استخدم عقلك الثاني
الخميس - 01 أغسطس 2024
Thu - 01 Aug 2024
العقل البشري في أساسه مجموعة من القوى الإدراكية التي تدعم العمليات العليا، كالفهم والاستيعاب والتفكير التي تقود العقل للتمييز والبحث عن البدائل والحلول المخزنة بصندوق الذاكرة من الخبرات التراكمية التي تسمى بالمعرفة المجربة، والتي يحتاجها الإنسان لمعالجة مشاعره وانفعالاته وخيالاته التي يمر بها خلال مواقفه المتعددة ومسيرة حياته المتقلبة؛ ذلك التمدد الضخم من المعلومات والعمليات والسلوكيات التي عاشها ويعيشها والمهام التي يقوم بها العقل، يواجه أحيانا حالة من التشتت والتباطؤ اللاإرادي الذي يجعل الشخص في حيرة من أمره ويشعره أنه لم يحقق شيئا رغم الكم الهائل من الخبرات التي يمتلكها، لذلك يلزمه إيجاد آلية أخرى توازي ما هو موجود في الحيز الدماغي لتحقيق الدعم المجتمعي والاستقرار النفسي، وهي فكرة استخدام العقل الثاني.
يقول الكاتب تياجو فورتي المتخصص في الإنتاجية الشخصية لتنظيم الحياة ومؤلف كتاب "بناء العقل الثاني" نحن نعيش في عصر التخمة المعلوماتية ومصابون بالتشبع المعرفي، اللذين يشتتان خيارات الإنسان كيف يختار دراسته ومجال عمله وقراراته التي تختص بجودة حياته، ومن خلال تجربة بناء العقل الثاني التي اقترحها يمكنه النجاح بافتراض واقع ملموس يمارسه بإخراج الأفكار من عقله الداخلي الأول إلى عقله الخارجي الثاني بعملية التدوين المستمر على صفحات الكترونية.
من أهم الأشياء التي تنشئ العقل الثاني استخدام نظام PARA" Projects Area Resources Archive" بمعنى كيفية تصنيف مهام وأوليات حياتنا وتحويلها لمشاريع ونطاقات ومصادر قابلة للأرشفة بطريقة ذكية لاستعادتها، وبالتالي فإن هذا العقل الإضافي سيعمل كمنهج رقمي مواز لعقلنا الأساسي لتسجيل الملاحظات الجديدة القابلة للتنفيذ، وهذا العقل الثاني يعتبر أداة تجمع بين عنصرين تنمويين للتطوير؛ المعرفة مما اكتسبناه، والتعلم لما سنواجهه.
فعندما تلتقط فكرة من وجهة نظرك، وتدونها بطريقتك وتترجمها وفقا لتجربة خضتها، وتخزنها في مكان يمكنك الرجوع إليه بسهولة فأنت تراكم المعرفة وتنظمها وتسهل استرجاعها؛ وفي كل مرة تقوم بتدوين فكرة ما أو ملاحظة أو خاطرة من المفترض أن نسأل أنفسنا كيف يمكننا تنظيمها وحفظها والاستفادة منها مستقبلا؟ ذلك سيقودنا لشرح وتفسير سبب حفظنا للفكرة والملاحظة، وما الذي كنا نفكر فيه حينها، وما الذي لفت انتباهنا بالضبط.
ومن الضروري وضوح الملاحظات المدونة وعدم غموضها، ومن المهم أيضا سهولتها واختصارها؛ ويجب أن نفكر في كل مرة سنقرؤها مستقبلا أن تكون ملاحظاتنا واضحة ونتلقاها ونستوعبها بشكل صحيح؛ لأن هذه الملاحظات المسجلة هي هدايا نقدمها لأنفسنا بالاعتماد على التغذية الراجعة لأفكارنا الشخصية التي تجعلنا نفند المقبول منها والقابل للتنفيذ شخصيا وعرفيا، أي ما نرتضيه لذواتنا وما يتقبله محيطنا من حولنا من دوائرنا المجتمعية.
فكرة الإبداع في حياتنا حتى نصل لأقصى درجات الجودة هي مسؤوليتنا الشخصية؛ فالعقل الأول السليم ينجح بكيفية استخدام العقل الثاني السليم.