عبدالله قاسم العنزي

جودة الجهاز القضائي في دفع عجلة الاستثمار

الأحد - 11 أغسطس 2024

Sun - 11 Aug 2024

يشكل القضاء أهم المرافق التي تحظى باهتمام الدولة، وذلك أن دور القضاء لم يعد ينحصر في فض النزاعات بين الطرفين، بل يلعب دورا مهما في تحقيق رؤية المملكة 2030، ويرسخ دولة الحق والقانون، ويكون ذلك من خلال توفير مناخ الثقة للمستثمرين، كما أنه لا يمكن للقضاء أن يحقق دوره المهم دون توفر العدالة الناجزة التي تشكل مناخا مناسبا لاستقطاب وتشجيع الاستثمار، ومن ثم تحقيق التنمية الشاملة المستدامة.

إن بلا شك أن جودة الجهاز القضائي تعد محفزا على الاستثمار ومساهما فعالا في خلق نشاطات اقتصادية متنوعة لدعم عجلة الاستثمار والاقتصاد الوطني، في ظل سيادة القانون واستقلال القضاء – بمعنى بسيط - أيا كانت جنسية المستثمر فإنه يحظى في المملكة العربية السعودية بأمن قضائي إذ لا استثمار دون ضمانات قضائية واضحة.

حتى يتضح لدينا معنى أن القضاء في المملكة يعد مصدرا من مصادر جلب الاستثمار وتنشيط الحركة الاقتصادية في البلد، لا بد أن ندرك أن لدينا منظومة تشريعات خلقت بيئة اقتصادية آمنة للمستثمرين؛ فالمستثمر الأجنبي في أي دولة ما فإن عامل الخوف يساوره حيث يرى نفسه في الدولة المستثمرة طرفا ضعيفا، ولكن هذه المخاوف سرعان ما تتبعثر أمام تشريعات قانونية، مواكبة لكل النوازل القضائية وحلا للنزاعات بين الأطراف، حيث إن حل النزاع هو جوهر العملية القضائية فدون حل للنزاع لا معنى للعملية القضائية إطلاقا!

ومما يبعث الطمأنينة لدى المستثمرين في الأسواق السعودية استقلالية القضاء والجودة في التشريعات التي تترجمها على الواقع الأحكام القضائية؛ فالحكم القضائي يصدر صحيحا من الناحية الشكلية ومطابقا للحقيقة من الناحية الموضوعية، وهذه سمة من سمات الضمانات القضائية للمستثمرين لحفظ رؤوس أموالهم ونموها، وهو ما تسعى إليه جاهدة وزارة العدل من خلال تطوير وتسهيل إجراءات العملية القضائية للوصول إلى حل النزاع الذي من أجله لجأ أطراف الخصومة إلى القضاء.

الحديث عن جودة الأجهزة القضائية ليس جديدا، فكما أن الدولة تسعى لحماية أمنها الوطني والاقتصادي والسياسي، فليس الأمن القضائي هامشا في اهتمامات الدولة، بل المتابع إلى تطوير التشريعات النظامية المتزامنة مع متطلبات الأسواق المحلية والعالمية، واتخاذ المرافعة الالكترونية كخيار استراتيجي لوزارة العدل، وذلك بتقنية تسهل المرافعة وإدارة الخصومة بكل شفافية وحياد يعي جيدا أن القضاء ركن حصين لكل من يلجأ إليه في المملكة العربية السعودية سواء من المستثمرين الأجانب أو غيرهم.

أضيف ختاما، من وجهة نظري أن جودة الجهاز القضائي تبدأ من الحكم القضائي من خلال الوضوح واختيار العبارات المناسبة وتوخي الدقة في المفردات المستخدمة في منطوق الحكم وأسبابه، فدور القضاء نقل النص التشريعي من العمومية إلى التخصيص ومن التجريد إلى التطبيق، وذلك بحكم قضائي ذي لغة واضحة محددة تحقق رضا المستفيدين من خدمات الجهاز القضائي.

expert_55@