هديل النويصر

مرض العصر

الأحد - 28 يوليو 2024

Sun - 28 Jul 2024

انتشر في الآونة الأخيرة مرض العصر وهو الاكتئاب، ومعدل انتشاره في ازدياد مخيف، يدعو للتساؤل وإيقاف علامات التعجب والاستفهام؟!

ما سبب انتشار مرض الاكتئاب على مستوى العالم؟، هل هو ضغوطات الحياة؟ أم سرعة الحياة؟، أم كلتاهما معا؟.

ولماذا يخجل كثيرون من الاعتراف بهذا المرض؟ وهل أصبح كابوسا مخيفا نخجل أن نصارح به أنفسنا قبل الآخرين؟.

الاكتئاب مرض نفسي مثله مثل الضغط والسكر، ليس هناك ما يدعو للخجل منه، فالنفس تتعب وتحزن لأسباب عدة، منها: فقد عزيز وغال على سبيل المثال، أو تجربة فاشلة في زواج لم يستمر، الأسباب متعددة ومتنوعة لا يمكن حصرها في كلمات وصفحات معدودة.

النفس حينما تتعب، فالجسد بأكمله يتعب ويشقى، الصحة النفسية مرتبطة ارتباطا عميقا وكبيرا بالصحة الجسدية، وكثير من الأمراض العضوية، للأسف الشديد والمحزن، أساسها نفسي.

هناك شخصيات هشة رقيقة حساسة قابلة للاكتئاب أكثر من غيرها، خاصة أصحاب الشخصية القلقة، هنا نجدهم يصابون بالاكتئاب أكثر من غيرهم.

هناك تصنيف لسمات وأنواع الشخصيات في علم النفس، فهناك شخصية هوسية، ونرجسية، وسايكوباتية، وسواسية، واكتئابية.

نجد أصحاب الشخصية الاكتئابية أكثر عرضة بالإصابة بالاكتئاب من غيرهم، ونجد لديهم مشاعر الحزن والقلق والعزلة والانطواء، وحينما يعيشون في ظرف ومناخ أسري يساعد على هذا التكوين من قسوة والدية وعنف أسري، نجد الفرد أكثر استجابة من غيره للاكتئاب.

تفقدوا ملامح أحبتكم حينما تجدون الحزن اعترى ملامحهم، وتجدونهم قد انعزلوا عن الاجتماعات وفضلوا العزلة، ولم يعودوا يستمتعون بالأنشطة اليومية كالسابق، وحينما يفقدون كثيرا من الوزن، وأصواتهم تكون حزينة، ساعدوهم، اسألوهم، قفوا بجانبهم، لا تقولوا عنهم غير اجتماعيين أو مزاجيين، هم يمرون بتقلبات مزاجية وفسيولوجية لا يستطيعون التحكم فيها، ويحتاجون لمعالج نفسي يأخذ بأيديهم نحو الحياة لتعود وتتلون، فهم يرون العالم كشبح أسود يسمي (الاكتئاب).

قد يكون هناك استعداد وراثي لهذا المرض، وخلل في كيمياء الدماغ ويحتاجون علاجا دوائيا.

لماذا نحن دائما ضد علاج الاكتئاب، وننصح الآخرين بعدم استخدامه لأنه يؤدي إلى الإدمان، لماذا هذا الفكر توارث من جيل إلى جيل عبر السنين؟.

لماذا لا نترك الإجابة لأهل الاختصاص من أطباء وخبراء نفسيين، كرّسوا حياتهم وسنينهم وجهدهم لدراسة الطب النفسي؟.

فهم المخولون بصرف أدوية الاكتئاب وليس المعالج النفسي.

أيعقل طبيب أدى القسم أن يعطيك دواء يؤدي بك للإدمان؟.

نحن في مجتمع واع وفي عام 2024، مجتمعنا أصبح أكثر وعيا من السابق.

في السابق، من يذهب إلى طبيب نفسي يُدعى بالمجنون، والإعلام ساعد على تصوير هذا الفكر سابقا.

أما الآن، وصلنا من النضج الكافي الذي يجعلنا نتعرف أكثر على الاكتئاب، فهو درجات وأنواع.

هناك اكتئاب منخفض، وهناك اكتئاب متوسط، وهناك شديد، ويمكن قياسه بمقاييس مقننة عبر المعالج النفسي لمعرفة درجته.

أشد الأنواع خطورة هو الاكتئاب المرتفع، الذي يجعل الفرد يحاول إيذاء نفسه ويفكر في الانتحار، فرفقا بأنفسكم، إذا وجدتم أنفسكم بين هذه السطور لا تخجلوا، واذهبوا للمختصين للعلاج.

ليس هناك ارتباط بين الدين وبين إصابة الفرد بالاكتئاب، دينك لا يمنعك من الإصابة به، فهو مرض يأتي لأسباب متعددة، بعضها مكتسب من بيئة وطفولة قاسية، وبعضها قد يكون وراثيا، وليس هناك مجال لتغيير سماتنا الوراثية، بل هناك فرصة ووعي للعلاج.

رفقا بأرواحنا وأنفسنا، ولا تخجل في طلب المساعدة من الأقسام الطبية المختصة ذات الصلة.

تمنياتي القلبية بالشفاء والعافية والصحة النفسية والجسدية، في أبدانكم وأرواحكم الثمينة.

HADEELALNOWAISIR@