خالد عمر حشوان

متى تتخلص جدة من الميادين؟

الأحد - 01 سبتمبر 2024

Sun - 01 Sep 2024

إن وجود بعض الميادين في مدينة جدة منذ فترة طويلة قبل أن يمتد إليها العمران وينمو فيها بشكل كبير وملحوظ كما هو الحال هذه الأيام، كان يمثل جزءا من جمال هذه المدينة الرائعة والحركة الانسيابية في شوارعها، مثل ميدان الجامعة أو الطير كما يسميه البعض (شارع الأمير ماجد)، والذي لا توجد به إشارات مرورية حتى اليوم رغم تعديل بعض مساراته، وميدان الكرة الأرضية (طريق الملك) الذي أضيفت له إشارات ضوئية سابقا، وميدان الجمال (أبحر الجنوبية) الذي لا توجد به إشارات أيضا حتى اليوم، وميادين أخرى لها أهمية بدرجة أقل، لكن التوسع العمراني والنمو السريع وزيادة عدد المركبات والسماح للنساء بقيادة المركبات وإزالة الأحياء الشعبية، وقيادة البعض من أصحاب المركبات بطريقة غير نظامية وزيادة الحوادث خاصة في الميادين، وبعض الإشارات التي أضيفت للميادين لتحسين الوضع والتخفيف من التكدس المروري، كانت أسبابا رئيسة في التكدس المروري الرهيب في هذه الميادين، وخسارة وقت كبير لقائدي المركبات في تخطي الميادين الذي قد يستغرق من 10 إلى 20 دقيقة، خاصة في حالات الحوادث أو تعطل بعض المركبات أو أوقات الذروة الطويلة، مثل الذهاب والعودة من المدارس أو خروج الموظفين أو المواسم والأعياد.

لذلك أصبح التفكير جديا في إيجاد حلول عاجلة وسريعة لمشكلة هذه الميادين أمرا في غاية الأهمية، ولا أقصد بذلك أن يتم وضع إشارات ضوئية في هذه الميادين، لأن ذلك يعتبر إبرة تخدير موضعية لا تسمن ولا تغني من جوع، وثبت فشلها في ميدان الكرة الأرضية الذي أصبح من أكثر الميادين ازدحاما حتى بعد تركيب إشارات ضوئية لتنظيم الحركة المرورية فيه، والتي زادت من المشكلة مع مرور الوقت ولم يتم الاستفادة منها بشكل كبير.

لا بد من السرعة في إنجاز أي مشاريع هندسية تم اقتراحها سابقا أو تم اعتمادها مبدئيا لهذه الميادين بأفكار عالية المستوى تتماشى مع متطلبات العصر الحديث، كحفر أنفاق أو بناء كبار مزدوجة أو كبار معلقة مثلا كالتي تربط بين أبحر الشمالية وأبحر الجنوبية، لتخفيف التكدس المروري في منطقة أبحر، وإضافة معالم سياحية وجمالية لمدينة جدة، واستغلال أراضي الأحياء الشعبية المزالة في إنشاء هذه المشاريع، وتخفيف التكدس المروري في فترة إزالة هذه الميادين.

لعل التجربة الناجحة التي قامت بها أمانة جدة وكان لها مردود ايجابي كبير في تحرير الحركة المرورية في المحاور والتقاطعات، هي إزالة ميداني الدراجة والفلك مؤخرا وبناء كبار أعلاهما، مع الاحتفاظ بالمجسمات التي تعتبر أحد معالم مدينة جدة الشهيرة، وهي تجربة تشجع على تكرارها مع جميع ميادين مدينة جدة حسب التكدس فيها، مع تمنياتي الشخصية أن يتم التخطيط لهذه المشاريع بخطط طويلة الأجل، بحيث يتم عمل أنفاق وكبار في مواقع الميادين وليس كبار فقط، ليخدم المشروع أهل المدينة على المدى البعيد ويخفف الضغط على جميع المسارات والمحاور المرورية.

أقترح تكوين لجنة من أمانة جدة ومرور جدة تساهم فيها جامعة الملك عبدالعزيز، متمثلة في كلية الهندسة وتشرف عليها أمارة منطقة مكة المكرمة، لدراسة وتحديد جميع الميادين التي تحتاج لحلول عاجلة وسريعة، ووضع أولويات في إزالة هذه الميادين التي أعتقد أن من أهمها هو ميدان الجامعة بشارع الأمير ماجد، الذي توجد به حاليا مساحة كبيرة غير مستثمرة يمكن البدء بها والعمل على حفر نفق وبناء كبار مختلفة الاتجاهات، دون الحاجة لتحويل المسارات الحالية للشوارع أو المساس بانسيابية السير في منطقة الميدان.

لا أنسى موقف مرور جدة في عام 2012، ومطالبته لأمانة جدة بإزالة عدد من الميادين، أهمها ميدانا "الزهراء والطيارة" اللذان سجلا في ذلك الوقت الكثير من الحوادث المرورية، وتعاونت الأمانة بشكل رائع مع المقترح بعد دراسة الوضع، وتمت الإزالة، وهي الآن تعتبر من أفضل المواقع التي تم القضاء فيها على التكدس المروري وتقليص الحوادث.

إن التأخير في هذه المشاريع قد يزيد من التكدس المروري والحوادث المرورية، ويزيد من كرة الثلج مع تضجر سكان المدينة وصعوبة التحرك فيها، خاصة مع رؤية المملكة 2030 والسياحة الدينية التي أصبحت مدينة جدة بوابة رئيسة لها، ناهيك عن المواسم والأعياد والإجازات المدرسية التي جعلت من جدة مدينة سياحية مرتادة بشكل كبير من الداخل والخارج، وكل ما نحتاجه هو البداية بالتخطيط والعمل على هذه الميادين من الآن استعدادا أيضا لكأس العالم لكرة القدم 2034، والتي ستكون مدينة جدة إحدى المدن المستضيفة لها في المملكة العربية السعودية، حيث لا بد أن تظهر عروس البحر الأحمر بمظهر حضاري ومثالي في التنقل المروري في هذا المحفل الكبير.

HashwanO@