأثر في برامج التدريب الموجه.. ليس فقط عبر التقييمات المعيارية القبلية والبعدية إنما أيضا عبر متابعة المشاركين على مدار فترة زمنية محددة (مثل 6 أشهر إلى سنة)، لرصد تطبيقهم الفعلي للمهارات المكتسبة في مشاريع الروايات القادمة أو إجراء لقاءات دورية (شهرية أو ربع سنوية) مع المشاركين لمناقشة تقدمهم، والتحديات التي يواجهونها.. كل ما سبق يعني استدامة الفعل الثقافي.. بمعنى قياس ما ينجز من ازدهار على المدى الطويل.
ما أقترحه وأرجو أن يجد صداه لدى الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان، هو تأسيس بنك أدبي يحوي المعلومات كافة عن أي كاتب سعودي سبق له النشر في أي مجال أدبي.. ألا يمكن معرفة السابقين وضم الحاليين والمحتملين من الكتاب عبر تكاتف وزارة الإعلام وهيئة الأدب والنشر والثقافة وجمعية كتاب الرأي؟ أليس بالإمكان تأسيس منصة رقمية شاملة تجمع المشتغلين بالقطاع الأدبي كافة للربط بين المخضرم والجديد؟ ألا يمكن تجميع الكتاب لتبادل الأفكار، والتعاون في المشاريع، وتوفير فرص للنقد الأدبي البناء عبر ما يمكن تسميته بالإرشاد الأدبي؟
الهدف هو مشاعة المنتديات النقاشية في إطار منظم، يسمح للكتاب بتبادل الأفكار، والنقد الأدبي، والتفاعل المنتج... والهدف إيجاد أداة لربط الكتاب الجدد مع مرشدين من الكتاب المخضرمين لتقديم النصائح المهنية وتوجيه المسيرة الأدبية.
حق الجديد على المخضرم منحه جزءا من وقته كزكاة علم مأجورة.. من أجل المشاركة في مسيرة الإنجازات الأدبية التي سيفخر بها الوطن، فالكاتب في النهاية حارس للذاكرة الجماعية، يشهد على الحاضر ويعيد صياغة الواقع ليصبح جزءا من المستقبل.
أما عن البرامج التدريبية فيذهب المشارك إليها متوجسا.. مستكشفا.. يأتي بكل أجزائه الإنسانية لينثرها على مرأى ومسمع الحاضرين.. ويكون السر في البيئة التفاعلية التي تجمع المشاركين من خلفيات متنوعة.. وفي المدرب الذي يمتد في الذاكرة كالعروق.. يحمل ما يملك من تجارب وخبرات ليوقظ الشغف.. فيكون الإلهام والبوصلة.. فتتحول "خزعبلات" القصص بين يديه إلى مشاريع روايات مرتقبة في التخييل التاريخي.
شخصيا لم أتخيل مطلقا على مدى حضور 4 برامج في أدب الإثارة والجريمة، ثم الترجمة في مجالات الأدب والفلسفة، بالإضافة للخيال العلمي والتخييل الروائي.. أن هناك أقلاما سعودية مذهلة وواعدة.. تحتاج فقط إلى الدعم والإرشاد لتحلق في عالم الكتابة.
دكتور علي المجنوني كان نموذجا رائعا في المعرفة ونقل المعرفة.. كتب فصولا جديدة في تخييل التاريخ، ليمنح كل شخصية شاركت في البرنامج التدريبي دور البطولة في رواية مرتقبة.. التئمت الحنايا.. لكن من المؤكد أننا نحتاج إلى عمر آخر لنلتئم تاريخيا.
smileofswords@