سودانيون يهربون من الحرب إلى الموت

50 شخصا ماتوا عطشا وجوعا في الطريق الصحراوي أثناء رحلة الهروب
50 شخصا ماتوا عطشا وجوعا في الطريق الصحراوي أثناء رحلة الهروب

الأربعاء - 12 يونيو 2024

Wed - 12 Jun 2024

هرب سودانيون من الحرب المجنونة التي تجتاح بلادهم منذ عام وأشهر عدة، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ليجدوا أنفسهم في صحراء قاحلة وظروف صعبة، يواجهون فيها الجوع والعطش والموت.

قصة جديدة من المعاناة يعيشها من يحاولون الوصول إلى مصر والدول المجاورة عن طريق التهريب، بعد تعذر حصولهم على تأشيرات دخول رسمية.

وكشف تقرير لقناة «الحرة» الأمريكية أن الوصول إلى الدول المجاورة بالنسبة للسودانيين لم يعد سهلا، إذ يتعذر على كثيرين الحصول على تأشيرة الدخول مع تزايد أعداد الفارين بصورة غير مسبوقة، ومع تصاعد حدة المعارك.

وأعلن قنصل السودان في أسوان، عبد القادر عبد الله، وفاة عدد من السودانيين بعد إصابتهم بضربات الشمس، وبعد تعرضهم للعطش، حينما كانوا في طريقهم إلى مصر بطرق غير قانونية.

وجهة مفضلة
تعد مصر وجهة مفضلة لكثير من الهاربين من جحيم الحرب، لكن أدت صعوبة الحصول على تأشيرة الدخول الرسمية، إلى اتجاه أعداد من السودانيين إلى خيار السفر عبر التهريب برا، للوصول إلى الأراضي المصرية، وسط تحذيرات من مخاطر عدة تواجه سالكي هذا الخيار، وفقا للتقرير.
ويتوقع مراقبون أن يقترب عدد الذين وصلوا مصر منذ بداية الحرب وحتى الآن، أكثر من 750 ألف شخص، ففي نوفمبر الماضي «قبل 7 أشهر»، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن عدد السودانيين الذين وصلوا إلى مصر منذ اندلاع الحرب، بلغ أكثر من 317 ألف لاجئ. وقالت المفوضية، إن أكثر من 100 ألف شخص آخرين تواصوا مع مكاتب التسجيل التابعة لها في القاهرة والإسكندرية، طلبا لخدماتها.

رحلة الموت
تزايدت رحلات تهريب السودانيين إلى مصر أخيرا، مع ارتفاع التحذيرات من جهات حكومية سودانية ومن ناشطين، عن مخاطر تواجه سالكي هذا الخيار. ونقلت وكالة السودان للأنباء عن عبد الله قوله، إن «مستشفيات مصرية استقبلت جثامين عدد من السودانيين قضوا بالعطش، وبضربات الشمس، وبالحوادث المروية»، محذرا من استخدام الطرق غير القانونية للدخول والخروج من مصر. في المقابل، تداول ناشطون مقطع فيديو يظهر عددا من السودانيين يعانون حالة من العطش، بعد أن تعطلت المركبة التي كانت تقلهم إلى مصر، بينما قضى بعضهم.

مشرحة الموتى
تداول النشطاء مقطع فيديو آخر لعدد من جثامين سودانيين قضوا أثناء رحلتهم بالتهريب، في مشرحة أسوان، بينما ذكر متحدث في مقطع الفيديو أن عدد الجثامين بلغ 45 جثمانا.
وذكرت صحف ومواقع إخبارية سودانية، بينها موقع «سودان بلس» وصحيفة «السوداني»، أن ما لا يقل عن 50 سودانيا لقوا مصرعهم أثناء عبورهم إلى مصر، برا عبر التهريب.

ضحايا الحرب في السودان
  • 750 ألفا ذهبوا إلى مصر
  • 10 ملايين نازح
  • 40 ألف مصاب
  • 14 ألف قتيل
  • 3 ملايين فار للخارج


ملاحقة الحرب
قال حضرة إن «ملايين السودانيين نزحوا إلى ولايات مثل الجزيرة وسنار وغيرها، ولكن الحرب لاحقتهم هناك، ومن لم تهدده المواجهات المباشرة بين الطرفين، فإنه بات في مرمى الطائرات المسيرة».
ويتفق حضرة مع الطيب، على أن المخاطر لا تتوقف عند خطورة الطريق الصحراوي، مشيرا إلى أن الدخول إلى مصر، وأي بلد آخر، دون تأشيرة رسمية، يعرض الشخص للمساءلة القانونية.
ولفت إلى أن توفيق الأوضاع بالنسبة للذين دخلوا إلى مصر بالتهريب، رهين بموافقة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، منوها إلى أن «إجراءات المفوضية بطيئة جدا، وتحتاج إلى مدة طويلة، قد تمتد إلى 8 أشهر، أو أكثر».
وأضاف بأنه «خلال فترة انتظار توفيق الأوضاع، من الممكن أن يواجه الشخص الذي وصل إلى مصر عبر التهريب، عقوبة السجن والغرامة، والترحيل».

تزايد الضحايا
كشف الخبير القانوني عن «شكوى تقدم بها عدد من المحامين والقانونيين السودانيين إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف، بسبب بطء الإجراءات في فرع المفوضية بمصر، مقارنة مع فروعها في أوغندا وكينيا، حيث لجأ عدد من السودانيين».
وأضاف، «ما يأسف له المرء، أن عمليات التهريب مستمرة من السودان إلى مصر، ونخشى أن يتصاعد عدد الضحايا، وأن يجد السودانيون أنفسهم يفرون من الموت إلى الموت».
وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما دفعت سكانه إلى حافة المجاعة، وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص، بينهم 3 ملايين خارجيا، ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخليا، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة، نزحوا من ديارهم.

تربص الموت
ناشد الطيب السودانيين تجنب الوصول إلى مصر عبر التهريب، مشيرا إلى أن مخاطر هذا المسلك كبيرة، ولا تتوقف عند تربص الموت والصحراء بهم، إذ إن «الوصول إلى مصر بغير الطرق الرسمية، يضع الشخص في خانة المخالفة القانونية، ما لم يقم بتوفيق أوضاعه في مفوضية اللاجئين».
وعلى إثر الأخبار التي تتحدث عن مصرع عشرات السودانيين، أطلق ناشطون حملة في موقع التواصل الاجتماعي، تدعو السودانيين لعدم السفر عبر التهريب، «لما في ذلك من مخاطر كبيرة».
بدوره، أرجع الخبير القانوني السوداني، معز حضرة، تزايد أعداد السودانيين الهاربين إلى مصر، إلى تمدد رقعة القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى ولايات أخرى كانت خارج دائرة الصراع.

ضربات شمس
أضاف الطيب أن معظم المركبات التي تعمل في تهريب السودانيين ليست مسقوفة، إذ يتم وضع الركاب في الأحواض الخلفية المفتوحة، مما يعرضهم لحرارة الشمس التي تسجل معدلات مرتفعة حاليا في مصر. ولفت الناشط المجتمعي المقيم في مصر منذ سنوات، إلى أنه حضر إلى أسوان ضمن مبادرة «عشانكم» (من أجلكم)، للمساعدة في تقديم العون للضحايا وذويهم، ضمن مشروع المبادرة التي تنشط منذ شهور لمساعدة الذين أجبرتهم حرب السودان على الفرار إلى مصر.
وأكد وفاة ما لا يقل عن 20 شخصا من جراء ضربات الشمس والحوادث المرورية والعطش، متوقعا زيادة حصيلة الضحايا «مع إصرار كثيرين على انتهاج طريق التهريب للوصول إلى مصر».