عبدالله حسن الزهراني

نجاح الأنظمة الصحية في التحول إلى الاستدامة

الاثنين - 08 يوليو 2024

Mon - 08 Jul 2024

شهدت الأنظمة الصحية حول العالم تحولات متزايدة من نماذج التمويل الحكومي بالكامل إلى أنظمة أكثر استدامة تجمع بين القطاعين العام والخاص، وقد تمثلت هذه التحولات في قصص نجاح دولية بارزة، خاصة في دول مثل هولندا والنرويج، اللتين تمكنتا من إنشاء أنظمة صحية فعالة وعالية الجودة ومستدامة.

الخطوات الرئيسية للنجاح:
أولا:
التغطية الشاملة بمشاركة القطاع الخاص
كانت إحدى الخطوات الرئيسية في نجاح هولندا هي تنفيذ نظام التأمين الصحي الإجباري، حيث يجب على السكان شراء التأمين الصحي من شركات خاصة (قد تقوم الحكومات بشراء التأمين عوضا عن المواطنين)، ومع ذلك تنظم الحكومة هذه الشركات لضمان أسعار عادلة وتغطية شاملة.

يضمن هذا التوازن أنه بينما تتنافس الشركات الخاصة، تحافظ الحكومة على الرقابة لمنع أي ممارسات غير قانونية وضمان حصول المواطنين على أفضل رعاية ممكنة.

ثانيا: آليات تعديل المخاطر
في هولندا وضعت آليات لتعويض شركات التأمين التي تغطي عددا أكبر من الأفراد ذوي المخاطر العالية، للحد من التمييز ضد الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مسبقة، ولضمان الوصول العادل إلى الرعاية الصحية.

يشجع هذا النظام المنافسة العادلة بين شركات التأمين ويمنعها من استهداف الأفراد ذوي المخاطر المنخفضة فقط، مما يساعد على الحفاظ على سوق صحي متوازن وعادل.

ثالثا: اللامركزية في الإدارة الصحية
نجحت النرويج في لامركزية نظامها الصحي، مما أتاح للسلطات المحلية والإقليمية مزيدا من السيطرة على تقديم الخدمات الصحية، وبالتالي ضمان تلبية احتياجات السكان بشكل أفضل.

توفر اللامركزية المرونة اللازمة للاستجابة السريعة للتحديات الصحية المحلية، وتضمن تخصيص الموارد بشكل فعال بناء على الاحتياجات المحلية.

رابعا: مبادرات الاستدامة البيئية
دمجت كل من النرويج وهولندا الاستدامة البيئية في أنظمتهما الصحية، شمل ذلك استخدام التكنولوجيا الفعالة من حيث الطاقة، وتقليل النفايات الطبية، وتشجيع الممارسات المستدامة داخل المنشآت الصحية.

تساعد هذه المبادرات ليس فقط في تقليل البصمة البيئية، بل تؤدي أيضا إلى توفير طويل الأمد وفوائد صحية تتماشى مع الأهداف العالمية للاستدامة.

خامسا: التركيز القوي على الرعاية الأولية والوقائية
تركز كلتا الدولتين على الرعاية الأولية والوقائية، مما يساعد في الكشف المبكر عن الأمراض وإدارتها، يقلل ذلك من الحاجة إلى العلاجات الأكثر تكلفة ويحسن النتائج الصحية العامة.

تلعب الحملات الصحية العامة وبرامج التعليم دورا حيويا في تعزيز أنماط الحياة الصحية والوقاية من الأمراض المزمنة، مما يقلل من العبء طويل الأمد على النظام الصحي.

سادسا: الشفافية والمساءلة
يضمن تنفيذ السياسات الواضحة ومساءلة مقدمي الرعاية الصحية أن تكون الخدمات المقدمة ذات جودة عالية وتفي بالمعايير المحددة.

تساعد التقييمات الدورية للأداء وآليات التغذية الراجعة في تحسين النظام باستمرار ومعالجة أي مشاكل بشكل فوري.

ختاما، الانتقال إلى نظام صحي مستدام يتطلب التزاما بتطبيق ممارسات وسياسات مجربة وفعالة كما في النماذج الهولندية والنرويجية.

يمكن للنظام الصحي السعودي أن يستفيد من هذه التجارب الدولية من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتبني ممارسات الشفافية والمساءلة، وتكثيف التركيز على الرعاية الأولية والوقائية.

AbdullahAlhadia@