زهير ياسين آل طه

الاتهام الضمني للذكاء مع الابتكار في الشورى

الخميس - 13 يونيو 2024

Thu - 13 Jun 2024


أنا لست مع ولا ضد تصريح وتبرير وزير التجارة أخيرا في مجلس الشورى، باتهام الابتكار سببا رئيسا لخروج المنشآت الصغيرة والمتوسطة من السوق، مع غيره من الأسباب الواضحة، كالمنافسة الشديدة وعدم مراعاة الميز التنافسية للمدن والمناطق، ولربما أضيف إليه الذكاء الاصطناعي ضمنيا، حتى تكتمل الصورة الابتكارية التي نحتاجها في مقارعة التنافسية والتحديات الشرسة، التي نعيشها في الثورة الصناعية الرابعة الرقمية الذكية.

ومع صعوبة وحساسية الأمر لدى المشرعين والعملاء من المطبقين للقرارات والتشريعات بكل جوانبها التنظيمية، من رسوم ومخالفات وضرائب، سأقف في الحياد موقتا، لأعطي رأيي الشخصي التخصصي في الابتكار دون غيره، من منظور عالمي أعيشه حاليا، وأشارك فيه مباشرة ممثلا المملكة بمسؤوليات وقيادات لفرق فنية مصغرة مع الخبراء العالميين، للإسهام في تأسيس نماذج ومواصفات عالمية للآيزو في الابتكار والذكاء الاصطناعي، المعنية بالمنظمات بكل تصنيفاتها، ومنها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبمشاركات غير مباشرة أيضا تقييمية لمواصفات الأعمال الصغيرة SBS الأوروبية، والتي أقيمت لها ورش عمل هجينة لكلا المواصفتين ISO/TC 279 WG3 و SBS، لـ3 أيام في نهاية مايو في بروكسل «بلجيكا» من 21-23 مايو 2024، والتي تمخضت عنها مقترحات متعددة ومهمة لمواصفات جديدة تكاملية للابتكار، وسأكون عضوا في بعض لجانها وفرقها الفنية التأسيسية، كمواصفة محافظ الابتكار تشمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأخرى لإدارة النظام البيئي للابتكار، وأيضا مواصفة متخصصة تعنى بإرشادات لإدارة الابتكار في المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة MSMEs.

وأرى من الضروري الإشارة والنصيحة من منظور وطني على من يُفترض أنهم صناع القرار الحاد الموثوق والمعنون علميا «Decision Acuity»، وللخبراء والاستشاريين ذوي الثقل التحصيلي العلمي والمادي في الوزارات وفي الهيئات المعنية بالنمو الاقتصادي المعرفي، بأخذ الأمور بترتيباتها العلمية والعملية والتطبيقية، والاسترشاد بنموذج تسلسل اتخاذ القرار العلمي «Sequential Decision Making». وتشمل التطبيقات والتقييمات والقياسات الابتكارية في داخلها أولا، ثم في خارجها، ممن يعدون بالعملاء، وذلك بعد تصديقه في دورة تطويرية دائرية الخطوات، قبل كيل التهم وتوجيهها باتجاهات تحتاج دراسات علمية وتحليلات متعمقة، يقاس فيها تفعيل الابتكار، ويقاس فيها أيضا الأثر من تطبيق القرارات على المنشآت المعنية، ومنها نوعية المخالفات والرسوم والمصاريف المنطقية، خلال مؤشرات وقياسات دقيقة بالذكاء الاصطناعي، إن أردتم ربط الابتكار والتأكيد من اتهامه في مجلس الشورى وفي غيره، لمحاسبته ومحاسبة تقصير الذكاء الاصطناعي أيضا وتطبيقاته، كونه نتاج ابتكاري وتوليدي مكمل ومسرع.

وإن إقحام الابتكار والذكاء الاصطناعي الضمني في معضلة تلاشي كثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة ليس بالخطأ وليس بالصواب أيضا، بل من العدالة طرق أبواب أقرب الهيئات التي تعد مسؤولة عن اقتصاد المعرفة، للفحص والتقييم والتحقق والمساءلة في دعمهم المنشآت بكل الوسائل والسبل الحديثة التوجيهية والإرشادية، وحتى الرقابية والتنبيهية المتكررة خلال برمجة الذكاء الاصطناعي، لتحميلهم جزءا من المعضلة للمنشآت المتعثرة أو الكامنة نحو التعثر والضمور التدريجي، ومحاسبة المتسببين إن كانوا يعلمون، أو أنهم قد أغفلوا قياس الجوانب التأثيرية من منطلق الذكاء الاستراتيجي، أو ستنتفي المحاسبة إن كانوا لا يزالون في طور التطوير المستمر والابتكار إداريا غير المستقر، نظير حداثة تأسيسهم بالتوازي مع اندراج المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السوق بشكل موسع، وتأثير جائحة وباء كورونا في فترة عصيبة مرت على الجميع في العالم، والتي أثقلت كاهل المنشآت الصغيرة والمتوسطة دون رحمة، مع الأسباب الآنفة الذكر التي يعلمها الجميع.

باختصار، الهيئات الأعلى مسؤولة عن الابتكار والذكاء الاصطناعي، وبنسب متغيرة، وهي حديثة التأسيس بدون مواربة: منشآت، وتنمية البحث والتطوير والابتكار، وسدايا، كلهم ليس لديهم فكرة متعمقة عن نظام الابتكار ISO/TC 279، عدا بعض ما أثيره وأناقشه معهم بالتواصل معي شخصيا، أو خلال المقالات السابقة، أو مشاركات خاصة في مؤتمرات سابقة معهم، عن ضرورة تطبيق ما جاء في مواصفة إدارة نظام الابتكار ISO56001/2، وعن قياس عمليات الابتكار ISO56008 التي تم نشرها أخيرا، ولا يعلمون شيئا عما يدور في مواصفة ISO56009 الحديثة التأسيس، والمشارك فيها بنموذج قياس عمليات التنظيمات الاجتماعية غير الربحية، وستحوي أمثلة ونماذج أخرى متنوعة عن قياس عمليات الابتكار لمختلف التنظيمات الكبيرة والحكومية والتكنولوجية والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

والمعرفة في سياسات وأنظمة ومواصفات الابتكار وتطوره والطلب في اقتنائها وتطبيقها، هو أمر يستدعي الاهتمام وسرعة الانتباه من كل الوزارات والهيئات، بطلب استشارات وعمل ورش توضيحية كثيرة لمنتسبيهم من أعلى الهرم لأسفله، قبل التوجه للتطبيق، وأيضا الاسترشاد بما يستجد في مواصفات الأعمال الصغيرة الأوروبية SBS، والاستعداد قبل السباق المحتوم في التنافسية العالمية التي أستشعرها في المناقشات من بعض خبراء 77 دولة، المشاركين مباشرة في التأسيس، والتي سيكون للذكاء الاصطناعي موقع مهم في برمجة تشغيل المواصفات.

و(سدايا)، مشكورة بجهودها وتميزها العالمي، قد أصدرت حديثا دليل 100+ أداة ذكاء اصطناعي لزيادة إنتاجية الأعمال، والدليل مقسم إلى 12 فصلا، وفي كل فصل استعراض 10 أدوات، والفصول تدعم قطاعات وتخصصات كثيرة، تسهم في التسريع الإنتاجي لكل تخصص شمله الدليل.

المحصلة النهائية لوقوفي في الحياد، كما أشرت في البداية، وبعد التحليلات المبسطة لوضع الابتكار والذكاء الاصطناعي الضمني في قفص الاتهام تحت قبة الشورى، هو البراءة أو وقف التنفيذ للمحاسبة لكلا المتهمين موقتا، وعليه يفترض توجيه أصابع الاتهام لغيرهما في هذه المرحلة، ولا يعني براءة تامة لهما، بل وقف تنفيذ مشروط بالرجوع إليهما، بعد تطبيق منظومة الابتكار وتقييمها التقييم الشامل لكل مواصفاتها، والتي تتلهف الدول المبتكرة للولوج في بحر هذه المنظومة، التي تملك كثيرا من المواصفات المتفردة والأولى عالميا من نوعها.


zuhairaltaha@