أبرز مقومات إذاعات 3D
الأربعاء - 24 يوليو 2024
Wed - 24 Jul 2024
أسهمت التقنيات التكنولوجية في تداخل المنتج الإعلامي والثقافي المحلي وولوجه دائرة الكوني، واندماج الكوني في بوتقة المحلي، وغيرت من تمثلنا للمسافة والزمن جاعلة من الكرة الأرضية (قرية كونية) تذوب بداخلها هويات الأمم وتنصهر الثقافات وتتهاوى الحدود المحلية، لتتيح للجميع سبل النفاذ إلى حركة التدفق العالمي للصور والأصوات والنصوص، والمشاركة في تداول المعرفة وإنتاج المعلومة وصناعة الخبر، وتناقلها والتفاعل مع مضامينها إيجابا أو سلبا، بالموافقة أو الرفض، بالتأييد أو المعارضة.
لقد أدى اندماج أعداد متزايدة من البشر في الحركة الكونية للتبادل الرمزي، للأفكار، بطابعه الإعلامي والمعلوماتي، إلى سرعة التنبؤ باحتمالية زوال أقدم وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية، ممثلة بالإذاعة، بذريعة عدم قدرتها على مواكبة سريان فتيل المنافسة إلى جمهورها المخصص، التي أشعلتها المضامين الوافدة من الخارج، وتمكنت بحكم حجمها وتنوعها وجاذبيتها كما يقول الخبير الإعلامي زهير بن حمد، في بحث أعده عن الإذاعات ورهانات المحلية، من تجريد الاهتمامات المحلية من كل إغراء، ولعجز الإذاعة عن ركوب موجة العولمة والسفر في الفضاء الاتصالي المعولم والتنكر إلى ما من أجله نشأت وعليه قامت.
لكن هذا الرهان سرعان ما سقط مع ثبات الراديو كجهاز، وبروز ظاهرة الإذاعات المحلية التي لم يعد يخلو منها أي بلد، مخترقة النظرة التي بدأت تترسخ في أذهان البعض بأن نهاية الجغرافيا قد تعني نهاية التاريخ، لتبدأ مرحلة جديدة من إثبات الذات الإعلامية بالاستفادة من التطور التقني والاستجابة الناجعة للحراك الاجتماعي الناجم عن تنوع وسائط الاتصال.
وحتى اليوم، لا يبدو أن هناك إجماعا على تعريف أو توصيف للإذاعة المحلية فهي في أوروبا بدأت كإذاعة (سرية)، أو إذاعات (القرصنة) لقيامها بالبث دون ترخيص قانوني، وبعدما شرعت سميت بالإذاعات البديلة أو الحرة أو إذاعات الأحياء. وفي الجزائر يطلق عليها بإذاعات (الجوار)، وفي تونس (الإذاعات الجهوية)، وفي أفريقيا (إذاعات الأرياف).
لكن القاسم المشترك بين كل هذه الإذاعات هو اختلافها عن الإذاعات الوطنية والقومية والدولية التي يشمل بثها سائر الوطن، أو تغطي نطاق عالمي وتهتم بالقضايا الدولية، فمن بين المقومات الأساسية للإذاعة المحلية (محلية الجمهور الذي تخاطبه، والتزامها بقواعد القرب في التعاطي الإعلامي).
من هذا المنطلق شكل تمكن بعض الإذاعات المحلية من تجاوز دوائر بثها المحددة بالانتشار الجغرافي للجمهور المحلي، من خلال توطينها على الويب واقتحامها عالم البث الفضائي لتغطي سائر التراب الوطني وتدفقه إلى خارجه، أحد عوامل صمودها على البقاء التي اقترنت بالحفاظ على طابع محليتها، وتمرسها بالعمل الإذاعي وتطويرها لبرامجها الخاصة، ما جعل الكثير من الباحثين يعترفون بممارستها بعض مهام المرافق العمومية ومساهمتها في المحافظة على المجتمع المحلي كما حصل في فرنسا.
هذا بالإضافة إلى قدرتها على التحرر من أبوية المركز وقيود المركزية.
دون إنكار حقيقة أن معظم الإذاعات المحلية مازالت تعاني من مشكلات معقدة تكمن أبرزها في عدم قدرتها على تحديد هويتها الفريدة ما جعلها أسيرة إشكالية التردد بين قطبي الوطن والموطن، واعتقادها أن فعالياتها الاجتماعية تقاس بحجم بثها اليومي من ساعات لا بما يميز هذه الساعات من مقومات المحلية وعناصر الخصوصية ومعالم الحرفية لإحداث التفاعلية المنشودة مع الجمهور المحلي في المقام الأول، والمساهمة في تأصيل مفهوم آخر للإذاعة هو «إذاعة المواطن»، تنبض بهمه اليومي، وتنشغل بإبراز خصوصية هويته التي هي جزء أو كل هويتها، تشعل فضاء بثها بنبرات صوته من خلف سماعة التلفون أو المايك، تضفي الحيوية على أثيرها برأيه، مقترحاته، تنشط صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي لجذب تعليقاته، وإبداء ملاحظاته على برامجها وتقييمه لمدى العلاقة التي تنشدها الإذاعة مع مستمعيها، العلاقة التي ترتقي كلما اجتهدت في جذبه وللحفاظ على ولائه وإدمانه على متابعتها داخل السيارة وفي المنزل والمكتب، في الصباح الباكر ووقت الظهيرة وعند منتصف الليل، وأصبح هو بنفسه مقتنعا بأنها لأجله دخلت المنافسة بقوة مع غيرها من وسائل الإعلام القديم والجديد، وتفردت بأنها إذاعة أسمع وشاهد، بالبث الصوتي والمرئي الآني والمباشر، سواء من صفحتها في الفيس بوك أو الفتاة الفضائية التي ترعاها وتمولها.
كما أن مضامينها لم تعد شفهية فقط، وإنما مكتوبة بصيغ إخبارية غالبا، وقد أدى حرصها على مواكبة مدخلات التطورات التكنولوجية في المؤثرات الصوتية البشرية والموسيقية، وبثها مرئيا، وتدوينها كتابيا، في تسريع وتيرة اقتحامها نادي إذاعة 3D، من أوسع أبوابه.
لقد أدى اندماج أعداد متزايدة من البشر في الحركة الكونية للتبادل الرمزي، للأفكار، بطابعه الإعلامي والمعلوماتي، إلى سرعة التنبؤ باحتمالية زوال أقدم وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية، ممثلة بالإذاعة، بذريعة عدم قدرتها على مواكبة سريان فتيل المنافسة إلى جمهورها المخصص، التي أشعلتها المضامين الوافدة من الخارج، وتمكنت بحكم حجمها وتنوعها وجاذبيتها كما يقول الخبير الإعلامي زهير بن حمد، في بحث أعده عن الإذاعات ورهانات المحلية، من تجريد الاهتمامات المحلية من كل إغراء، ولعجز الإذاعة عن ركوب موجة العولمة والسفر في الفضاء الاتصالي المعولم والتنكر إلى ما من أجله نشأت وعليه قامت.
لكن هذا الرهان سرعان ما سقط مع ثبات الراديو كجهاز، وبروز ظاهرة الإذاعات المحلية التي لم يعد يخلو منها أي بلد، مخترقة النظرة التي بدأت تترسخ في أذهان البعض بأن نهاية الجغرافيا قد تعني نهاية التاريخ، لتبدأ مرحلة جديدة من إثبات الذات الإعلامية بالاستفادة من التطور التقني والاستجابة الناجعة للحراك الاجتماعي الناجم عن تنوع وسائط الاتصال.
وحتى اليوم، لا يبدو أن هناك إجماعا على تعريف أو توصيف للإذاعة المحلية فهي في أوروبا بدأت كإذاعة (سرية)، أو إذاعات (القرصنة) لقيامها بالبث دون ترخيص قانوني، وبعدما شرعت سميت بالإذاعات البديلة أو الحرة أو إذاعات الأحياء. وفي الجزائر يطلق عليها بإذاعات (الجوار)، وفي تونس (الإذاعات الجهوية)، وفي أفريقيا (إذاعات الأرياف).
لكن القاسم المشترك بين كل هذه الإذاعات هو اختلافها عن الإذاعات الوطنية والقومية والدولية التي يشمل بثها سائر الوطن، أو تغطي نطاق عالمي وتهتم بالقضايا الدولية، فمن بين المقومات الأساسية للإذاعة المحلية (محلية الجمهور الذي تخاطبه، والتزامها بقواعد القرب في التعاطي الإعلامي).
من هذا المنطلق شكل تمكن بعض الإذاعات المحلية من تجاوز دوائر بثها المحددة بالانتشار الجغرافي للجمهور المحلي، من خلال توطينها على الويب واقتحامها عالم البث الفضائي لتغطي سائر التراب الوطني وتدفقه إلى خارجه، أحد عوامل صمودها على البقاء التي اقترنت بالحفاظ على طابع محليتها، وتمرسها بالعمل الإذاعي وتطويرها لبرامجها الخاصة، ما جعل الكثير من الباحثين يعترفون بممارستها بعض مهام المرافق العمومية ومساهمتها في المحافظة على المجتمع المحلي كما حصل في فرنسا.
هذا بالإضافة إلى قدرتها على التحرر من أبوية المركز وقيود المركزية.
دون إنكار حقيقة أن معظم الإذاعات المحلية مازالت تعاني من مشكلات معقدة تكمن أبرزها في عدم قدرتها على تحديد هويتها الفريدة ما جعلها أسيرة إشكالية التردد بين قطبي الوطن والموطن، واعتقادها أن فعالياتها الاجتماعية تقاس بحجم بثها اليومي من ساعات لا بما يميز هذه الساعات من مقومات المحلية وعناصر الخصوصية ومعالم الحرفية لإحداث التفاعلية المنشودة مع الجمهور المحلي في المقام الأول، والمساهمة في تأصيل مفهوم آخر للإذاعة هو «إذاعة المواطن»، تنبض بهمه اليومي، وتنشغل بإبراز خصوصية هويته التي هي جزء أو كل هويتها، تشعل فضاء بثها بنبرات صوته من خلف سماعة التلفون أو المايك، تضفي الحيوية على أثيرها برأيه، مقترحاته، تنشط صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي لجذب تعليقاته، وإبداء ملاحظاته على برامجها وتقييمه لمدى العلاقة التي تنشدها الإذاعة مع مستمعيها، العلاقة التي ترتقي كلما اجتهدت في جذبه وللحفاظ على ولائه وإدمانه على متابعتها داخل السيارة وفي المنزل والمكتب، في الصباح الباكر ووقت الظهيرة وعند منتصف الليل، وأصبح هو بنفسه مقتنعا بأنها لأجله دخلت المنافسة بقوة مع غيرها من وسائل الإعلام القديم والجديد، وتفردت بأنها إذاعة أسمع وشاهد، بالبث الصوتي والمرئي الآني والمباشر، سواء من صفحتها في الفيس بوك أو الفتاة الفضائية التي ترعاها وتمولها.
كما أن مضامينها لم تعد شفهية فقط، وإنما مكتوبة بصيغ إخبارية غالبا، وقد أدى حرصها على مواكبة مدخلات التطورات التكنولوجية في المؤثرات الصوتية البشرية والموسيقية، وبثها مرئيا، وتدوينها كتابيا، في تسريع وتيرة اقتحامها نادي إذاعة 3D، من أوسع أبوابه.