ياسر عمر سندي

كاد أن يكون رسولا

الأربعاء - 21 أغسطس 2024

Wed - 21 Aug 2024

مع بداية العام الدراسي الجديد أسأل المولى عز وجل أن يعين المعلمين في جميع المراحل التعليمية؛ العامة والخاصة والمهنية والجامعية والدراسات العليا ومن هم في حكمهم من معلمي تحفيظ القرآن الكريم والمدربين المطورين للفكر والثقافة بشتى المجالات، وأن يمدهم بالرحمة والحكمة والكفاءة والقدرة حتى إتمام رسالتهم المقدسة.

كلما أستحضر قول أمير الشعراء أحمد شوقي "كاد المعلم أن يكون رسولا" أستشعر معه إكبار الدور الذي يقوم به المعلم والمعلمة من مهمة عظيمة ومسؤولية جسيمة تقع على عاتقهم من أبنائنا الطلبة والأسر والمجتمع ووزارة التعليم والدولة رعاها الله؛ الذين منحوهم هذه الأمانة ليتم استردادها بقيمة مضافة قابلة للتنمية والاستثمار.

ربما أجده متنفسا لأعود بشريط ذاكرتي لأيام الدراسة من مرحلة الابتدائية إلى نهاية مرحلة الدكتوراه، وأنتهزها فرصة لأشكر جميع من لهم الفضل في تعليمي وتدريبي برفع قيمتي المعرفية من أساتذة ومعلمين أكارم أضافوا وأفاضوا ولم يبخلوا من تقديم الغالي والنفيس علميا وعمليا أخلاقيا وتربويا بترك بصماتهم وسماتهم وتوجيهاتهم بحركاتهم وسكناتهم وإيماءاتهم التي كانت وما زالت لصيقة بمخيلتي، فأدعو بالرحمة والمغفرة لمن رحل عنا منهم، وأسأل الله تعالى أن يمد بالصحة والعافية من هم على قيد الحياة.

عندما أصبحت أمارس دور التدريب والتعليم استشعرت متعة منتجات نقل المعرفة وهي الأثر الخيري المتروك على المتدربين والمتعلمين، والتغيير الإيجابي الحاصل من خلال ردود أفعالهم المتوالية والتغذية الراجعة المتعاقبة التي تشعرني بالسكون المشاعري والتصالح النفسي، وتزيد من إحساسي بنشوة الفخر وبذل الشكر للعلي القدير أن مكنني من أداء هذه الرسالة التي أرجو من ورائها رضاه جل في علاه.

مهام المعلمين وناقلي المعرفة تكمن في أمانة الأداء وفن الاسترعاء اللذين يعتبران من أهم معايير التقييم التربوي؛ فمهمة المعلم ليست وظيفة برقم شاغر أو مهنة بأداء عابر؛ بل رسالة مستدامة بما يتركه من أداء أثيري وتأثيري يحاكون بها مهام الرسل ويضاهون بها أساليب الأنبياء عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم بكيفية تغيير المفاهيم الواهية لتثبيت التعاليم الواعية بخماسية راقية وهي: استحضار النية القلبية، ورسم القدوة الشخصية، وبث التأثيرات الفكرية، وفتح المجالات الحوارية، وتعزيز التسهيلات السلوكية؛ قال عليه الصلاة والسلام "إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا".

برأيي أن هذه الخماسية من المفترض أن يتبناها كل من أراد أن يصبح معلما أو مدربا ناقلا للمعرفة، بأن يستحضر تساؤلات ذاتية، يبدؤها بماذا أريد من هذه المهمة الجليلة؟ وكيف أكون نموذجا يحتذى به؟ وما هي أفكاري التنويرية؟ وأين حدودي الحوارية؟ ولماذا التيسير على الغير؟

متى ما استطعت أيها المعلم والمعلمة والمدرب والمدربة أن تجيبوا على هذه التساؤلات بصدق ووضوح، فأنتم فعليا تكادون أن تكونوا رسلا مؤثرين ومغيرين.

Yos123Omar@