وليد الزامل

مياه جبال الألب والتخطيط لدعم المنتج المحلي!

السبت - 29 يونيو 2024

Sat - 29 Jun 2024

عندما تفكر بالاستمتاع بوجبة من المطبخ الإيطالي أو الفرنسي تجد جملة من الشروط والقواعد التنظيمية التي تفرضها بعض هذه المطاعم بداية من الدخول باللبس الرسمي لتشعر حينها وكأنك تستعد لزيارة شخصية اعتبارية مرموقة.

ثم عليك حجز الطاولة والذهاب قبل الموعد المحدد ودفع حد أدنى من الرسوم Minimum charge ومنع اصطحاب الأطفال.

وفي النهاية، إجبار العميل على شراء قارورة مياه مستوردة بسعر ربما يتجاوز 20 ريالا إذ لا يمكنك تناول الطعام بدونها.

تسأل النادل عن بديل لمياه محلية؛ فيجيبك إنها غير متوفرة وأن سياسة المطعم تعتمد على استيراد مياه معدنية معبأة من الثلوج والأمطار المتراكمة من جبال الألب.

تتذوق المياه فلا تجد أي نكهة للثلوج أو الأمطار المتراكمة؛ بل هي لا تختلف كثيرا عن مياه حنفية المنزل سوى أن سعرها يزيد قليلا عن 20 ريالا.

لن أتحدث عن قيمة فاتورة المطعم باهظة الثمن فهذا اختيار شخصي؛ ولكني أتحدث عن قيمة قارورة المياه المستوردة التي تضطر لشرائها في كل مرة، في حين يتوفر بديل اقتصادي في السوق المحلية.

إن دعم المنتج المحلي أحد الاعتبارات الهامة في سياق تعزيز الاقتصاد المحلي وإيجاد فرص واعده للشباب.

تؤكد مبادئ الاستدامة في تخطيط المدن على أهمية الموازنة بين البعد الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي وهو ما يعني عدم تغليب الجانب الاقتصادي على الجانب البيئي أو الاجتماعي.

وفي الوقت ذاته إيجاد الخيارات المناسبة لكافة الشرائح الاجتماعية والاقتصادية لتصبح المدينة مكان عيش ملائم للجميع.

في الحقيقة، إن السعي الحثيث نحو استقطاب الشركات العالمية ليس هو المناص الوحيد للتحول نحو المدن العالمية؛ بل في استغلال الموارد المحلية والميز النسبية للمدن وتوظيفها بالشكل الأمثل في دعم القدرة الإنتاجية والمنافسة والتأثير العالمي ويشمل ذلك تطوير بنية الاتصالات المتقدمة، ومراكز الأبحاث والابتكارات، وصناعة الثقافة المحلية والفنون.

وهكذا، فالمدن العالمية قادرة على استقطاب المجتمعات متنوعة الثقافات بما تحمله من قوانين وتشريعات تكفل التنمية المستدامة والتعايش للجميع.

تجذب المدن العالمية الشركات عابرة للقارات والاستثمارات الأجنبية لما تتمتع به هذه المدن من بنية تحتية متطورة، وشبكة نقل، وخدمات لوجستية، وتشريعات مرنة وقوانين تحمي الاستثمارات.

وفي مقابل ذلك، تقدم الشركات العالمية فرص اقتصادية واعدة لاستقطاب الشباب وبرامج تدريب وتأهيل.

من الأهمية بمكان أن يترافق استقطاب الشركات العالمية بحزمة من التشريعات المحلية التي تؤكد على أن ينعكس هذا النشاط الاقتصادي بشكل إيجابي على البعد المحلي؛ بما في ذلك دعم الصناعة والإنتاج المحلي وخلق الفرص الوظيفية.

وعلاوة على ذلك، تضمن هذه الاشتراطات ألا تؤثر النشاطات الصناعية عابرة للقارات على المنتج المحلي ووضح اشتراطات تلزم توريد بعض المنتجات المحلية وتوفير الخيارات المتعددة دون إجبار العميل على استخدام منتج مستورد في حال توفر نفس المنتج في السوق المحلي؛ هذا الأمر ينطبق على جميع الشركات العالمية بما فيها قطاع الصناعات الغذائية أو حتى المطاعم العالمية.

أتفهم الاختلاف في الأذواق والنكهات ولكن المياه المعبئة تظل مياه شرب بلا طعم أو نكهة.

ختاما، أليس من الأولى على أقل تقدير تقديم الخيارات المتنوعة للعميل دون إجباره على شراء قارورة مياه مستوردة من جبال الألب؟

waleed_zm@