التأثير السيكولوجي لخبير التخطيط الأجنبي!!
الأحد - 25 أغسطس 2024
Sun - 25 Aug 2024
لعلنا نتفق أن الاستعانة بالخبراء الأجانب في التخطيط العمراني يمكن أن تكون إيجابية في إنتاج حلول مبتكرة للقضايا الحضرية، لا سيما أولئك الخبراء الذين تشربوا العمل المهني وتعاملوا مع قضايا حضرية في دول عديدة حول العالم.
إن نقل الخبرات الإبداعية يخدم المجتمع، ويوسع أطر الشراكة، ويسهم في استيعاب الفجوات في تطبيق الأنظمة والتشريعات العمرانية ومقارنة التجارب الرائدة والحلول الخلاقة، حتى في كرة القدم يتم الاستعانة بلاعبين محترفين أجانب يفوقون أقرانهم المحليين للارتقاء بأداء الفريق.
وهكذا فالأصل أن يتم الاستعانة بخبراء أكفاء يمتلكون مهارات وأدوات تفوق أقرانهم من الخبراء المحليين، وعلى ذلك صدر أمر سام بالموافقة على "ألا تتعاقد الجهات الحكومية مع المكاتب والشركات الأجنبية لتقديم الخدمات الاستشارية إلا في أضيق الحدود، وفي الحالات التي لا تتوافر فيها خبرات وطنية لتقديم الخدمات المطلوبة". إن الاستعانة بالخبراء الأجانب مشروطة حال عدم توفر الخبرات الوطنية البديلة وفي أضيق الأحوال، وهي بذلك تنحصر في الدراسات والاستشارات ذات الطبيعة التي تتطلب نقل المعرفة والاستعانة بأدوات تحليل متقدمة.
في الواقع بعض الدراسات العمرانية الاستشارية لا تستدعي التعاقد مع خبراء أجانب لإعدادها؛ لكونها لا تتطرق أصلا لأي حلول خلاقة أو تأتي بفكر جديد. معظمها تقارير ودراسات إحصائية وصفية مشبعة بأفكار مكررة ومليئة برسومات بيانية وخرائط وصور وتوصيات عامة. ولدي اعتقاد راسخ أن العديد من هذه الدراسات يمكن إعدادها من قبل الكوادر العاملة في المؤسسات الحكومية. بالمناسبة، لا أعرف لماذا تستعين بعض الجهات الحكومية بمكاتب استشارية أو خبراء أجانب لإعداد دراسات حول قضايا حضرية أو تطوير تنظيمات ولوائح عمرانية، على الرغم من توفر كوادر بشرية مؤهلة من حاملي الشهادات العليا تعمل في هذه الجهات نفسها؟ أليس من الأولى أن تقوم المؤسسة نفسها بإعداد دراساتها الاستراتيجية بكوادرها المحلية؟ إن استبعاد الكوادر المحلية العاملة في هذه المؤسسات نفسها يفقدها الخبرة اللازمة والثقة في إعداد الدراسات أو تطوير قواعد بيانات ذاتية؛ ليظل عمل هذه الكوادر محصورا في مراجعة التقارير الاستشارية أو متابعة المعاملات والأعمال الإدارية الروتينية.
لست هنا بصدد المقارنة بين الخبير الأجنبي والمحلي؛ ولا حتى في معرض الدفاع عن الخبير المحلي، وتظل تجربة الخبير أيا كان والنتائج التي حققها عاملا حاسما في تكوين انطباع إيجابي أو سلبي لدى المسؤول، ولكن في المقابل أرى أن الخبير الأجنبي لديه أدوات حققت له نجاحات وفرصا واسعة، منها القدرة على التأثير، والأهم من ذلك كله "القبول"، فما يقوله الخبير الأجنبي مستساغ لدى البعض حتى لو كان يردد ما يقوله الخبير المحلي نفسه. علينا أن نعترف أن وقع التأثير مختلف والعامل السيكولوجي حاسم، فقدرة الخبير الأجنبي على التأثير تفوق الخبير المحلي بمراحل حتى لو كانت المخرجات واحدة.
الإشكالية يا سادة ليست في الاستعانة بالخبير الأجنبي أو المحلي؛ بل في مدى إيماننا بكوادرنا البشرية وثقتنا بها، فالأفكار التي تأتي من الخارج قد يتم الاحتفاء بها مؤقتا؛ ولكنها لا تتمتع بالديمومة، فالخبير الأجنبي سوف يرحل وتتقادم التقارير والدراسات الفنية ونحتاج عندئذ إلى إصلاح المخططات وإعادة تقويم الخطة العمرانية في كل مرة.
إن نقل الخبرات الإبداعية يخدم المجتمع، ويوسع أطر الشراكة، ويسهم في استيعاب الفجوات في تطبيق الأنظمة والتشريعات العمرانية ومقارنة التجارب الرائدة والحلول الخلاقة، حتى في كرة القدم يتم الاستعانة بلاعبين محترفين أجانب يفوقون أقرانهم المحليين للارتقاء بأداء الفريق.
وهكذا فالأصل أن يتم الاستعانة بخبراء أكفاء يمتلكون مهارات وأدوات تفوق أقرانهم من الخبراء المحليين، وعلى ذلك صدر أمر سام بالموافقة على "ألا تتعاقد الجهات الحكومية مع المكاتب والشركات الأجنبية لتقديم الخدمات الاستشارية إلا في أضيق الحدود، وفي الحالات التي لا تتوافر فيها خبرات وطنية لتقديم الخدمات المطلوبة". إن الاستعانة بالخبراء الأجانب مشروطة حال عدم توفر الخبرات الوطنية البديلة وفي أضيق الأحوال، وهي بذلك تنحصر في الدراسات والاستشارات ذات الطبيعة التي تتطلب نقل المعرفة والاستعانة بأدوات تحليل متقدمة.
في الواقع بعض الدراسات العمرانية الاستشارية لا تستدعي التعاقد مع خبراء أجانب لإعدادها؛ لكونها لا تتطرق أصلا لأي حلول خلاقة أو تأتي بفكر جديد. معظمها تقارير ودراسات إحصائية وصفية مشبعة بأفكار مكررة ومليئة برسومات بيانية وخرائط وصور وتوصيات عامة. ولدي اعتقاد راسخ أن العديد من هذه الدراسات يمكن إعدادها من قبل الكوادر العاملة في المؤسسات الحكومية. بالمناسبة، لا أعرف لماذا تستعين بعض الجهات الحكومية بمكاتب استشارية أو خبراء أجانب لإعداد دراسات حول قضايا حضرية أو تطوير تنظيمات ولوائح عمرانية، على الرغم من توفر كوادر بشرية مؤهلة من حاملي الشهادات العليا تعمل في هذه الجهات نفسها؟ أليس من الأولى أن تقوم المؤسسة نفسها بإعداد دراساتها الاستراتيجية بكوادرها المحلية؟ إن استبعاد الكوادر المحلية العاملة في هذه المؤسسات نفسها يفقدها الخبرة اللازمة والثقة في إعداد الدراسات أو تطوير قواعد بيانات ذاتية؛ ليظل عمل هذه الكوادر محصورا في مراجعة التقارير الاستشارية أو متابعة المعاملات والأعمال الإدارية الروتينية.
لست هنا بصدد المقارنة بين الخبير الأجنبي والمحلي؛ ولا حتى في معرض الدفاع عن الخبير المحلي، وتظل تجربة الخبير أيا كان والنتائج التي حققها عاملا حاسما في تكوين انطباع إيجابي أو سلبي لدى المسؤول، ولكن في المقابل أرى أن الخبير الأجنبي لديه أدوات حققت له نجاحات وفرصا واسعة، منها القدرة على التأثير، والأهم من ذلك كله "القبول"، فما يقوله الخبير الأجنبي مستساغ لدى البعض حتى لو كان يردد ما يقوله الخبير المحلي نفسه. علينا أن نعترف أن وقع التأثير مختلف والعامل السيكولوجي حاسم، فقدرة الخبير الأجنبي على التأثير تفوق الخبير المحلي بمراحل حتى لو كانت المخرجات واحدة.
الإشكالية يا سادة ليست في الاستعانة بالخبير الأجنبي أو المحلي؛ بل في مدى إيماننا بكوادرنا البشرية وثقتنا بها، فالأفكار التي تأتي من الخارج قد يتم الاحتفاء بها مؤقتا؛ ولكنها لا تتمتع بالديمومة، فالخبير الأجنبي سوف يرحل وتتقادم التقارير والدراسات الفنية ونحتاج عندئذ إلى إصلاح المخططات وإعادة تقويم الخطة العمرانية في كل مرة.