أحمد بني قيس

السلاح النووي.. ضحية التطور أم سيده؟

الأربعاء - 24 يوليو 2024

Wed - 24 Jul 2024

لقد أثبت السلاح أهمية توفره عند البشر منذ وجودهم سواء للهجوم أو للدفاع كما يشهد بذلك التاريخ وأحداثه، ونظرا لهذه الأهمية بدأ اهتمام الإنسان بتطوير جودة السلاح وكفاءته ينمو إلى أن وصل به الحال إلى درجة ابتكار كافة الأسلحة التي نراها اليوم والتي يتزعمها أخطر سلاح عرفته البشرية حتى الآن ألا وهو السلاح النووي.

ولنعد قليلا إلى الوراء حتى نتناول تاريخ ابتكار هذا السلاح الذي كان موعده عام 1945م وذلك ضمن مشروع مانهاتن الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية وهي الحرب التي شهدت أول استخدام فعلي له حين تم استهداف كلا من مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين في هجومين منفصلين قتل من اليابانيين نتيجة حدوثهما ما يزيد عن 120 ألف ضحية معظمهم من المدنيين كما نتج عنهما أيضا مقتل ما يزيد عن ضعفي هذا الرقم في السنوات اللاحقة بسبب التسمم الإشعاعي.

وهذه القوة التدميرية الهائلة التي يتمتع بها السلاح النووي أجبرت العالم على إخضاع تصنيعه واستعماله لضوابط مشددة ومعقدة خوفا من التعرض للخطورة الجسيمة التي يحدثها وهذا الخوف حفز الدول المعنية بهذا السلاح لتبني معاهدة سميت في حينه بمعاهدة «الحد من انتشار الأسلحة النووية» هدفها ليس فقط منع انتشار هذه الأسلحة وإنما جعل دورها يقتصر عند الجميع على أن تكون مجرد أسلحة «ردع» فقط وهذا ما تم تحقيقه حسب معطيات واقعنا المعاصر.

ومما يجب علمه أن هنالك ثمان دول اعترفت رسميا بامتلاكها للسلاح النووي، وهي: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وباكستان والهند وكوريا الشمالية، بينما حامت وتحوم شكوك حول حيازة إسرائيل على سبيل المثال لهذا السلاح إلا أن موقف إسرائيل ظل ثابتا بعدم إقرار أو إنكار ذلك كما أن هذه الشكوك طالت إيران أيضا بعد اكتشاف قدرتها الفنية والتقنية في مجال تخصيب اليورانيوم والتي كما نعلم أنها المادة الرئيسة المستخدمة لتصنيع القنبلة النووية.

وبالحديث هنا عن إيران النووية وخطر تهديدها لجوارها العربي بهذا السلاح حال امتلاكها له دفع السعودية بشكل خاص كأهم دولة معنية بهذا التهديد الأمني والوجودي للإعلان على لسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أثناء عقده لقاء تليفزيونيا أجرته معه إحدى شبكات الإعلام الأمريكية إلى أنه متى ما تم التأكد من امتلاك إيران للسلاح النووي فإن السعودية ستمتلك فورا مثيله النووي لردع أي هجوم أو خطر قد تتعرض له أو يتم تهديدها بالتعرض له سواء من إيران أو من غيرها.

وهذا الموقف السعودي الرسمي يدل على إيمان قيادة هذا البلد بضرورة حماية سيادتها وأمنها القومي عبر اتخاذ أي إجراء يكفل لها ذلك ويلبي حقها المشروع في الدفاع عن نفسها تماشيا مع ما أقرته وشرعنته كافة المواثيق الدولية.

ولعل أبرز إجراء قادر على القيام بهذه المهمة يكمن في العمل على تشكيل قوة ردع ذاتية ذات إمكانات وقدرات عالية وظيفتها الرئيسة حفظ التوازنات العسكرية في الإقليم والمنطقة ومنع أي خطر محتمل أو مؤكد قد يخل بثبات واستقرار هذه التوازنات.

نخلص مما سبق إلى أن التطور أمر مهم وإيجابي إلا أن هنالك جوانب منه أثبت تطويرها سلبيته الكبيرة، وهذه الحقيقة يترجمها حرفيا وجود السلاح النووي الذي برهن استخدامه على قدرته الرهيبة في الفتك والتدمير والذي قد تطال عواقب اللجوء له ليس فقط من يتم استهدافه به وإنما حتى من ابتكره وعرفت من خلاله التقنية اللازمة لتصنيع هذا السلاح.