أحمد صالح حلبي

لغة الأرقام.. ببرنامج ضيوف الرحمن

الأحد - 11 أغسطس 2024

Sun - 11 Aug 2024

‏حينما وصلني التقرير السنوي لبرنامج خدمة ضيوف الرحمن (أحد برامج #رؤية_السعودية_2030) لعام 2023، وقبل أن أبدأ في تقليب صفحاته للاطلاع على محتوياته، توقفت أمام مقدمته البليغة في أسلوبها، الأنيقة في مضمونها، الصادقة في أرقامها، والتي لم تحمل عبارات "النجاح الباهر" أو "نجاح لا نظير له" التي اعتدنا سماعها من البعض في نهاية كل موسم عمرة أو حج.

فجاءت المقدمة موضحة أن "عام 2023 شهد إنجازات ونجاحات تؤكدها أرقام كبيرة أسهمت في الارتقاء برحلة ضيوف الرحمن وترسيخ مكانة المملكة كوجهة يقصدها المسلمون من شتى بقاع الأرض، وذلك تحقيقا لأهداف منظومة خدمة ضيوف الرحمن بتيسير استضافة المزيد من المعتمرين وتسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين، وتقديم خدمات ذات جودة عالية إلى الحرمين الشريفين، وتقديم خدمات ذات جودة عالية تثري التجربة الإيمانية والثقافية للحجاج والمعتمرين، وذلك من خلال تطوير شراكات فاعلة مع القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية".

تميز التقرير بتضمينه للأرقام بشكل جيد دون إدخال عبارات وجمل المبالغة التي اعتدنا قراءتها في التقارير الموسمية، وهذا ما لوحظ حينما أبرز عدد المعتمرين خلال 2023، إذ أوضح أنهم 13 مليونا و560 ألف معتمر، وبنسبة زيادة بلغت 58%، ومن خلال مقارنة بسيطة أجريتها بين عامي 2015 و2023، وجدت أنه خلال ثماني سنوات ارتفع عدد المعتمرين من (6,145,939) معتمرا عام 1437هـ / 2015 إلى (13,560,000) عام 1444هـ / 2023، وهو رقم تجاوز ضعف عدد عام 2015.

ساهمت الاستراتيجيات الموضوعة في ارتفاع الأعداد، فأوضحت الأولى تيسير استضافة المعتمرين وتسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين، من خلال توفير الخدمات الممكنة لاستضافة 15 مليون معتمر عام 2025، سلاسة وانسيابية في الرحلة كاملة مع التسخير الأمثل لأحدث التقنيات.

فيما تضمنت استراتيجية 2030 التوسع في البنية التحتية ورقمنة وتطوير الخدمات لاستضافة 30 مليون معتمر عام 2030م، من خلال إجراءات سهلة وميسرة للقدوم لأداء العمرة، وحلول فعالة ومبتكرة لاستيعاب أعداد أكبر.

وفي الاستراتيجية الثانية نجد أن البرنامج يتحدث بعيدا عن المبالغة، فيوضح أن الاستراتيجية تستهدف في 2025م، نسبة رضا في حدود 85% عن الخدمات المقدمة، و90% في 2030، وهي اللغة التي يمكن لأي قطاع أن يطور أعماله وخدماته من خلالها بعيدا عن المبالغة.

أما الاستراتيجية الثالثة فتناولت إثراء التجربة الدينية والثقافية للحجاج والمعتمرين من خلال 15 موقعا إسلاميا وثقافيا مؤهلا في 2025م، و40 موقعا إسلاميا وثقافيا مؤهلا في 2030م.

كما أبرز التقرير ثلاثة ممكنات رئيسة تمكن الرحلة الاستثنائية، الأولى تتمثل في بنية تحتية قوية توفر الخدمات الأساسية على مدار رحلة ضيوف الرحمن، والثانية بيانات وتقنية معلومات تثري تجربة رحلة ضيوف الرحمن بخدمات سلسة وممكنة رقميا.

أما الثالثة فتتمثل في قدرات وكفاءات بشرية تعزز روح الضيافة والحفاوة والاعتزاز بالواجب الديني والوطني. وإن تحدث التقرير عن مبادرات البرنامج التي بلغت 69 مبادرة، لإثراء التجربة الدينية والارتقاء برحلة المعتمر بالتكامل مع 20 جهة، فإن مبادرة طريق مكة التي أطلقتها وزارة الداخلية ضمن مبادراتها عام 1438هـ / 2017م كخطوة تجريبية أولى تم تنفيذها على 1500 حاج من حجاج ماليزيا، وتتضمن أخذ الخصائص الحيوية للحجاج، وفرز وترميز أمتعتهم، وإنهاء إجراءات دخولهم للمملكة من بلادهم، وتخصيص صالة وصول لهم، وتسليم أمتعتهم في مقار سكنهم دون الحاجة إلى انتظارها في محطة الوصول بالمملكة، أحدثت نقلة كبرى في برنامج قدوم الحجاج، بلغ عدد حجاجها عام 2023 (242,272)، فيما بلغ إجمالي من خدمتهم المبادرة منذ انطلاقها 617 ألف حاج.

وخلاصة القول فإن تقرير برنامج خدمة ضيوف الرحمن لعام 2023، لم يكن تقريرا روتينيا بقدر ما جاء تقريرا واقعيا، لم يتحدث بلغة المبالغة المستقبلية، أو النجاحات المحققة أو المتوقعة، لكن تحدث بلغة الحقيقة والواقع وبنى نتائجه من خلال أعماله، وهذا ما نحتاج إليه في تقارير الأداء لتطوير الأعمال.