عبدالمعين عيد الأغا

فيتامين «الشمس» والمعلومات المغلوطة

الثلاثاء - 30 يوليو 2024

Tue - 30 Jul 2024

يعتبر فيتامين D الملقب والمشهور بفيتامين «الشمس» من أهم الفيتامينات الضرورية لصحة الجسم والعظام لكونه يلعب دورا مهما عند الصغار والكبار، ويحمي الأطفال منذ الصغر من لين العظام، ولو استمر نقصه سنوات طويلة فإنه يمهد لمرض «هشاشة العظام» لا سمح الله، إذ يحافظ هذا الفيتامين على توازن المعادن في الجسم وعلى مستويات الكالسيوم والفوسفور، ويعزز امتصاص الكالسيوم والفوسفات من الأمعاء الدقيقة، إلى جانب إعادة امتصاص الكالسيوم في الكلية.

وقد وجد في السنوات الأخيرة أن لفيتامين D دورا في تخفيف الإصابة من الأمراض المزمنة المناعية كالسكري والقلب وتنظيم عمل نمو الخلايا، بما في ذلك قمع نمو الخلايا السرطانية وزيادة نشاط الجهاز المناعي، ومقاومة نشاط الخلايا السرطانية.

وتعتبر الشمس المصدر الأساسي للفيتامين المهم، وأنسب الأوقات له من العاشرة صباحا وإلى الثالثة ظهرا عكس الاعتقاد الخاطئ عند البعض وهو بعد صلاة الفجر أو قبل الغروب، ولكون الأجواء لدينا تتسم بارتفاع الحرارة في فترات النهار فيصبح اكتساب هذا الفيتامين عبر الشمس صعبا لدى الكثيرين، ويظل البديل المناسب عبر المصادر الضعيفة المحصورة في الأغذية مثل الأسماك الدهنية، مثل السردين، التونة، الزبدة، البرتقال، الفطر، صفار البيض، الكبد، الحليب، والمكسرات، ولكن عندما يكون نقص منسوبه في الجسم مثبتا في التحاليل الطبية وعبر التشخيص الطبي، فهنا يستوجب العلاج بالتدخل الدوائي الذي قد يكون بالحقن أو الحبوب وتحت إشراف طبي.

ورغم أهمية فيتامين «الشمس» إلا أن هناك بعض المعلومات المغلوطة التي يتم ترويجها وتداولها في أوساط المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ذلك:

أولى المعلومات المغلوطة: أنه لا حاجة لعلاج نقص فيتامين D طالما المجتمع بأكمله صغارا وكبارا يعانون من المشكلة، وللأسف هذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلا، فكما أوضحت أن المشاكل التي تترتب على نقص فيتامين الشمس لا يمكن حصرها، فتشخيص نقصه وعلاجه أمران ضروريان، والمزاعم المغلوطة التي تتداول بين حين وآخر حول هذا الفيتامين عبر مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن لا يتم تداولها وإعادة إرسالها للآخرين نهائيا، وهنا تأتي أهمية تكريس دور الوعي المجتمعي في تجنب تداول الرسائل المرتبطة بصحة الفرد ولا تستند إلى مراجع موثقة أو جهات رسمية، والأفضل الرجوع إلى الأطباء في حال وجود أي استفسار يتعلق بالمعلومة الطبية.

ثاني المعلومات المغلوطة: أنه طالما يتوفر فيتامين D في بعض الأغذية فإنه لا داعي لتشخيص نقصه وعلاجه، وهذا أيضا غير صحيح، فنقص الفيتامين لا بد أن يتم مواجهته بالجرعات العلاجية، فالأغذية التي تحتوي على فيتامين D تعتبر مصادر ضعيفة لعلاج النقص، ولكنها تفيد الأشخاص الذين لا يعانون من نقصه واستقرار نسبته في الجسم، لذا تظل النصيحة بضرورة التشخيص والتأكد من معدلاته الطبيعية في الجسم والعلاج في حال وجود نقص لنسبته.

ثالث المعلومات المغلوطة: أن تناول  فيتامين D قد يسبب الفشل الكلوي، وبالطبع هذا الكلام غير صحيح، فعادة يكون علاج نقص الفيتامين عند الكبار والأطفال تحت اشراف طبي وليس بنصيحة المجتهدين والأصدقاء، فالعلاج يكون بجرعات محددة وفقا للطبيب المعالج، ولكن عندما يأخذ الفرد مثلا مكملات الفيتامين بنصائح الآخرين وبجرعات تتجاوز حاجة الجسم فإنه قد يكون عرضة لزيادة نسبته في الجسم، وينعكس أثر ذلك سلبا بحدوث حالة تسمى «سمية فيتامين D» بسبب تناول جرعات كبيرة من مكملات الفيتامين وليس بسبب النظام الغذائي أو التعرض للشمس، إذ تتمثل انعكاسات عواقب سمية فيتامين D في تراكم الكالسيوم في الجسم (فرط الكالسيوم)، مما يسبب الغثيان والقيء والضعف والتبول المتكرر، ويمكن للأعراض أن تتفاقم لتسبب آلام العظام، ومشكلات الكلى وتكون الحصوات وفي بعض المراحل قد يصل الأمر إلى الفشل الكلوي في حال الجرعات العالية وعلى المدى البعيد.

خلاصة القول: يجب عدم التساهل بنقص فيتامين D في الجسم والسعي لعلاجه تحت إشراف طبي بعد التأكد من مستوياته لتفادي الأعراض المصاحبة، وعدم تناول أي مكملات غذائية متعلقة بفيتامين D بنصائح المجتهدين دون التشخيص الطبي حتى لا يتعرض الفرد لمشاكل أخرى تتعلق بزيادة جرعات الفيتامينات في الجسم، فالفائض من الفيتامين له تأثير على جميع أعضاء الجسم، وكذلك التراكم الزائد للكالسيوم في الدم والذي يعرف بفرط كالسيوم الدم.