فهد عبدالله

البطل الحكيم

الأربعاء - 26 يونيو 2024

Wed - 26 Jun 2024


الحياة تعج بالأحداث ذات الطابع الإيجابي والسلبي، وهذه طبيعتها. والبطل الحكيم هو ذلك الذي يضع نفسه في إطار الإيجابية مهما كانت الظروف والأحوال.

وإن تعثرت حياته يوما ما أو أوشكت كل الطرق بأن تغلق، أو شعر بأن ذلك الابتهاج والإقدام في الحياة بدأ يتراجع أو يسلب، تجده يضع عددا لا نهائيا من المحاولات إلى أن تتدفق روحه من جديد بفيوضات الانتصار مع معارك الحزن والتشاؤم والأسى، لإيمانه العميق بطبيعة الحياة وتقلباتها، وطبيعة الإنسان السوية في تفاعله مع هذه التقلبات.

ولا يخلو إنسان، مهما كانت إحداثياته أو توافرت له جميع أسباب السعادة، إلا أنه سيجد في المنعطفات شيئا من حزن أو أسى أو حيرة، لا ينفك منها إلا بتوفيق الله ثم بالعمل بروشتة أقراص البنادول الموقتة التي تخفف الآلام في حينها، أو خلال صبغة السلام الدائمة التشكل التي تتواضع عند الإنجازات والانتصارات، وتصبر وتتعلم عند الإخفاقات والظروف السلبية المختلفة.

لذلك، كانت الاعتقادات الصحيحة العميقة وتشكلها في أعماق ووجدان الإنسان، هي الطريق المفعم بكل التفاعلات السليمة سواء مع الأحداث الإيجابية والسلبية، فيفهم حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكل طمأنينة واستيعاب: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له).

صاحبنا البطل الحكيم عرف أن الحياة هذه طبيعتها، وعرف أيضا قصر مداها الزمني، وعرف طبيعته الإنسانية التي تتردد بين ارتفاعاتها السماوية والأرضية، فأصبح ملازما لذلك الإدراك المتجدد حول هذه المعاني التي أصبحت تملي عليه إجابة سؤال: ما هو واجب اللحظة الصحيح الذي يجب أن أقوم به في جميع الأحداث المتقلبة؟ وفي الغالب وليس دائما سيهتدي للأجوبة الصحيحة لهذه الأسئلة، لأنه يقف على أرض صلبة ميدانها ذلك الإدراك المتجدد.

ستجده بسهولة يخرج من فخاخ الحياة المختلفة مهما كانت واتسعت، لأنه ببساطة جمع بين انصرافه لرؤية الأشياء الجوهرية والأفكار الكبيرة، وأيضا الفهم الواقعي والدقيق لدهاليز الحياة وسراديبها الضيقة، مغلفة بذلك الإدراك الذي يجمع بين الفأل والظن الحسن، وغير متجاهل بأنني لست بالخب ولا الخب يخدعني، كما تم التنويه بأنه صاحب إدراك متجدد يجمع بين الأصالة والامتياز والطيبة، كما أنه ليس بالساذج البسيط، وهذه هي البطولة الحكيمة.

معالم هذه البطولة الحكيمة تبتدئ وتنتهي بأن يدخل بسلام آمن في هذه الحياة الدنيا، بتصالح شامل مع الذات في إطار إدراك الطبيعة البشرية وطبيعة الحياة، متأملا وراجيا من الله بأن يكون ممن يقال فيهم الحياة الأخرى: (ادخلوها بسلام آمنين).


fahdabdullahz@