حنان درويش عابد

مؤسسة الزواج في 2024.. هل تغيرت المنظومة؟!

الأربعاء - 17 يوليو 2024

Wed - 17 Jul 2024


تذكر الأجيال، وتذكر نفسها كلما رحل جيل، وجاء من بعده جيل آخر، بحكايا الحياة، ومن أكثر حكاياها شيوعا الزواج، وعاداته، ومفهومه، وحقيقته، وكيف عاشت الأسرة، وكيف كانت وكيف أصبحت؟! ولاشك أن فعل السنين يترك أثره، والبحث عن تطابق حياة الأجيال هو بحث بعيد عن منطق الأشياء، ولكن هل لازلنا نسير داخل إطار ذات المنظومة ووفق أسسها أم أن الأسس ذابت، والمنظومة تلاشت، بينما نحن إما أننا لا ندري أو أننا ندري ولكن نفضل الصمت؟!
الزواج كما يعرفه أغلب الناس: هو مؤسسة؛ لأنه يؤسس لحياة، فهو الأحق بمسمى مؤسسة حتى من المؤسسات التجارية، وعليه فلا يمكن لمؤسسة أن تزدهر من دون ضوابط وقوانين، ولينظر أحدنا إلى المؤسسة التجارية ماذا يحدث لها عندما لا تعود تلتزم بالقوانين وبالضوابط، فلماذا نحرص كثيرا على حسن إدارة المؤسسة التجارية، ولكن الأغلبية ليسوا على ذات قدر الاهتمام بحسن إدارة ما هو أهم من المؤسسة التجارية، «مؤسسة الحياة»، و»مؤسسة العمر»، والمؤسسة الأهم والتي من دونها لا يمكن للسعادة وللنجاح أن يجدا مكانا في يومياتنا!
إن مؤسسة الزواج وهو ليس بسر لم تعد للأسف تخضع للقواعد الأساسية التي يتطلبها نمو وازدهار تلك المؤسسة.

عندما تحيط الماديات والفكر المادي بهذه المؤسسة التي أصلها المودة والرحمة والحب، فلا يمكن أن تنتج هذه المؤسسة أي أرباح لا على مستوى تحسين الصحة النفسية للزوجين، ولا على مستوى تحقيق نمو نفسي واجتماعي سليم للأبناء.

وبشكل أساسي، لا يمكننا أن نغوص في عمق أزمة هذه المؤسسة الوجودية في حياتنا من دون أن نتجرد من نظراتنا الشخصية، ومن رغبات الأنا التي قد تتحكم أحيانا في مستوى نضج فكرنا الاجتماعي والأسري، ومن دون أن نتجرد أيضا من رغبتنا بأن تكون المفاهيم المغلوطة التي استقيناها من الإعلام الدرامي على امتداد عقود طويلة هي المفاهيم الحاكمة لفكرنا الأسري. إننا ولاشك نرى تقلبات اجتماعية بالغة الخطورة داخل منظومة الأسرة اليوم، ونتائجها على الأرض مشاهدة بوضوح كامل في حجم الهوة الفكرية والاجتماعية والنفسية ليس فقط بين زوجين حديثي الزواج، ولكن حتى بين زوجين مضى على زواجهما الكثير، انتهاء بحجم الفجوة الجيلية بين جيل الأب وابنه، والأم وابنتها!
المنظومة ككل تعرضت لضربات فكرية بالغة السلبية على امتداد عقود، وتصحيح المنظومة يتطلب تكاتفا حقيقيا بين علماء الاجتماع، والإدارة، والاتصال، وعلماء النفس، بالإضافة إلى خطة عمل للتصحيح! الأسرة كيان، وعلى أكتاف ذلك الكيان يبنى كيان الدول والمجتمعات، وليس بالسر أن نقول بأن المنظومة تعاني، وتستغيث، وتحتاج إلى حراك علمي وأكاديمي لإنقاذها.


hananabid10@