هارون الرشيد وأبو نواس
الخميس - 25 يوليو 2024
Thu - 25 Jul 2024
يحكى أن هارون الرشيد أمر يوما ببيض يوزع على جلسائه، على أن يضعوه خلفهم، واتفق معهم على أن يغضبوه بعد مجيء أبي نواس، وعندما دخل أبو نواس المجلس أغضب أحد الجالسين الخليفة، فقال غاضبا: "إن لم تخرجوا الآن بيضا قطعت رؤوسكم". فأخرج كل الجالسين بيضا، وعلم أبو نواس أنها مكيدة، وارتعب لغضب الخليفة، فقال هارون: وأنت يا أبا نواس أين بيضتك وإلا قطعت رأسك؟، ففكر أبو نواس لبرهة ثم وقف وسط المجلس يضرب إبطيه ببعضهما، ويصيح كصياح الديك، فقال الخليفة: ما هذا يا أبا نواس، فقال أبو نواس: كيف لدجاج أن يبيض بدون ديك، فضحك الخليفة حتى كاد يسقط من على كرسيه.
ولست أسرد هذه القصة لأشوه سيرة خليفة عظيم، كان يحج عاما ويجاهد عاما، حتى سمي عهده بالعصر الذهبي للدولة العباسية، ولكن التوازن في عرض التاريخ الإسلامي، ينشئ عقولا معتدلة في حكمها واقعية في تصوراتها.
فالتاريخ الإسلامي الممتد 1300 سنة، ليس مثالا لعدل عمر وتواضع أبي بكر الصديق (رضي الله عنهما)، إنه مليء بالحسن والسيئ، وانتقاء المثالية في التاريخ الإسلامي وتكرارها وكأنها التاريخ كله، يخلق فكرا ضيقا متحجرا يعيش في وهم المثالية ويطالب بها.
إن التاريخ الإسلامي ليس نموذجا للكمال، وحتى قصص الخلفاء الراشدين ومجتمعاتهم ليست مثالية، ألا يستطيع القادر المقتدر أن ينقل لنا تاريخا مجيدا مثاليا لمجتمع نبيه وصحابته؟.
ولكنه دين الوسطية (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، لا يدعو للمثالية في الدين، فكيف بالحكام والمجتمعات!.
ولقد نهى عن الكراهية والأحقاد والنفرة وتقطيع الأوصال، لأن فيها فسادا عظيما، فبقاء المنكرات خير من محاربتها بما يسوء للمجتمعات (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة).
ولقد كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالعصاة والمذنبين والكافرين، يدعو دائما للتسامح والتغاضي والرفق، ولا تكون الرحمة في قلب مليء بالغضب والكراهية، ولا يمكن لقلب يطالب بالكمال والمثالية أن يهنأ بالسكينة والرحمة.
إن من الحكمة عرض التاريخ باعتدال، بحسنه وسيئه، لأنه ينشئ مجتمعات رحبة الصدر نيرة الفكر واقعية التصور، فيتقبل المجتمع بعضه بعضا، وتموت الطائفية والعصبية الدينية التي تزداد ضيقا في فكرها ورهبنة في دينها، حتى التصق بنا الإرهاب والعنف والعزلة. أعود فأقول كما قال الله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا).
ولست أسرد هذه القصة لأشوه سيرة خليفة عظيم، كان يحج عاما ويجاهد عاما، حتى سمي عهده بالعصر الذهبي للدولة العباسية، ولكن التوازن في عرض التاريخ الإسلامي، ينشئ عقولا معتدلة في حكمها واقعية في تصوراتها.
فالتاريخ الإسلامي الممتد 1300 سنة، ليس مثالا لعدل عمر وتواضع أبي بكر الصديق (رضي الله عنهما)، إنه مليء بالحسن والسيئ، وانتقاء المثالية في التاريخ الإسلامي وتكرارها وكأنها التاريخ كله، يخلق فكرا ضيقا متحجرا يعيش في وهم المثالية ويطالب بها.
إن التاريخ الإسلامي ليس نموذجا للكمال، وحتى قصص الخلفاء الراشدين ومجتمعاتهم ليست مثالية، ألا يستطيع القادر المقتدر أن ينقل لنا تاريخا مجيدا مثاليا لمجتمع نبيه وصحابته؟.
ولكنه دين الوسطية (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، لا يدعو للمثالية في الدين، فكيف بالحكام والمجتمعات!.
ولقد نهى عن الكراهية والأحقاد والنفرة وتقطيع الأوصال، لأن فيها فسادا عظيما، فبقاء المنكرات خير من محاربتها بما يسوء للمجتمعات (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة).
ولقد كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالعصاة والمذنبين والكافرين، يدعو دائما للتسامح والتغاضي والرفق، ولا تكون الرحمة في قلب مليء بالغضب والكراهية، ولا يمكن لقلب يطالب بالكمال والمثالية أن يهنأ بالسكينة والرحمة.
إن من الحكمة عرض التاريخ باعتدال، بحسنه وسيئه، لأنه ينشئ مجتمعات رحبة الصدر نيرة الفكر واقعية التصور، فيتقبل المجتمع بعضه بعضا، وتموت الطائفية والعصبية الدينية التي تزداد ضيقا في فكرها ورهبنة في دينها، حتى التصق بنا الإرهاب والعنف والعزلة. أعود فأقول كما قال الله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا).