عبدالمعين عيد الأغا

المريض بين الرأي «الأول والثاني»

الثلاثاء - 23 يوليو 2024

Tue - 23 Jul 2024

من حق المريض أن يبحث عن الطبيب المناسب لعلاج مرضه أو معاناته أو ما يشكو منه، وقد يساعده في اتخاذ هذا القرار ما يتمتع به الطبيب من سمعة وخبرة وعلم ودماثة الأخلاق، وقد يكون بجانب ذلك تزكية المرضى الآخرين الذين كتب لهم بأمر الله الشفاء على يديه.

ومن واجبات وحقوق المريض أن يستفسر عن كل صغيرة وكبيرة متعلقة بمرضه وأدويته وطريقة علاجه أو عمليته الجراحية، وأن يحظى بكل اهتمام ووقت من الطبيب منذ دخوله عيادته وإلى حين تلقيه العلاج، وبعد ذلك المتابعة إلى أن يكتب الله سبحانه وتعالى له الشفاء، إذ يضع الأطباء مصلحة المرضى فوق كل الاعتبارات، فالشفاء من المرض هو الهدف الأساسي لكل مريض كونه يتضمن استعادة الصحة والعافية.

ولكن ما يحدث أحيانا أن المريض قد يتجه إلى الطبيب الآخر لأخذ رأيه واستشارته مثلا في العلاجات التي وصفت له مثل الكورتوزونات والهرمونات أو العلاجات التي قد يتخوف منها المريض اعتقادا بأنها قد تسبب له بعض المضاعفات، وهنا يظن طبيب الرأي الثاني أن المريض جاء إليه لعدم قناعته بالعلاجات التي وصفها له الطبيب الأول، على الرغم من أنه أي «الطبيب الثاني» يدرك جيدا ومقتنع تماما بما وصف للمريض من العلاجات لكونها صحيحة ومخصصة لمرضه، ولكنه حتى لا يظهر أمام المريض دون أي جدوى أو فائدة لزيارته فيجتهد في تغيير جميع الأدوية دون أي اعتبارات للطبيب الأول أو وضع مصلحة المريض أولا.

وقد تكون هناك حالات استثنائية قد تستوجب الرأي الثاني، فليس بالضرورة عندما يتجه المريض للطبيب الثاني لأخذ رأيه أنه غير مقتنع بالعلاجات بل لزيادة التأكيد وتعزيز ودعم الرأي الأول، وهذا يحدث كثيرا في قرارات العمليات الجراحية، أو قد يكون المريض موجها لأخذ الرأي الثاني من قبل شركات التأمين الصحية أو الجهات التي تصرف له الأدوية.

وهناك نوعان للأطباء، الأول الذي لا يظن أنه الأفضل ويقلل من شأن الأطباء الآخرين، فعندما يأتي له المريض لتعزيز الرأي في علاجاته التي وصفت له من قبل الطبيب الآخر ولا سيما إذا كان ذلك الطبيب يتمتع بخبرة كبيرة وعلم ومشهود له بالبنان، فإن هذا الطبيب لا يظن أنه الأفضل ويحترم أخلاقيات مهنته، فلا يصف أي أدوية إضافية إلا بالرجوع والتنسيق مع الطبيب الأول حتى تكون المنظومة العلاجية موحدة وتخدم مصلحة المريض، والنوع الثاني من الأطباء الذي لا يضع أي اعتبار لزملاء المهنة ويجتهد ويغير خطة الطبيب الأول، حتى يعكس أمام المريض بأن العلاجات السابقة التي وصفت له خاطئة، ودون أن يكلف نفسه باستشارة الطبيب الأول، وكل ذلك قد ينعكس نفسيا وجسديا على المرضى.

خلاصة القول: مصلحة المريض أولا وهذا ما تنص عليه لائحة «أخلاقيات المهنة»، فلا بد من تقديم رعاية صحية شاملة ومتكاملة تصب في مصلحة المريض ولا تضع الاعتبارات الشخصية للأطباء المجتهدين الأولوية في علاجهم، فالأولى على أطباء (الرأي الثاني) عندما يراجعهم المريض وهم يدركون أن الأدوية التي وصفت له هي المحددة لعلاجه ضرورة التنسيق مع دكاترة (الرأي الأول) في الجوانب الدوائية للوصول إلى ما يخدم المريض ويعزز شفاءه من المرض بإذن الله، والله من وراء القصد.