محمد إسحاق

طرقت جميع الأبواب وما زلت عاطلا!! 

السبت - 03 أغسطس 2024

Sat - 03 Aug 2024

"طرقت جميع الأبواب وما زلت عاطلا عن العمل.. لم يبق وزارة ولا إدارة ولا مؤسسة إلا وزرتها أو تواصلت معها في مدينتي وبالرغم من ذلك لم أستطع الحصول على عمل، تعبت وأنا أنتظر والعمر يمضي والوقت يمر ببطء شديد فما الحل؟".

رسالة من باحث عن عمل ومثيلاتها كثيرة منتشرة على وسائل التواصل وعلى ألسنة الشباب حديثي التخرج والباحثين عن العمل، وأقول لهؤلاء إن لكل إنسان رزقا مقدرا ومكتوبا، وعلى المرء أن يتأمل فيما لديه من إمكانيات وقدرات، وفيما اكتسبه من دراسة وتخصص.

فلا يشترط أن تجد العمل في مكان قريب من بيتك، وليس بالضرورة أن تعمل في جهة حكومية أو شركات كبيرة في بدايات حياتك المهنية، ولا حتى العمل في تخصصك.

العمل بحد ذاته يكسبك الكثير من الخبرات، وفور دخولك لأي مؤسسة حتى وإن كانت بعيدة عن تخصصك ودراستك فإن ذلك سيفتح لك الباب لفهم طبيعة سوق العمل، واكتساب الخبرة في حياتك، ويسهل عليك الانتقال لوظيفة أعلى في المستقبل أو لمنصب يتناسب مع تخصصك ودراستك.

عليك فقط ألا تفقد الأمل، وألا تسمح للسلبية والإحباط أن يخيما على قلبك، وأن تستمر في البحث والمحاولة.

أذكر أني تخرجت من تخصص نظم المعلومات الإدارية بالجامعة، وهو تخصص يمزج بين الحاسوب وإدارة الأعمال، وبالرغم من ذلك جلست عدة شهور لم أستطع الحصول على وظيفة.

وأول فرصة فعلية حصلت عليها كانت في إحدى الجمعيات الأهلية براتب لا يتعدى 800 ريال، ثم مع الوقت وصل إلى 1500 ريال، وكان العمل لمدة 10 ساعات يوميا طوال الأسبوع عدا الجمعة.


وبالرغم من ذلك قبلت الوظيفة وأصبحت سكرتير الجمعية ومسؤول المراسلات فيها، وعملت وتعلمت الكثير من مديري السابق، وكانت هذه الوظيفة بفضل الله تعالى السبب للانتقال لإحدى الوزارات براتب أعلى، ومن ثم الوصول لعملي الحالي في مجال الإرشاد المهني والأكاديمي.

فتمسك بالأمل دائما، وهب أنك فعلت كل ما بوسعك ولم تحصل على وظيفة فما الحل؟

الحل أن تبحث عن المهارات التي تمتلكها وتفكر في تحويل ذلك لمصدر دخل، فقد تكون مصمما أو خبيرا في الألعاب الرقمية أو تصليح السيارات، فكيف يمكنك تحويل ذلك لمصدر دخل؟

وربما لديك تخصص نوعي يمكنك من أخذ شهادات احترافية ودورات في المجال تؤهلك لأن تكون خبيرا ومستشارا في ذلك المجال، أو مدرسا خصوصيا للطلبة الدارسين لذلك التخصص.

وربما كان رزقك في مشروع أو تجارة ولعلك تحمل أفكارا كثيرة في رأسك وتمنيت أن تكون تاجرا وصاحب شركات ومؤسسات، فلماذا لا تبدأ وتجرب هذا المجال فربما كان رزقك فيه.

وأيا كان ما تريد فعله فلا تغفل عن الاستشارة وأخذ رأي من سبقوك، ولا تلتفت كثيرا لكلام المحبطين، وعندما تتضح لديك الصورة فصل صلاة الاستخارة واسأل الله الهداية والتوفيق لأفضل الخيارات والطرق وتوكل على الله.

أختم باقتباس للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله من كتاب (الرزق مقسوم ولكن السعي واجب) قال فيه "ما خلق الله حيا من الأحياء، إنسانا ولا حيوانا إلا تعهد له برزقه، ولكن من الناس من وضع الله رزقه على المكتب أمامه، يقعد مستريحا على كرسيه ويمسك قلمه بيده فيجريه على الورق، ومنهم من وضع الله رزقه أمام الفرن أو النور، ومن رزقه في مصنع الثلج، هذا عند حرارة النار، وهذا عند برودة الجليد، ومن رزقه مع الأولاد الصغار في المدرسة، أو العمال الكبار في المصنع، ومن رزقه وسط لجة البحر فهو يغوص ليستخرجه، أو فوق طبقات الهواء فهو يركب الطيارة ليأتي به، ومن رزقه وسط الصخر الصلد، فهو يكسره ليستخرجه، ومن رزقه في باطن الأرض فهو يهبط إلى المنجم ليصل إليه".

muhamedishaq@