فخر بعدم الثقة!
الاثنين - 26 أغسطس 2024
Mon - 26 Aug 2024
كان لي أحد الأصدقاء يبلغ الخمسين من عمره، يفتخر بأنه لم يفقد فاتورة كهرباء واحدة، وأنه يحتفظ بكل فاتورة منذ أول يوم فيه دفع فاتورة الكهرباء بمفرده في ملف خاص، بل إن كل شركة من شركات الخدمات لديه ملف لها، فهذا ملف الكهرباء وملف الاتصالات وملف البلدية وغيرها من الملفات، حتى تخيلت أن لي ملفا عنده من تعداد الملفات التي ذكرها لي، وعندما حكيت هذه القصة على صديق آخر يعمل في شركة الكهرباء قال لي: ألا يعلم ذلك الغبي أن الفاتورة اللاحقة تمسح الفاتورة السابقة سواء عليها مستحقات أم لا لأنها تراكمية؟! قلت له: ذلك الغبي لا يعلم، أما أنا فلا أعلم أيضا ولكنني لست بغبي، ويبدو الغباء في تجميع وحفظ الفواتير وليس في المعرفة أحيانا (وفق نظريتي الخاصة).
ولما تداولنا هذه القصة مع صديق آخر قال لي: فقد أبي ورقة كان يحتاجها وجن جنونه وقال لي حرفيا: إنها أول ورقة منذ 47 عاما تضيع لي من بعد ما ضاعت لي ورقة واحدة عندما كان عمري 17 عاما، فاستغربنا، لكن القصة لم تنته عند هذا الحد، بل قال صاحبي: وبعد مدة وجدها والدي، فسألناه كيف وجدها، قال يوجد ملف لدى والدي اسمه (ملف الأوراق غير المهمة) وهذا الملف يشبه سلة مهملات برنامج التشغيل ويندوز، تحذف فيه الأشياء ولا ترمى، بل هي محذوفات للحذف قبل الحذف بقليل، يتيح لك مراجعتها قبل الحذف النهائي وهذا ما حدث لوالدي تماما، فهو يجمع الأوراق التي ينوي إتلافها قبل إتلافها لمراجعتها في ملف خاص ويقول (والده طبعا) إنني أضعها لمدة شهر أو شهرين أو ثلاثة أو حتى سنة حتى أتأكد بعدم حاجتي لها، وإن الورقة الضائعة وضعتها في هذا الملف بالخطأ ولذلك لم أتخيل أن أخطئ بعد 47 عاما هذا الخطأ القاتل لكني أخيرا وجدتها، قلت لصاحبنا راوي القصة: لو كان هذا خطأ والدك الوحيد فهو مغفور له، فأنا أعرف شخصا مزق شيكا بعشرة الآلف ريال عن طريق الخطأ، والغريب أنه كرر هذا الخطأ في حياته 3 مرات وهو لم يبلغ الـ40 من عمره لحظتها!
وقال لي أحد الأصدقاء مرة أخرى عن صديق مشترك لا يعترف بحرصه المبالغ فيه إنه من شدة حرصه فإنه يحتفظ في فواتير المصابيح الصغيرة في كرتون صغير، ويضع الفاتورة داخل هذا الكرتون، ولا يقتصر الأمر على المصابيح فقط بل كل ما يشتريه من قطع للمنزل أو السيارة، ثم وكلما تعطل مصباح من المصابيح في المنزل أو قطعة من القطع جمع هذه المصابيح أو القطعة حتى قبل شهر من نهاية الضمان واستبدلها من الوكيل (وهذا من حقه طبعا) لكن الوكيل لما لاحظ أنه حريص لهذه الدرجة قال له: لا تشتري منا مرة أخرى خسرنا أرباحنا، واعترف له الوكيل قائلا: لو كل واحد احتفظ بالضمان مثلك وبهذه الطريقة سنلغي الضمان لأن الناس إما أنها تنسى الفواتير أو أنها تنسى من أين اشترت القطعة أو أنها كسولة من التبديل أو أنها خرقاء أصلا (أحببت السبب الأخير لا أدري لماذا!).
أما أحد الأقارب، فإنه يقول لم أثق بالصراف الآلي إلا مؤخرا، فأنا لا أثق إلا أودع المال وفق ورقة أحتفظ فيها بملف، وأسحب بموجب ورقة أحتفظ فيها بملف، ورصيد متبقى مدقق أثق فيها، وأضعها في ملف أيضا، قلت: عرفت كيف أصحبت غنيا يا عمي!
في المجمل، لا أعتقد أن يثق هؤلاء أصحاب الخبرات العظيمة في التنظيم والاحتفاظ بالقطع واستخلاص حقوقهم بقوة الذاكرة والنظام بالتطبيقات التي يمكن أن توفر لهم الجهد والوقت، لأنهم لو كانوا كذلك لاعتمدوا على ذاكرتهم، ولأنهم تقليديون حريصون فإنهم – ومؤكد هذا – لن يثقوا بالتطبيقات.
Halemalbaarrak@
ولما تداولنا هذه القصة مع صديق آخر قال لي: فقد أبي ورقة كان يحتاجها وجن جنونه وقال لي حرفيا: إنها أول ورقة منذ 47 عاما تضيع لي من بعد ما ضاعت لي ورقة واحدة عندما كان عمري 17 عاما، فاستغربنا، لكن القصة لم تنته عند هذا الحد، بل قال صاحبي: وبعد مدة وجدها والدي، فسألناه كيف وجدها، قال يوجد ملف لدى والدي اسمه (ملف الأوراق غير المهمة) وهذا الملف يشبه سلة مهملات برنامج التشغيل ويندوز، تحذف فيه الأشياء ولا ترمى، بل هي محذوفات للحذف قبل الحذف بقليل، يتيح لك مراجعتها قبل الحذف النهائي وهذا ما حدث لوالدي تماما، فهو يجمع الأوراق التي ينوي إتلافها قبل إتلافها لمراجعتها في ملف خاص ويقول (والده طبعا) إنني أضعها لمدة شهر أو شهرين أو ثلاثة أو حتى سنة حتى أتأكد بعدم حاجتي لها، وإن الورقة الضائعة وضعتها في هذا الملف بالخطأ ولذلك لم أتخيل أن أخطئ بعد 47 عاما هذا الخطأ القاتل لكني أخيرا وجدتها، قلت لصاحبنا راوي القصة: لو كان هذا خطأ والدك الوحيد فهو مغفور له، فأنا أعرف شخصا مزق شيكا بعشرة الآلف ريال عن طريق الخطأ، والغريب أنه كرر هذا الخطأ في حياته 3 مرات وهو لم يبلغ الـ40 من عمره لحظتها!
وقال لي أحد الأصدقاء مرة أخرى عن صديق مشترك لا يعترف بحرصه المبالغ فيه إنه من شدة حرصه فإنه يحتفظ في فواتير المصابيح الصغيرة في كرتون صغير، ويضع الفاتورة داخل هذا الكرتون، ولا يقتصر الأمر على المصابيح فقط بل كل ما يشتريه من قطع للمنزل أو السيارة، ثم وكلما تعطل مصباح من المصابيح في المنزل أو قطعة من القطع جمع هذه المصابيح أو القطعة حتى قبل شهر من نهاية الضمان واستبدلها من الوكيل (وهذا من حقه طبعا) لكن الوكيل لما لاحظ أنه حريص لهذه الدرجة قال له: لا تشتري منا مرة أخرى خسرنا أرباحنا، واعترف له الوكيل قائلا: لو كل واحد احتفظ بالضمان مثلك وبهذه الطريقة سنلغي الضمان لأن الناس إما أنها تنسى الفواتير أو أنها تنسى من أين اشترت القطعة أو أنها كسولة من التبديل أو أنها خرقاء أصلا (أحببت السبب الأخير لا أدري لماذا!).
أما أحد الأقارب، فإنه يقول لم أثق بالصراف الآلي إلا مؤخرا، فأنا لا أثق إلا أودع المال وفق ورقة أحتفظ فيها بملف، وأسحب بموجب ورقة أحتفظ فيها بملف، ورصيد متبقى مدقق أثق فيها، وأضعها في ملف أيضا، قلت: عرفت كيف أصحبت غنيا يا عمي!
في المجمل، لا أعتقد أن يثق هؤلاء أصحاب الخبرات العظيمة في التنظيم والاحتفاظ بالقطع واستخلاص حقوقهم بقوة الذاكرة والنظام بالتطبيقات التي يمكن أن توفر لهم الجهد والوقت، لأنهم لو كانوا كذلك لاعتمدوا على ذاكرتهم، ولأنهم تقليديون حريصون فإنهم – ومؤكد هذا – لن يثقوا بالتطبيقات.
Halemalbaarrak@