حنان درويش عابد

تطوير قطاع التدريب في العالم العربي بين الطموح والواقع

الأربعاء - 24 يوليو 2024

Wed - 24 Jul 2024

كواحد من أكبر القطاعات الخدمية في العالم، لا يزال قطاع التدريب يستحوذ على نصيب الأسد مقارنة بقطاعات خدمية أخرى، معززا نجاحاته باشتداد أزمة تنافسية الوظائف حول العالم، وبحاجة الشركات المستمرة إلى مواكبة تحديثات الأداء، مدفوعة إلى تحسين مخرجات العمل، وتعزيز قدرة موظفيها على منح المؤسسة أداء يفوق أداء موظفي الشركات المنافسة، حيث يصبح التدريب هو الحل الوحيد من بين كل الحلول الأخرى.

ولأن العالم العربي يمتلك واحدة من أعلى نسب وجود الشباب في العالم، فإن منطقتنا العربية واعدة على مستوى إمكاناتها البشرية القادرة على المنافسة مع اقتصادات قوية كالاقتصاد الأوروبي الذي يعاني من شيخوخة القوى العاملة.

من هنا نلحظ بأن التدريب في العالم العربي يمكن النظر إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى على أنه أحد أهم الحلول السريعة لبناء مجتمع صناعي، زراعي، خدمي منافس، بعيدا عن منظومة التعليم الجامعي طويلة الأمد.

إذن لابد للتدريب في العالم العربي أن يخرج من إطار تدريب الجامعيين في مرحلة ما بعد التوظيف، إلى مرحلة بناء مجتمع مهني جديد من كوادر شابة لا ترى في المنظومة الجامعية ما يجذبها، خاصة بعد أن تشبعت المنظومة الجامعية بحصتها من المجتمع، وبات التركيز عليها يمثل أزمة اجتماعية واقتصادية بسبب جيوش من العاطلين عن العمل الجامعيين في عدة بلدان عربية نامية.

لا يمكن للتدريب في العالم العربي أن ينتقل إلى مرحلة بناء قوى عاملة حقيقية تصبح قادرة على إنشاء حياة اجتماعية مستقرة من دون أن ننقل مجتمع الشباب إلى حالة جديدة من الوعي المهني والتعليمي والثقافي، وأن نخرجهم من دائرة الموروث حول التعليم العالي ما بعد المدرسة، وهو موروث امتد لقرن كامل، ويتطلب تصحيحا من الجذور، فالجامعات بالأساس لم تكن يوما للجميع، والعمل المهني الصناعي والزراعي والخدمي لا يتطلب من الجميع دراسة جامعية، وتلك كانت طريقة نمو دول كالدول الغربية وكالصين واليابان وكوريا الجنوبية، وغيرها.

ومن المهم أن تكون انتقاله منظومة التدريب في عالمنا العربي محكومة بدراسات ديموغرافية، اقتصادية، وجيوسياسية، وفكرية، واجتماعية، وثقافية، لأن إقامة مجتمع متدربين يستقطب أذكى العقول من مراكش إلى البحرين، يمكنه التأسيس لإقامة حواضر صناعية كبرى على امتداد هذه المنطقة، تستوعب ملايين الشباب من العاطلين عن العمل، في مهمة قد تبدو اليوم غير ممكنة، وحالمة، إلا أنها قابلة للتحقيق في أي وقت، لتقدم هذه المنطقة أفضل ما لديها للعالم تصنيعا وزراعة وابتكارا، كما قدمت للعالم من قبل الفكر والأدب وأسهمت في إنشاء فكر علمي مبكر لا تزال آثاره اليوم نلمسها بأيدينا ونحن نمسك بهواتفنا الذكية.

hananabid10@