عبدالمعين عيد الأغا

أطفالنا والأكل والنوم بملازمة «الشاشات»

الثلاثاء - 25 يونيو 2024

Tue - 25 Jun 2024


ظاهرتان مرتبطان بأطفالنا الأعزاء الصغار واليافعين، واللتان أصبحتا من الظواهر اللافتة للنظر، وقد تتحمل الأسر جزءا كبيرا من مسؤولية انتشارهما، إذ تتمثل الظاهرتان في: تناول الأبناء لطعامهم وهم يشاهدون الشاشات، والأخرى الخلود إلى النوم برفقة الأجهزة.

لا شك أن تبعات الظاهرتين كبيرة وأبعادها الصحية خطيرة، فالانعكاسات قد تكون في الوقت القريب أو على المدى البعيد، فتناول الأطفال الطعام وهم يشاهدون الشاشات قد يعرضهم لزيادة الوزن، إذ إن الانتباه يتشتت عن متابعة الطعام وما يأكله الطفل إذا كان اهتمامه متوجها في مشاهدة الجهاز، فالشاشات بمحتواها تمنع الأكل الواعي، وبالتالي يقل الشعور بالشبع وقد يتعرض لزيادة الوزن، كما أن الطفل عندما يوجه اهتمامه نحو الشاشة فقد يكون عرضة لبعض الأعراض ومنها سوء الهضم بسبب عدم مضغه الأكل بشكل جيد، فعندما يكون التركيز نحو الأكل بحاستي النظر والتذوق فإن ذلك يسمح بإفراز اللعاب الذي يحتوي على إنزيمات هضمية، وبذلك فإن النتيجة لن تقتصر فقط على الوزن الزائد بل ستتعداها إلى مشاكل أخرى، كالشعور بالتخمة وتباطؤ عملية الأيض وحرق الدهون وعدم الرضا عن الوجبة واضطرابات الهضم.

أما المشكلة الواقعية الأخرى فهي اصطحاب الأطفال للأجهزة إلى غرف نومهم وملازمة السهر، فلا يغمضون أعينهم إلا عندما يشعرون بالاكتفاء من رؤية المقاطع وتصفح منصات التواصل الاجتماعي، وهذا بالطبع له مخاطر عديدة على الأطفال الصغار واليافعين تبدأ بالأرق الليلي، إذ إن استخدام الشاشة قبل النوم يعمل على تحفيز الأطفال وزيادة نشاطهم، كما أن الضوء الأزرق الناتج عن أجهزة التلفاز وشاشات الكمبيوتر والهواتف والأجهزة اللوحية قد يقلل من مستويات الميلاتونين، ويؤخر الشعور بالنعاس، بجانب التأثير الكبير على هرمون النمو المسؤول عن النمو الصحي للأطفال والبلوغ المناسب للطول وعدم التعرض لقصر القامة.

قبل أيام استوقفتني دراسة جديدة أجراها فريق بحث أمريكي ونشرها في دورية «بيدياتريك ريسيرش» وتداولتها وكالات الأنباء وأوضحت أنه من خلال اتباع بعض القواعد يمكن للآباء النجاح في تقليص الوقت الذي يقضيه أطفالهم أمام الشاشات في المنزل، إذ تم استطلاع رأي أكثر من عشرة آلاف طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عاما وأولياء أمورهم في الولايات المتحدة عن وتيرة استخدام هذه الوسائط، وفيما يستخدمونها.

وأظهرت النتائج أنه بالنسبة للأسر التي يتطلع أفرادها إلى الشاشات خلال أوقات تناول الطعام، كان استخدام الأطفال للهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والتلفزيون وأجهزة الكمبيوتر أعلى من المتوسط، وفي المقابل عندما حظر استخدام الشاشات خلال تناول الطعام وفي السرير، كان استخدام الأطفال للشاشات أقل بمعدل يزيد عن ساعة.

ويؤكد معدو الدراسة أن الاستخدام المتكرر للشاشات يمكن أن يؤدي إلى مشكلات جسدية ونفسية، مثل السمنة وصعوبات النوم، وكتب فريق البحث في الدراسة «إن وقت الشاشات قبل النوم يحل محل وقت النوم الضروري لصحة ونمو المراهقين الصغار».

وهنا ندرك حجم المشاكل الناتجة عن الظاهرتين على صحة الكثيرين من الأطفال الذين ابتعدوا عن واقعهم الاجتماعي وتعلقوا بالعالم الخيالي وجعلوا الأجهزة خير صديق لهم، مما يتطلب أن يكون دور الأسر حيويا وجادا وكبيرا نحو أبنائهم المدمنين للأجهزة، وقد أوصت جمعية طب الأطفال الأمريكية بتحديد عدد ساعات التعرض لوسائل التكنولوجيا للأطفال كل يوم، وبما لا تزيد على ساعتين للأطفال ما بين 5 - 18 سنة، وبالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 5 سنوات، يمكن استخدام الشاشة لمدة ساعة يوميا، أما الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 6 إلى 12 سنة، فيجب وضع حدود للوقت الذي يقضيه الطفل في هذا السن في استخدام الأجهزة الذكية وأنواعها، على أن تكون هذه المدة ساعتين فقط في اليوم، والتأكد من أنها لا تحل مكان الحصول على ساعات كافية من النوم.