محمد إسحاق

الحياة إما مغامرة جريئة وإما لا شيء

الأربعاء - 21 أغسطس 2024

Wed - 21 Aug 2024

ولدت الأمريكية هيلين كلير كطفلة سليمة عام 1880م في مدرسة ألاباما، وقبيل عمر السنتين أصيبت بمرض خطير حينها، وكان السبب في فقدانها حاسة السمع والبصر.

وفي عمر السبع سنوات سمع والدها عن معلمة شابة وواعدة قد تتمكن من تعليم هيلين الكتابة والقراءة والتواصل مع العالم الخارجي.

ووقع الاختيار على المعلمة آن سوليفان من مدرسة بيركنز للمكفوفين، والتي لازمت هيلين وكانت معلمتها ومربيتها وصديقتها طيلة 49 سنة.

وطوال المراحل الدراسية كانت معلمتها تساعدها في عمل الواجبات وقراءة الكتب، والذي بدوره كان السبب في إتمامها مراحل التعليم الأساسية والجامعية، وتأليف 18 كتابا منها كتاب (قصة حياتي) الذي يتكلم عن سيرتها الذاتية وحياتها، ومن مؤلفاتها كذلك: العالم الذي أعيش فيه، الخروج من الظلام، الحب والسلام، وهيلين كيلر في أسكتلندا وغيرها، وترجمت كتبها لأكثر من خمسين لغة.

عاشت هيلين 87 سنة عامرة وسعيدة واشتهرت عنها مقولة "الحياة إما مغامرة جريئة وإما لا شيء".

في حياة هذه المرأة الكثير من الدروس أذكر منها:
قد يبتلي الله الإنسان بأحد الأبناء المعاقين وغير الأصحاء، والبعض يتسخط على قضاء الله، ولكن لا يعلم الوالدان ما سيكون لهذا الابن أو البنت من شأن كبير إذا أحسنوا رعايتهم وتوجيههم منذ الصغر.

يجتهد بعض الآباء في محاولة تعليم وتدريب أبنائه ممن لديه صعوبة في التعلم أو إعاقة تمنعهم من التفاعل بشكل سليم مع الآخرين، والأفضل حينها الاستعانة بمعلم متمكن أو مركز متخصص لمساعدتهم في تجاوز هذه الصعوبات والتعلم، وأجزم لولا انتباه والدي هيلين لحالتها وهي صغيرة والبحث عن معلمة كفؤة استمرت معها لسنوات عديدة، لما سمعنا بها وبقصتها.

المعلم والمربي والمدرب أشخاص لهم تأثير كبير على من حولهم، وبالرغم من معاناة آن سوليفان من صعوبات في النظر، فقد درست وتخرجت من معهد للمكفوفين، ومن ثم عملت في معهد بيركنز للمكفوفين كذلك وتلقت التدريب هناك.

وهنا تبرز أهمية إيجاد معاهد متخصصة لتكوين المدربين المحترفين والمعلمين الأكفاء للمجتمع، فلهم دور وتأثير كبير على أفراد المجتمع والحاجة لهم لا تقل عن الحاجة للأطباء المتخصصين.

إن كانت هيلين كلير فاقدة السمع والبصر قادرة على التأثير فيمن حولها، وتأليف العديد من الكتب، والإحساس بالسعادة وبقيمتها بالمجتمع فماذا يمنعك وأنت تمتلك الإمكانيات وحاسة السمع والبصر؟ ماذا يمنعك من التعلم ومن تغيير واقعك المرّ الذي تشكو منه؟

أختم بعبارة ملهمة قالتها هيلين كلير "عندما يغلق باب السعادة يفتح آخر، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فتحت لنا".

muhamedishaq@