محمد علي الحسيني

فقه المعاملات

السبت - 13 يوليو 2024

Sat - 13 Jul 2024


يقوم فقه الإسلام على تقسيم أساسي يشمل فقه العبادات وفقه المعاملات (عقود وإيقاعات). وتظهر أهمية فقه المعاملات في كونه يوجه السلوك الإنساني في الأمور الدنيوية مثل؛ النكاح، الطلاق، التجارة والميراث... دون الحاجة إلى شرط نية القربة إلى الله تعالى، خلافا للعبادات التي تشترط فيه هذه النية التعبدية.

هذا التقسيم يعكس الطبيعة الشاملة للإسلام كدين يهتم بجميع جوانب حياة الفرد، وأن الإسلام بتعاليمه المتوازنة والشاملة قادر على تنظيم حياة المسلمين بكل أبعادها في ظل وتيرة التغييرات.

من هنا يكتسب فقه المعاملات أهمية بالغة لما له من دور في تنظيم العلاقات بين الناس بشكل يتماشى مع الشريعة الإسلامية، بدءا من العقود التجارية إلى القضايا الأخلاقية؛ حيث يقدم فقه المعاملات إطارا يحكم هذه الجوانب الحياتية، مؤكدا على أهمية التوازن والعدل في كل تعامل.

فقه المعاملات.. أمثلة وأحكام
أساسيات في النكاح والطلاق: في قلب فقه المعاملات تأتي قواعد وأساسيات النكاح والطلاق كأمثلة على كيفية تنظيم الإسلام للعلاقات الأسرية بما يحقق العدالة والمودة بين الزوجين، فيدرس فقه المعاملات الشروط الشرعية لعقد النكاح، والحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين، وكذلك الأسس الكريمة لإنهاء الزواج بالطلاق عند الحاجة، مع التركيز على حماية حقوق جميع الأطراف، بما في ذلك الأطفال.

أحكام التجارة والبيع: يأخذ فقه المعاملات في الاعتبار جوانب الحياة الاقتصادية للمسلمين بإسهاب، مقدما أحكام التجارة والبيع التي تضمن التعاملات العادلة والشفافة؛ حيث يتناول فقه المعاملات المعاملات المالية بأنواعها مؤكدا على الابتعاد عن الغش والربا، وأن يتم كل تعامل بالتراضي والوضوح، مما يعزز بناء مجتمعات اقتصادية مستقرة وعادلة.

مسائل الميراث وأحكامه: من الموضوعات الكبيرة التي يغطيها فقه المعاملات، مسألة الميراث والتي تعكس حكمة الشريعة الإسلامية في التوزيع العادل للثروات بين الورثة؛ حيث يحدد الفقه أسس الإرث وفقا لأحكام محددة ومفصلة تضمن حقوق جميع الورثة بعدالة، مما يؤكد عدالة الإسلام وحرصه على إقامة العدل حتى بعد وفاة الأفراد.

دور القضاء والشريعة: يحتل القضاء مكانة مركزية في فقه المعاملات بوصفه الآلية التي تضمن تطبيق الأحكام الشرعية بشكل عادل؛ حيث يشدد فقه المعاملات على أهمية القضاة الذين يتصدون لمهمة تحقيق العدل، وفق ما أوردته الشريعة الإسلامية في مختلف المعاملات، مما يجعل دور القضاء حاسما في المحافظة على نظام اجتماعي عادل ومتوازن.

أهمية فقه المعاملات
إن أهمية فقه المعاملات تكمن في معرفة الأحكام الشرعية العملية المتعلقة بالمعاملات اليومية التي يحتاج المسلم إلى معرفتها، كتلك التي تتعلق بالأموال، وما يرتبط بالأسرة والقضاء والجنايات والعقود وغيرها؛ حيث يمكن من خلال أحكامه تنظيم علاقة المكلف بالآخرين، ويبين للمكلفين صحة تصرفاتهم من عدمها، ويعلم الحلال والحرام، ويدرك التصرفات الصحيحة والفاسدة، فضلا عن أن المعاملات في الإسلام تقوم على غرس القيم الأخلاقية؛ كالوفاء والأمانة والنهي عن الغش والتطفيف في الكيل والميزان، فقد قال تعالى: ﴿ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون﴾. كما أن أحكام الشريعة الإسلامية تدعو إلى الاعتماد على الذات في اكتساب الرزق الحلال، كما يساعد فقه المعاملات المسلم على ضبط نفسه وأخلاقه، وفي حال عدم معرفة أحكامه، فمن الواجب طلب المشورة من أهل العلم؛ قال تعالى: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾.

خلاصة فقه المعاملات
ينقسم فقه المعاملات إلى عقود وإيقاعات لا يحتاج معها إلى نية القربة كالعبادات.

ويظهر جليا الدور الحيوي الذي يلعبه فقه المعاملات في تنظيم حياة الأفراد والمجتمعات الإسلامية بتوجيهاته الواضحة وأحكامه العادلة؛ حيث يقدم فقه المعاملات إطارا راسخا يساعد المسلمين على التنقل في دنياهم مع صلتهم بدينهم وقيمه العظيمة.


sayidelhusseini@