لا تكن «س»
السبت - 27 يوليو 2024
Sat - 27 Jul 2024
«س» من الناس ولد ونشأ وترعرع وتنامى في رعاية والديه، ومن ثم انخرط في المراحل التعليمية مرحلة بعد أخرى، وتخرج من آخر مرحلة، وعمل في وظيفة ما وبعدها تزوج وكون عائلة كريمة وأصبح له أولاد وأحفاد، وجمع أموالا لا بأس بها، وصرف أوقاته في تتبع مطالب الحياة راكضا في أقفال الفجوات والأماني، هكذا كانت حياته منذ نعومة أظافره منتقلا من مرحلة إلى أخرى محققا لكل تلك الأهداف الطبيعية التي تتنامى داخل الإنسان، ومشت به الأيام والسنون حتى وصل لأرذل العمل ثم مات،... قدر الاستطاعة لا تكن «س».
القصة أعلاه مجرد مقطع عرضي لحياة إنسان متكررة بشكل لانهائي من حيث الزمان والمكان، حرف السين حرف مجهول الهوية لم ترتبط به حروف أخرى لتميزه عن بقية حروف السين المتكررة، لم ترتبط به الحروف الخالدة التي من طبيعتها لها أثر إيجابي يجوب المكان أو الزمان سواء كانت موهبة أو عمل صالح أو عطاء غير مشروط تجاه الغير.
ليس في ذلك عيب أو خطأ أن يكون الإنسان حرف سين متكرر من عامة الناس ولكن الحديث هنا عن الإنسان النوعي الذي تغنى فيه أحمد شوقي بقوله «وكن رجلا إن أتوا بعده.. يقولون: مر وهذا الأثر»، والذي ميزه رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم الراحلة (إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة)ن فالراحلة عزيزة الوجود ليست كبقية الإبل لديها بصمة خاصة تميزها بعطاءات فريدة.
لازلت أتذكر منذ الصغر تلك الأحاديث المتهدجة التي يسترسل فيها أبي أطال الله في عمره عن ذلك الرجل النبيل المرحوم حسن عطية الخريصي (أبو عيضة) من أعيان قرية الوحشة بمحافظة قلوة الذي تنصب على رؤوس الأشهاد بأعماله وأخلاقه لا بمناصبه والذي كان نجما لامعا في عطائه تجاه الآخرين في القرية وخارجها وفي عونه للمكروب وكيف يمشي بين الناس جابرا للخواطر معينا لهم صاحب فزعة وشهامة، حتى أصبح بمثابة الملاذ الآمن يلجأ إليه الناس بعد الله في حل المشاكل وإعانتهم على ظروف الحياة المختلفة، هذه القصص خلدت اسم صاحبها الذي توفى منذ زمن بعيد - رحمه الله - ولا زلت أقول في نفسي هنيئا له هذا الأثر الطيب والذكر الحسن والأعمال الصالحة والبصمة الفريدة التي لازالت ذكراها تطوف المجالس كما عبر عنها أحمد شوقي أيضا: فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها.. فالذكر للإنسان عمر ثان.
لذلك تتردد في دواخلي هذه المعاني التي تقول أرجوك لا تكن س من الناس وابحث عن موهبة حقيقية في داخلك وترجمها بعطاءات غير مشروطة تجاه مجتمعك الصغير أو الكبير فهي التي ستربطك بالحروف الأخرى والتي ستجعل من وجودك له معنى مميزا ومختلفا له أثر إيجابي متعد وبصمة في تاريخ الإنسانية، والتي عبر عنها الراحل غازي القصيبي رحمه الله من خلال أثير الشاشة: الموهبة هي جوهر الإنسان الفريد الذي يميزه عن غيره، ولا يجب أن يتنكر لها تحت أي ظرف.
إذا حاول الإنسان إخفاء موهبته من أجل العمل أو المجتمع أو المسؤوليات، فإنه يتخلى عن أثمن شيء لديه، الشيء الذي يميزه ويمنحه البقاء في التاريخ.
فالمواهب الحقيقية هي التي تخلد أصحابها عبر الزمن، وليس المناصب والوظائف. الموهبة هي القوة الداخلية التي لا يمكن إخفاؤها أو التغاضي عنها.
الشخص الموهوب حقا لا يستطيع أن يتخلى عن موهبته، حتى لو حاول، لأنها جزء لا يتجزأ من كيانه.
فالموهبة الحقيقية ستظهر دائما، وستفرض نفسها في حياة الموهوب مهما حاول الهروب منها.
fahdabdullahz@
القصة أعلاه مجرد مقطع عرضي لحياة إنسان متكررة بشكل لانهائي من حيث الزمان والمكان، حرف السين حرف مجهول الهوية لم ترتبط به حروف أخرى لتميزه عن بقية حروف السين المتكررة، لم ترتبط به الحروف الخالدة التي من طبيعتها لها أثر إيجابي يجوب المكان أو الزمان سواء كانت موهبة أو عمل صالح أو عطاء غير مشروط تجاه الغير.
ليس في ذلك عيب أو خطأ أن يكون الإنسان حرف سين متكرر من عامة الناس ولكن الحديث هنا عن الإنسان النوعي الذي تغنى فيه أحمد شوقي بقوله «وكن رجلا إن أتوا بعده.. يقولون: مر وهذا الأثر»، والذي ميزه رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم الراحلة (إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة)ن فالراحلة عزيزة الوجود ليست كبقية الإبل لديها بصمة خاصة تميزها بعطاءات فريدة.
لازلت أتذكر منذ الصغر تلك الأحاديث المتهدجة التي يسترسل فيها أبي أطال الله في عمره عن ذلك الرجل النبيل المرحوم حسن عطية الخريصي (أبو عيضة) من أعيان قرية الوحشة بمحافظة قلوة الذي تنصب على رؤوس الأشهاد بأعماله وأخلاقه لا بمناصبه والذي كان نجما لامعا في عطائه تجاه الآخرين في القرية وخارجها وفي عونه للمكروب وكيف يمشي بين الناس جابرا للخواطر معينا لهم صاحب فزعة وشهامة، حتى أصبح بمثابة الملاذ الآمن يلجأ إليه الناس بعد الله في حل المشاكل وإعانتهم على ظروف الحياة المختلفة، هذه القصص خلدت اسم صاحبها الذي توفى منذ زمن بعيد - رحمه الله - ولا زلت أقول في نفسي هنيئا له هذا الأثر الطيب والذكر الحسن والأعمال الصالحة والبصمة الفريدة التي لازالت ذكراها تطوف المجالس كما عبر عنها أحمد شوقي أيضا: فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها.. فالذكر للإنسان عمر ثان.
لذلك تتردد في دواخلي هذه المعاني التي تقول أرجوك لا تكن س من الناس وابحث عن موهبة حقيقية في داخلك وترجمها بعطاءات غير مشروطة تجاه مجتمعك الصغير أو الكبير فهي التي ستربطك بالحروف الأخرى والتي ستجعل من وجودك له معنى مميزا ومختلفا له أثر إيجابي متعد وبصمة في تاريخ الإنسانية، والتي عبر عنها الراحل غازي القصيبي رحمه الله من خلال أثير الشاشة: الموهبة هي جوهر الإنسان الفريد الذي يميزه عن غيره، ولا يجب أن يتنكر لها تحت أي ظرف.
إذا حاول الإنسان إخفاء موهبته من أجل العمل أو المجتمع أو المسؤوليات، فإنه يتخلى عن أثمن شيء لديه، الشيء الذي يميزه ويمنحه البقاء في التاريخ.
فالمواهب الحقيقية هي التي تخلد أصحابها عبر الزمن، وليس المناصب والوظائف. الموهبة هي القوة الداخلية التي لا يمكن إخفاؤها أو التغاضي عنها.
الشخص الموهوب حقا لا يستطيع أن يتخلى عن موهبته، حتى لو حاول، لأنها جزء لا يتجزأ من كيانه.
فالموهبة الحقيقية ستظهر دائما، وستفرض نفسها في حياة الموهوب مهما حاول الهروب منها.
fahdabdullahz@