شاهر النهاري

محصلة "غدرة" من طلب الشهرة

الاثنين - 12 أغسطس 2024

Mon - 12 Aug 2024

لم تكن تتخيل كيف أن بعض من تعرفهم من أقارب وصديقات يظهرن بوجوههن على مواقع التواصل؟!، وكانت تنتقدهن بقوة في المجالس، وحتى أنها كانت تدق في عمقهم، وتتهمهم بالخروج من عباءة المجتمع، وتخطي الأعراف والدين، وجعل بيوتهن وأسرارهن وعلاقاتهن العائلية لبانة عظيمة تسعد أفواه العالكين.

كان ذلك قبل أن تجرب صنع محتوى لها، ودون أن تظهر وجهها، وباسم مستعار حاولت جذب المتابعين، ولكن لا يبدو أن أحدا يلقي لها انتباها، رغم تعدد أوجه محاولاتها بخرجاتها وترتيب بيتها، والطبخ، وتصوير صغارها، وسؤال يظل يلاحقها، فلماذا ليست كالأخريات من مشاهير مواقع التواصل؟

وغيرت اسمها مرات، بأسماء ترن موسيقاها في الأذن، ولكن نحسها متحجر.
ومن تسأل يأتيها الجواب، فلا بد لها من وضع طعم في محتواها يجذب الطير، والحشرات!

تنازلت، وأخرجت وجهها، طبعا لم يكن وجهها الحقيقي، ولكنه خيال يتكامل بين الفلاتر، وبين قصقصة وتلوين وزوايا ترى أنها تجذب، مهما نفرت بحدة!

ولسوء حظها، فلم يكن الفارق كبيرا بين متابعي الأمس، واليوم، ولا يبدو أن المستقبل واعد، فكان لا بد من سؤال آخر، والجواب، أن الحشرات تحتاج وجبات دسمة مشبعة!

فترفع ثيابها، وتبرز مؤخرتها، والمحتوى يصبح مزريا، بالرقص، والتعري، ولكن لا يبدو أن ذلك يسير للأفضل، فهي لا تستضاف لترويج حفلات ولا مبادرات ولا منتجات، وما تناله يظل شحيحا يحبط قدراتها في الهز، وحتى أن مواقع التواصل لا تعطيها مثلما تدعي مشهورات المواقع، مع أن البعض يغريها على الخاص، ويلوح لها بالطعم، ثم يبتزها بنوايا مريضة، تستغل شفاحتها.

تحاول تعويض الفارق بابنتها الصغيرة، وتصرف وتدرب وتتصنع، فلا تكسب من ذلك إلا وحوشا معتدين على الطفولة، يريدون الأكثر على الخاص، ودون مردود يذكر.

سألت مجددا، فأتاها الجواب، بضرورة رفع سقف الجراءة، فلبست برقعها، ونادمت الحسابات الخاصة، تبيع جلسات سرية، بأثمان يتعثر أغلبها، وبخساسة من كانوا يستغلونها، يبتزونها، وهي تخشى أن ترفع عليهم القضايا، فتزيد فضائحها قباحة، عند الأغراب وأقرب معارفها، وعند شوارب ولحى ناصحين منتهزين، شوهوا في عينها كل معاني الشرف والكرامة.

سألت، فسمعت جواب الخبرة، بأن تدوس على القيل والقال والقيم، وتستمر على نهجها، رغم أنه كلفها زوج وأسرة صغيرة وكبيرة كانت لها، وقبل أن يشطبها الجميع، وتصبح منبوذة تحاصرها رداءة سمعتها.

هل يمكن أن تعود عقارب الزمن للخلف، أم أن ثمن العودة موت بسم العقارب؟
هل فعلا كانت مجرد متلصصة لما يكون في الحلقة القادمة، أم أن الحلقات أطبقت عليها بالضيق والمهانة والنبذ؟

هل يمكن غسيل الصفحة، أم أن ذلك لا يحدث إلا في حكايات مبيض الملابس والصحون والأمخاخ؟

هل ستجد في المخدرات طريقا لها، أم أن العودة تحتاج مخدرات لعقول وقلوب من كانت تعرفهم؟

الأغلبية يحلفون لها إنهم لم يمسكوا عليها شيئا، وهي تعرف أنهم يكذبون، وأن فيديوهاتها المبرقعة المختلة تشكل مادة حكاياتهم، ومناجل حشهم.

ويأتيها الجواب الأخير، فهي حالة إنسانية، وحلها أن تطلب من مشهور معروف يسعى بالخير، ليصيغ لها قصة معاناة ونضال وفقر، ويجمع لها التبرعات.
المشكلة، أنه وافق على أن يعطيها خمس ربع نصف العشر منها!

shaheralnahari@