تداعيات المرحلة والفرصة الأخيرة للسلام
السبت - 03 أغسطس 2024
Sat - 03 Aug 2024
أكتب مقالي والعالم ينتظر ردا عسكريا تجاه إسرائيل من قبل إيران وحلفائها في المنطقة إزاء اغتيال الأخيرة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة طهران، وحتما فالأمر مرفوض وفق كل المقاييس والقوانين الدولية، وهو اغتيال سياسي قبل أن يكون أمنيا، كما تتحمل الحكومة الإيرانية وزر هذا الاغتيال لكونه جرى على أرضها والرجل في حمايتها، وهو ما يشي بوجود اختراق أمني يجب أن تعترف به وتعلنه للملأ.
في جانب آخر فقد أدركت في مقالي الفائت "سيناريوهات المرحلة" بأن حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة ستوسع نطاق حربها جغرافيا هروبا للأمام وفق تصورها، وبخاصة أنها قد وجدت تأييدا رسميا لها من قبل الكنيست الذي أعلن رفضه لمبادرة حل الدولتين والتي تقدم بها العرب، وتبناها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله، وفي يقيني فإن ذلك خطأ جسيم ترتكبه إسرائيل بحق نفسها وبحق طبيعة السلام في المنطقة.
من المؤسف ألا يدرك الساسة الإسرائيليون بأن دعوة القيادة السعودية للسلام وفق مبادرة حل الدولتين، هي الفرصة الأخيرة لنجاتهم في ظل حالة التصعيد التي يؤججها رئيس حكومتهم اليميني المتطرف.
ذلك أن الحرب لم تنه حالة الصراع القائمة منذ منتصف القرن العشرين، وسفك الدماء وقتل الأنفس البريئة لم يقض على حق شعب كل ما أراده أن يعيش بكرامة في ظل دولة مستقلة وفق المبادرة العربية المتفق عليها، كما لا يدرك الإسرائيليون أن الفلسطينيين والعرب متجذرون في أرضهم، وليس لهم غيرها ليتشبثوا بها، بعكسهم وقد قدموا من آفاق عديدة ليستوطنوا أرض فلسطين، وليس لهم أي امتداد حقيقي في جذورها، ولذلك تراهم يسارعون إلى الخروج مع أول هزة أمنية بها.
أشير إلى أن الدولة العربية المسلمة الوحيدة التي تستطيع أن تبرم اتفاق سلام شامل مع إسرائيل، هي المملكة العربية السعودية بما لها من ثقل عربي وإسلامي، وبما لها من قوة سياسية واقتصادية، غير أن ذلك لن يتحقق بشكله العادل إنسانيا وسياسيا إلا بالموافقة على مبادرة حل الدولتين، ومن غيره فستظل إسرائيل في مرمى كل الفلسطينيين أولا ومن يشايعهم في المطالبة بحقوقهم التاريخية والقانونية، وهو حق يقف معهم فيه كل العرب والمسلمين وكثير من شعوب العالم.
وإن تمكنت إسرائيل اليوم بجماعات ضغطها الدوليين من تهميش إرادات أولئك مجتمعين، فلن تتمكن مستقبلا من المحافظة على هذا الزخم من الدعم في ظل تصاعد الرفض لها دوليا وشعبيا.
أشير أيضا إلى أن أهم القرارات لم تتبلور بشكل جدي إلا في ظروف قاتمة كما نحن عليه اليوم، فالإقليم على شفى حفرة ملتهبة يمكن أن تحرق إسرائيل وإيران أولا، وتصل بشررها لمختلف الجماعات المسلحة، كما لن تسلم منها القوات الغربية التي يتم إقحامها في حرب ليس لها فيها ناقة أو جمل، وهي حرب ناتجة عن بلطجة تقودها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو، وكان من جراء ذلك أن خسرت الحكومات الغربية منذ ابتداء العدوان على غزة المنكوبة تعاطف ودعم مختلف الشعوب، التي وضح لها حجم التوحش الإسرائيلي في غزة، فخرجت منددة غير آبهة بقانون معاداة السامية الذي وضع سيفا مسلطا على رقابها حماية لإسرائيل.
أخيرا، نحن أمام فرصة لتحقيق السلام في حال آمن بذلك الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وعملوا بإرادتهم لفرض الأمر على إسرائيل وفق رؤية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، السياسية القاضية بالقبول بحل الدولتين، فهل يدرك الإسرائيلي بأن نجاته على المدى المتوسط والبعيد مرتبطة بذلك؟ وهل يدرك الغرب بأن تبعات إحلال السلام في الإقليم ستكون له منافعه الاقتصادية والسياسية؟ وهل سيصدق المثل العربي في الأزمة الحالية القائل "اشتدي أزمة تنفرجي"؟
zash113@