ياسر عمر سندي

نور على نور

الأربعاء - 28 أغسطس 2024

Wed - 28 Aug 2024

يقول الكاتب والمؤلف المصري مصطفى نور الدين "من ذاق ظلمة الجهل أدرك أن العلم نور"؛ ونحن في بداية إشعاع نور جديد أبعث برسالتي لإخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي بتكثيف الجد والاجتهاد أكثر من ذي قبل، بسبب وجود التنافسية العالية والندرة التخصصية لمختلف المسارات الدراسية، ومتطلبات سوق العمل الحالية أصبحت تحتاج إلى تأكيد الحضور الذهني والاستعداد النفسي والانتقاء التخصصي لتحقيق الهدف المهني، واستشعار المسؤولية الذاتية الجادة تجاه العلم والتعلم لأنها حاجة ضرورية وليست اختيارية.

لا شك بأن محطات الحياة تعترض الكثيرين وتؤثر على أدائهم واستقرارهم، ومنها محطة العلم والتعلم، وهذا أمر طبيعي؛ ولكن الإصرار على بلوغ الهدف يجب أن يعزم عليه طلبة العلم أيا كانت مراحلهم العمرية والدراسية؛ فالكثيرون من الناجحين في حياتهم الأسرية والاجتماعية ومساراتهم الدراسية والمهنية هم في الأساس واجهوا تحديات وعقبات حياتية؛ لكن الفرق الجوهري الوحيد الذي يميزهم عن الباقين أنهم حولوا ما تعرضوا له من خبرات سلبية إلى خيرات إيجابية يستدعونها وقت الحاجة لتقييم نفسياتهم وتقويم ظروفهم.

المنحوتة الراقية لن تصل إلى قمة رونقها الجذاب إلا بعد عمليات الطرق والصقل؛ كذلك الإنسان الناجح، يحتاج لتلك التحديات الصعبة حتى يصل إلى قمة الجمال ويجمع بين إبداع الجوهر وتحفة المظهر.

سورة العلق فيها توجيه مباشر من الخالق للمخلوق من بداية الآية الأولى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) إلى نهاية الآية الخامسة (علم الإنسان ما لم يعلم)؛ نلمس أثر الكرامة الربانية الحاصلة للإنسان جراء استخدامه القلم ليرسم به خارطة مستقبله ولمن بعده على مختلف المجالات؛ النفسية والاجتماعية والصناعية والاقتصادية والسياسية والإدارية والهندسية لتنمية البشرية؛ وكوننا خير أمة أخرجت للناس نحن نتشرف بتلقي العلم ونقل المعرفة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، لاستنهاض البشرية بالوعي والفهم والإدراك الذي لن يحدث إلا بالتعلم والتصبر على تبعاته ومعاناته حتى يتنامى التنوير الفردي ومن ثم يعم النور الجمعي.

في عصرنا الراهن نحن منعمون بمسالك العلم المذللة لنا أكثر من السابق بما تفضل به المولى على أمة محمد ثم برعاية ودعم الدولة السخي ومتابعة وزارة التعليم المرحلي أصبحت معدلات الأمية في تراجع وانخفاض ولله الحمد؛ وما نحتاجه أكثر هو ذلك الاستيعاب من الطلاب بربط العلم بالكرامة الإنسانية من منطلق الآية "اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم"؛ التي تحقق القيمة والقامة الذاتية والمجتمعية بعقد النية القلبية الصادقة لتلبية النداء الرباني لنصل إلى الرضا النفسي والتمكين المجتمعي اللذين يمثلان جودة الحياة.

فالكثيرون يعلمون أن الجهل ظلام ولكن القليلين هم من يدركون معنى فلسفة العلم نور؛ باستيعاب مغزاها الرئيس بأنها صفة الله سبحانه وتعالى "الله نور السماوات والأرض"؛ وهذا يكفي الإنسانية شرفا لنتعلم وننعم من نوره جل في علاه لتحقيق المعنى نور على نور.

Yos123Omar@