بشرى فيصل السباعي

كيف تعرف أنك لست أنانيا؟

الاحد - 21 يوليو 2024

Sun - 21 Jul 2024

لا شك أن الأنانية هي من أقبح الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان وتجمع غالب مساوئ الأخلاق والسلوك؛ ولذا المتصف بها ينجرف من حيث لا يدري إلى أن يجد نفسه قد صار شريرا أي مؤذيا للغير عن عمد بسبب أن الأنانية جعلته لا يبالي بأثره المادي والمعنوي على الآخرين، وإن كان له قدرة على التأثير العام سيجد نفسه صار مفسدا في الأرض، كما هو حال من يفسدون الطبيعة ويسممونها بمخلفات مصانعهم مما يتسبب في انتشار الأمراض المستعصية كالسرطان وتشوه الأجنة، ومن يزيلون أشجار الغابات النادرة التي حتى لم يدرسها العلماء بعد والتي يمكن أن تحتوي على علاج لأمراض البشر المستعصية مثل أشجار غابات الأمازون.

فعليا كل ما في العالم من ظواهر سلبية خاصة وعامة تسبب الشقاء للخلق سببها الأنانية بما في ذلك الحروب والإرهاب؛ ولذا من المهم أن يحرص الإنسان على تكريس ذاته على تجاوز نزعة الأنانية الغرائزية لصالح المثاليات العليا مثل حب الخير للآخرين والتفاني في مساعدتهم وإسعادهم حتى لدرجة التضحية، لكن المعضلة أن الأنانيين لافتقارهم للوعي بالذات ينفون عن أنفسهم تلك الصفة؛ لأنها نقيصة، فيصبحون كالمريض الذي يرفض الإقرار بمرضه؛ ولذا لا يطلب العلاج، فكيف يعرف الإنسان أنه أناني أم لا؟

الجواب بأن يسأل نفسه الأسئلة التالية؛ هل يعطي أكثر مما يأخذ؟ هل هو جزء من حلول المشكلات أم جزء من المشكلات؟ هل يسعى لجعل العالم والناس أفضل؟ هل يهتم بالقضايا العامة والعالمية؟ أم يعيش فقط لأطماعه وجشعه ورغباته؟ هل يهتم بأثره على الآخرين المادي والمعنوي وكيفية شعورهم؟ هل يعتبر كل ما يأخذه من العالم والناس من نفع هو دين عليه تسديده بشكل أو بآخر أم يعتبره من استحقاقه النرجسي أن يحصل على كل مراده بدون أن يبذل مقابلا له؟ هل أصدقاؤه وأحبته أكثر من أعدائه وخصومه ونقاده؟ هل يقوم بنشاطات خيرية باستمرار سواء بالبذل المالي أو التطوعي؟ ما هو انطباع الآخرين الرئيس عنه؟ هل سمع بشكل متكرر من الآخرين وصفه بالأنانية؟ هل عند اتخاذ قرار يؤثر على الآخرين يعمد إلى مشاركتهم في القرار أم أنه يتخذ القرار بشكل متفرد ويفرضه بشكل مستبد دكتاتوري على كل من سيتأثر به بدون مراعاة لإرادات واعتبارات الآخرين؟ هل يشعر بالأسف والندم عندما يعرف أنه تسبب بالأذية المادية أو المعنوية لأحد حتى بدون قصد؟

هل يضحي لأجل الآخرين أم يفرض على الآخرين التضحية لأجله؟ هل يراجع نفسه بصدق وموضوعية عندما يواجه الانتقاد من الآخرين؟ هل يصفه الناس بالصفات التي تضاد الأنانية مثل الطيبة والكرم والديمقراطية؟ هل يفكر بما يسعد الآخرين أكثر مما يفكر فيما يسعده لوحده؟ هل تمحوره - أي محور حياته -هو حول المثاليات العليا وسعادة الآخرين أم حول رغباته ومصلحته فقط؟ هل عندما يعرف أنه تسبب بأذية ولو غير مقصودة يعمل على إصلاح الوضع وتعويض المتضررين أم أنه لا يبالي بذلك؟ هل يقوم بواجباته المادية والمعنوية تجاه الآخرين بقدر ما يطالب الآخرين بالقيام بواجباتهم تجاهه؟ هل يعتبر أعماله وأحواله وصفاته ومعاملته ستحسب له سيئات يحاسب ويعاقب عليها أم حسنات سيثاب ويكافأ عليها؟

عموما القاعدة الذهبية في الخيرية هي «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، البخاري.

وفي الصحيح «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة، أو يقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة شهرا - ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل، كما يفسد الخل العسل».