عبدالله حسن الزهراني

الشهادة العلمية: استثمار في المعرفة أم هدر للوقت والمال؟

الثلاثاء - 16 يوليو 2024

Tue - 16 Jul 2024



في عالمنا المتسارع اليوم، تعتبر الشهادة العلمية هدفا يسعى إليه الكثيرون لتحقيق التقدم المهني والنجاح المادي، ولكن، يجب أن نتذكر أن الهدف الأسمى من الحصول على الشهادات العلمية هو اكتساب المعرفة وتوسيع المهارات، وليس فقط الحصول على ورقة تحمل توقيعا وختما.



الشهادة العلمية ليست مجرد وسيلة لتحقيق الترقية أو زيادة الراتب أو حتى الحصول على وظيفة؛ بل هي رحلة علمية تهدف بأساسها إلى توسيع الأفق الفكري، وتجسد قدرة الفرد على التفكير النقدي، وحل المشكلات، والإبداع، والبحث المستمر.



يقول الفيلسوف الشهير سقراط «المعرفة هي الفضيلة»، وهذه المقولة تبرز أهمية السعي لاكتساب المعرفة كهدف بحد ذاته، بعيدا عن الأهداف الأخرى.



عندما يسعى الشخص للحصول على الشهادة فقط من أجل تحقيق مكاسب مادية، فإنه يهدر وقته وماله، فالشهادة بدون معرفة حقيقية تعتبر فارغة من مضمونها، ولا تضيف شيئا حقيقيا لقدرات الشخص أو مهاراته (كالجسد بلا روح).



على النقيض من ذلك، نجد أن الشخص الذي يمتلك المعرفة والمهارات يمكن أن يتفوق على الشخص الذي يمتلك شهادة دون معرفة، فالمعرفة تمنح الفرد القدرة على التكيف مع التغيرات، وحل المشكلات بفعالية، وكذلك الإتقان في مجالات مختلفة، ولهذا، فإن الشخص العارف يمكن أن يكون أكثر نجاحا وتأثيرا في مجتمعه من الشخص الذي يملك شهادة بلا مضمون.



وفقا لدراسة نشرتها جامعة هارفارد في 2022، فإن الأفراد الذين يركزون على اكتساب المعرفة يحققون نجاحا أكبر واستقرارا مهنيا أكثر من أولئك الذين يحصلون على الشهادات لأغراض مادية بحتة، هذه الدراسة أظهرت أن الشغف الحقيقي للتعلم يعزز الإبداع والقدرة على حل المشكلات الحياتية والمهنية، مما يؤدي إلى نجاح مستدام.



الشهادة العلمية، سواء كانت من جامعة مرموقة أو مؤسسة تعليمية معترف بها، تمثل اعترافا رسميا بأن الشخص قد استكمل برنامجا دراسيا وأظهر فهما للمجال الذي درسه.



من هذا المنطلق، أدعو محبي القراءة العلمية والمعرفة إلى السعي للحصول على الشهادات العلمية والاعتراف الرسمي بمستواهم المعرفي، ولكن برؤية واضحة تهدف إلى اكتساب المعرفة وتطوير الذات، فالشهادة العلمية هي الطريقة المثلى لإثبات مستوى المعرفة والمهارات التي يمتلكها الفرد، ولكن يجب أن تكون الوسيلة وليست الهدف النهائي (الغاية)، فالتعلم هو رحلة مستمرة، والشهادة هي مجرد محطة على طريق طويل من الاكتشاف والنمو.



كما أدعو أولئك الذين يبذلون الوقت والمال للحصول على الشهادات دون اكتراث منهم بالتحصيل المعرفي، بتغيير هذا النهج والاستفادة القصوى من رحلتهم العلمية لاكتساب المعرفة والحفاظ عليها، وتنميتها عبر السنوات من خلال الممارسة والتطبيق المستمر.



ختاما، عندما نركز فقط على الشهادة كوسيلة لتحقيق مكاسب مادية أو مهنية، نفقد الفرصة الحقيقية للاستفادة من العملية التعليمية بشكل كامل، لا تدع السعي وراء الشهادات يتجاوز الأهداف الحقيقية للتعليم، واجعل من رحلتك العلمية تجربة غنية ومثمرة تسعى من خلالها إلى استكشاف العالم وتحقيق النمو الشخصي والمهني.





AbdullahAlhadia@