سعد باسلوم

مسؤوليات صناع السياحة الفاخرة نحو تعزيز الاستدامة

الاحد - 21 يوليو 2024

Sun - 21 Jul 2024

لقد تطور مفهوم الرفاهية من التركيز على المنتجات النادرة ذات القيمة العالية للنخبة إلى التركيز على التجارب الشخصية عالية الجودة، ولهذا التحول آثار كبيرة على صناعة السياحة الفاخرة، لا سيما في سياق الاستدامة، في هذا المقال، نستكشف أهمية التفاعل البشري في السياحة الفاخرة، والحاجة إلى الاستدامة، وكيف يمكن الاستفادة من هذه العوامل لخلق تجارب سياحية فاخرة لا تنسى.

دور التفاعل البشري في السياحة الفاخرة
يتم تعريف السياحة الفاخرة من خلال التفرد والتخصيص والراحة عالية المستوى، حيث يلعب التفاعل البشري دورا حاسما في تقديم هذه الخصائص، ويعد عنصر الخدمة في السياحة الفاخرة أمرا حيويا، ولا يشمل العناصر المادية مثل النظافة والإضاءة والراحة فحسب، بل يشمل أيضا جودة التفاعل البشري.

يلعب الموظفون، بمن في ذلك المرشدون السياحيون ومكاتب الرحلات، دورا أساسيا في خلق تجارب سياحية لا تنسى، حيث يسهم ذكاؤهم العاطفي وتعاطفهم وحساسيتهم الظرفية وتوافرهم بشكل كبير في تحقيق رضا العملاء، فيجب على الموظفين خلق جو من الراحة والمتعة والاسترخاء، مما يجعل الضيوف يشعرون بالتميز من خلال التفاعلات الدافئة والحقيقية.

تعمل المعرفة المحلية، مثل فهم التاريخ المحلي والفروق الثقافية الدقيقة والمهارات اللغوية، على تعزيز تجربة الضيف، بالنسبة للعملاء المشاهير، تعتبر السرية التامة أمرا بالغ الأهمية، ولذلك، تعتمد السياحة الفاخرة بشكل كبير على الموظفين الذين يظهرون السلوك المهني والخدمة الاستباقية والقدرة على تعزيز العلاقات بين العملاء والموظفين.

خلق تجارب فاخرة
وفي السياحة الفاخرة، تحول التركيز من جودة المنتج إلى جودة الخدمة، مع التركيز على خلق تجارب فاخرة للضيوف الذين هم مشاركون نشطون في هذه التجارب، ويسعون إلى تفاعلات لا تنسى بدلا من التجارب المكررة، ولذا يجب على مقدمي الخدمات السياحية تقديم تجارب لا تنسى تتجاوز مجرد تقديم الخدمات الروتينية، وتحول وجبات الطعام مثلا إلى تجارب طهي ذات مذاق مختلف.

ولتحقيق ذلك، يعد اختيار الموظفين المناسبين وتوفير التدريب المستمر أمرين ضروري كالذي تقوم به شركة البحر الأحمر، فقد تفكر مؤسسات الضيافة في الحفاظ على نسبة عالية من الموظفين إلى الضيوف لضمان مستويات عالية من الاتصال بين الأشخاص، فالخدمة الشخصية، مثل معرفة اسم الضيف ومناداته به أو تفضيلاته الشخصية، يمكن أن تجعل الضيوف يشعرون بالتقدير والتميز.

يجب أن تتجاوز أماكن الإقامة الفاخرة الاحتياجات الأساسية، وتلبي خيالات الضيوف حول أنماط الحياة المختلفة وتقدم قيمة عاطفية، حيث ترتبط تجربة الضيوف في مجال الضيافة الفاخرة ارتباطا وثيقا بجودة العلاقات مع العملاء، والتي تقوم على فهم وتوقع احتياجات الضيوف والاهتمام بالجوانب الملموسة وغير الملموسة لإقامتهم.

الاستدامة والمجتمعات المحلية
الاستدامة أمر بالغ الأهمية لمستقبل السياحة الفاخرة، إذ تشكل هاجسا ودافعا وحجر زاوية لأى مشروع سياحى قومي فى كافة أرجاء المعمورة، ويرتكز مفهوم الاستدامة دوما على تنفيذ الممارسات الصديقة للبيئة ودعم المجتمعات المحلية، إذ إنهما بدورهما يكونان الداعم واللاعب الجوهري فى خلق طعم وروح مختلفة لفكرة السياحة بشكل عام وللسياحة الفاخرة بشكل خاص والقيم والمعاني التي اختلفت فى دوافعها الأصيلة والمحركة للسائح فى هذا العصر، حيث أن هذين العاملين وخصوصا التركيز على المجتمعات المحلية المحيطة لأماكن السياحة الفاخرة سيعززان من جاذبية الوجهات السياحية الفاخرة.

إذا فإرساء مفاهيم التفاعل مع المجتمعات المحلية والحفاظ على التراث الثقافي كما نرى في العلا ووجهة البحر الأحمر أمر ضروري لخلق تجارب فاخرة أصيلة، ويفيد هذا النهج كلا من المسافرين والمجتمعات المضيفة، وعليه فإن تحقيق التوازن بين التفرد والاستدامة يمثل أحد أكبر التحديات فى صناعة سياحة الرفاهية، ولكنه يوفر أيضا فرصا للابتكار والتميز في سوق السياحة الفاخرة.

و من جهة أخرى تشير الاتجاهات الناشئة في السياحة الفاخرة، مثل السفر الصحي والسياحة البيئية، إلى اهتمام متزايد بالاستدامة، توفر هذه الاتجاهات فرصا جديدة لمقدمي السياحة الفاخرة لابتكار نهج فريد يعتمد فى أساسه على التركيز على روح البلاد نفسها وطبيعتها وثقافتها وتنوعه البيئي والديموجرافي بمجتمعاتها المختلفة، هذا إلى جانب الاهتمام بعناصر الضيافة والتميز وخدمات الرفاهية والتفاعل العاطفي مع السائح لخلق تجربة فريدة تجعله يود العودة مرارا وتكرارا تلك التجربة الخاصة وهذا الشعور الفريد مرة أخرى ، كما نرى في مشروع الدرعية مثلا، فلك أن تتخيل كيف ستكون الدرعية وجهة جاذبة لجميع شعوب العالم للنظر إلى هذه الثقافة المتميزة والفريدة من نوعها.

خاتمة
يعكس تطور الرفاهية من الممتلكات المادية إلى العروض التجريبية والمستدامة تحولا كبيرا في قيم المستهلك وتوقعاته، وقد استفادت السياحة الفاخرة على وجه الخصوص من هذا التحول، حيث يبحث المسافرون عن تجارب فريدة وأصيلة، ومن خلال التوفيق بين الرفاهية والاستدامة، يمكن لمشغلي السياحة تلبية توقعات المسافرين المعاصرين مع تعزيز المسؤولية البيئية والاجتماعية ، حيث إن فهم الطبيعة المتطورة للرفاهية ومواءمتها مع مبادئ الاستدامة أمر بالغ الأهمية لصناع القرار والمنظمين في صناعة السياحة، ومن خلال اعتماد نهج التفكير المستقبلي، يمكنهم ضمان النجاح والمرونة على المدى الطويل لقطاع السياحة الراقية.

SaadBaslom@