ماجد بن نويصر

جدوى المناظرات الرئاسية الأمريكية

الاثنين - 19 أغسطس 2024

Mon - 19 Aug 2024

تعتبر المناظرات الرئاسية فرصة حاسمة للمرشحين لإبراز رؤاهم السياسية واستقطاب دعم الناخبين.

تعتبر المناظرات الرئاسية الأمريكية جزءا أساسيا من العملية الانتخابية، حيث توفر للناخبين فرصة لرؤية المرشحين يتفاعلون مباشرة ويستعرضون رؤاهم. بدأت هذه المناظرات تأخذ طابعها الحالي منذ منتصف القرن العشرين وشهدت العديد من اللحظات التاريخية التي أثرت بشكل كبير على آراء الناخبين.

جرت أول مناظرة تلفزيونية عام 1960م بين جون كينيدي وريتشارد نيكسون، كانت هذه أول مناظرة رئاسية تبث على التلفزيون، وظهر فيها كينيدي بمظهر واثق وحيوي، بينما بدا نيكسون متعبا ومتعرقا، أثرت هذه الانطباعات بشكل كبير على الناخبين، مما ساعد كينيدي في الفوز بالانتخابات.

في 1976م ارتكب الرئيس جيرالد فورد خطأ عندما قال "لا يوجد سيطرة سوفيتية على شرق أوروبا"، ما أضر بمصداقيته وساهم في فوز جيمي كارتر.

في مناظرة 1980م استخدم رونالد ريغان عبارة "هناك تكرار" للإشارة إلى سياسات كارتر، ما ساهم في تغيير مسار المناظرة لصالحه. أسلوبه الواثق والبسيط ساعده في الفوز بالانتخابات.

عام 1984م كرر ريغان دهاءه السياسي عندما شكك البعض في عمره، حيث استخدم روح الدعابة بقوله إنه لن يستغل "شباب خصمه وقلة خبرته" في إشارة إلى والتر مونديل، هذا الرد أكسبه تعاطف الجمهور.

عام 2016 تميزت مناظرات ترامب وهيلاري كلينتون بالحدة والجدل، حيث استخدم ترامب أسلوبه الهجومي لجذب الانتباه بينما ركزت كلينتون على خبرتها السياسية.

توفر المناظرات فرصة للناخبين لرؤية مواقف المرشحين في مواجهة مباشرة، مما يمكن أن يغير من آرائهم وتوجهاتهم، كما تلعب الانطباعات البصرية والنفسية دورا كبيرا في تأثير المناظرات على الناخبين، كما حدث في مناظرة كينيدي ونيكسون.

تتجه أنظار العالم إلى المناظرة الرئاسية بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب في سبتمبر القادم، حيث يسعى كل منهما لجذب جمهور أكبر وتحقيق التفوق على الآخر.

تكمن حظوظ كامالا هاريس في عدد من نقاط القوة منها على سبيل المثال:

- التنوع والخلفية، حيث تجسد هاريس التنوع الأمريكي بخلفيتها الأفريقية والآسيوية، مما يمنحها ميزة في التواصل مع شرائح متنوعة من الناخبين.

- تمتلك خبرة واسعة كنائبة للرئيس وسناتور سابقة، مما يعزز قدرتها على مناقشة القضايا بعمق ومعرفة.

- بالإضافة إلى أنها تعرف بقدرتها على إيصال رسائلها بوضوح وحزم، مما يساعدها في كسب ثقة الجمهور.

‏وعلى صعيد متصل فستواجه كامالا هاريس العديد من التحديات ومن أبرزها:

- الرد على هجمات ترمب، فهي تحتاج بلا شك لاستراتيجية فعالة للرد على الهجمات المتوقعة من ترامب دون الانجرار إلى استفزازاته.

- كما يتوجب عليها الدفاع عن سياسات إدارة بايدن-هاريس، خاصة في مجالات الاقتصاد والهجرة.

من جهة أخرى فقد تكمن حظوظ دونالد ترامب في نقاط اخرى مغايرة تماما عن تلك التي تمتلكها هاريس، نأخذ على سبيل المثال:

- أسلوبه هجومي الجذاب، حيث يعرف ترامب بأسلوبه المباشر والهجومي، الذي يجذب الانتباه ويثير النقاش.

- يتمتع ترامب بقاعدة جماهيرية قوية ووفية، مما يعزز موقفه في المناظرة.

- أضف إلى ذلك الخبرة السابقة كرئيس، حيث يمتلك خبرة في المناظرات وقدرة على تسليط الضوء على إنجازاته السابقة.

لكن في المقابل سيواجه ترامب تحديات أصعب من تلك التي ستواجهها خصمته في المناظرة:

- إذ قد يواجه انتقادات بشأن سياساته السابقة المثيرة للجدل، مما يتطلب منه توضيح مواقفه بفعالية.

- تحد آخر سيواجهه ترامب وهو توسيع قاعدة الناخبين، حيث يحتاج لجذب الناخبين المترددين الذين لم يدعموه سابقا.

كلا الطرفين سيعمد إلى الاستعانة بمستشارين ذوي باع طويل في مجال تكنيك المناظرات الاستراتيجية المحتملة.

فمن المحتمل أن تتجه كامالا هاريس إلى التركيز على الإنجازات وتسليط الضوء على نجاحات الإدارة الحالية في مجالات مثل الصحة العامة والاقتصاد، وستلجأ أيضا إلى التركيز على قضايا العدالة الاجتماعية وتغير المناخ وربطها بسياسات الإدارة.

أما دونالد ترامب فسيلجأ بلا شك إلى التركيز على الاقتصاد وإبراز إنجازاته الاقتصادية السابقة وتقديم خطط واضحة للمستقبل. ولن يغفل أبدا الهجوم على السياسات الحالية وتسليط الضوء على القضايا المثيرة للجدل.

تعد المناظرة القادمة فرصة لكامالا هاريس ودونالد ترامب لعرض رؤاهما وإقناع الناخبين، من خلال استراتيجيات مدروسة وأداء قوي، يمكن لكل منهما جذب جمهور أكبر وتحقيق الغلبة في هذه المواجهة الحاسمة.

تظل المناظرات الرئاسية الأمريكية جزءا لا يتجزأ من الديمقراطية، حيث تشكل لحظات حاسمة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على نتائج الانتخابات.